في الوقت الذي يرهق فيه العلماء أنفسهم في البحث العلمي ويبذلون الوقت والجهد والمال من أجل الوصول الى إكتشافات حديثة، ينسب كثير من اشباه العلماء لأنفسهم اكتشافات علمية فائقة، ويعرضون نتائج علمية مزعومة يبالغون باهميتها خصوصا تلك الادعاءات التي تهم حياة وصحة الانسان كالادوية وعلاجات الامراض المستعصية. والمشكلة لا تكمن في ادعاء ملكية مثل هذه الاكتشافات المزعومة والتي غالباً يتلاشى صداها وتهمل بمرور الزمن، وانما في تصديق عامة الناس ومسؤولي الدولة وحتى بعض الأكاديميين والباحثين واستعدادهم لقبول اي ادعاء على انه عين الحقيقة. وما يزيد الطين بلة هو الاعتقاد بأننا نملك اكتشافات واختراعات كثيرة، إلا انها لا ترى النور بسبب الروتين وعدم اهتمام الدولة، وهو ما اكده وزير مصري سابق للبحث العلمي في احدى الندوات حيث ذكر بأنه “لو فتحت ادراج اكاديمية البحث العلمي لأفكار ومخترعات المخترعين المصريين لبنينا هرما جديدا مثل هرم خوفو”.
ويبدو اننا نعيش في عصر سابق، فمعظمنا لا يزال يهتم بأمور عفا عليها الزمن، أمور تجاوزها العالم المتقدم بمئات السنين. امور كما تبدو قد الهتنا عن البحث العلمي الحقيقي، والذي يعزى له كل تقدم علمي وتكنولوجي، وافقدنا ذلك الهوس بالماضي القدرة على التفريق بين العلم والوهم وبين الحقيقة والكذب. تصاب بالذهول عند الاطلاع على إحصائيات البحث العلمي والانتاج الفكري حيث تتعرف على مدى ضعف القاعدة العلمية والتكنولوجية فعلى سبيل المثال بلغت في عام 2008 اختراعات اليابان 28744 ، واسرائيل 1882، بينما بلغت اختراعات كل الدول العربية مجتمعة 173، وبأن اسرائيل تنفق ما مقداره 4.7% من انتاجها القومي على البحث العلمي بينما تنفق الدول العربية بين 0.2%- 0.6% من الدخل القومي على البحث العلمي، والمعدل المالي للتكلفة السنوية لطالب التعليم العالي تبلغ حوالي 700 دولار، بينما تصل التكلفة في اعلى خمسة بلدان الى اكثر من 10000 دولار، ولم يبلغ حجم الانتاج العلمي في العالم العربي الا حوالي 0.6% فقط من الانتاج العالمي بينما تبلغ نسبة السكان 4.7% من مجموع سكان العالم. ويظهر ان معدل ما يخصصه العربي للقراءة هو 10 دقائق سنويا في مقابل 36 ساعة للشخص الغربي وان كل 20 عربي يقرأون كتابا واحداً بينما يقرأ كل اوربي 35 كتابا في العام. وتشير الاحصائيات الى أن عدد اجهزة الحاسوب لكل ألف شخص في العالم العربي هو 18 مقارنة بالمعدل العالمي 78. ان هذه الارقام مخيفة وتشير الى درجة هائلة من التخلف ولابد لها من اسباب موضوعية قد تعود في جذورها الى طبيعة المجتمع العربي. وهذه الاسباب بدورها ادت الى نتائج ساهمت في عرقلة التطور العلمي والتكنولوجي، ومنها الامية والفساد السياسي والقمع والتهميش وافتقار الحريات وتكبيل العقول وقتل حوافز الابداع وقلة التخصيصات المالية والإنفاق وضعف المناهج وقدرات المدرسين وسيادة العقلية التلقينية القائمة على الحفظ والاجترار.
وفي ظل هذا التخلف المعرفي تقرأ عن ادعاءات بعض العلماء العرب باكتشافات خارقة من مثل اكتشاف دواء للسرطان متناسين حقيقة الجهود الجبارة التي يبذلها علماء العالم في سبيل اكتشاف دواء جديد والأموال والفترة اللازمة للتوصل الى انجاز علاجي يستطيع به الاطباء من انقاذ حياة الانسان، فهل حقا يمكن للواقع العلمي العربي في ظل العقلية الاجتماعية والثقافية السائدة من اكتشاف دواء للسرطان؟
الفترة الزمنية منذ اكتشاف دواء محتمل الى وصوله الى الصيدليات او المستشفيات ووضعه تحت يد الاطباء تستغرق من 10 الى 15 سنة. تصور ان الادوية الجديدة التي توفرت خلال الخمسة سنوات الماضية كانت في اوائل التسعينات من القرن الماضي في بداية مراحل اكتشافها. لقد اصبحنا اليوم اكثر امكانية من اي وقت في الماضي لاكتشاف ادوية جديدة فعالة حيث تزداد معلوماتنا العلمية عن جوهر الامراض وتتوفر الاجهزة والأدوات والطرق المجهرية الدقيقة لمعرفة الاساس الجزيئي لنشوء الامراض. ويقدر متوسط تكلفة البحث والتطوير لكل دواء ناجح بمقدار مليار الى 5 مليار دولار ويشمل هذا المبلغ تكلفة فشل معدل من 5000 الى 10000 مركب اخر لم يتمكن الباحثون من اثبات تأثيره الايجابي خلال عملية البحث والتطوير، وهذا الرقم يمثل المركبات الكيميائية التي فشلت في نهاية المطاف في حصول الموافقة الدولية كأدوية ناجعة. هذه الارقام تتحدى الخيال، ولكن فهم اعمق لعملية البحث والتطوير يمكن ان تفسر لنا لماذا تفشل هذه المركبات الكيمياوية والمواد البيولوجية في ان تصبح ادوية وعلاجات، ولماذا يستغرق هذا الوقت الطويل لكي تتم الموافقة عليها من قبل المؤسسات الصحية الدولية.
النجاح يتطلب موارد هائلة – افضل العقول العلمية، والتكنولوجيا المتطورة، وإدارة المشاريع البحثية والانتاجية المعقدة. كما يتطلب النجاح التصميم والإصرار على قهر المعوقات وإزالة العقبات من قبل الباحثين في سبيل الوصول الى تحقيق اهدافهم. قد لا تتوفر كل هذه المتطلبات للباحثين وقد يؤدي تغير سياسة الجامعة او معهد البحث او مؤسسات تمويل البحوث، او عدم اهتمام شركات انتاج الادوية بالمركب الى نهاية المطاف لمسيرة البحث والتطوير والإنتاج. لذا فان مجرد اعلان الباحث العلمي اليوم عن اكتشافه لدواء لمرض ما لا يعني إلا مجرد احتمال صغير جدا عن ان اكتشافه قد يصبح دواء في خلال الخمسة عشر سنة القادمة، هذا طبعا اذا توفرت الاموال اللازمة لإجراء بحوث التأكد من فعالية المركب الكيمياوي، او المادة البيولوجية ودخولها في مسلسل الفحوصات الحيوانية والبشرية الذي لا ينتهي للتأكد من امانة وسلامة الدواء. وقد خضت شخصيا هذه التجربة ففي منتصف التسعينات من القرن الماضي اكتشفنا مركب كيمياوي له خصائص مضادة للسرطان وبعد اجراء دراسات عديدة عليه نشرت في الادبيات العلمية تم التأكد من فعاليته الا اننا لم نستطع الاستمرار في تحديد خصائص المركب وفعاليته في الحيوان والانسان لاسباب معيقة تتعلق بالتمويل اوصلتنا الى طريق مسدود.
مراحل اكتشاف دواء جديد
قبل اكتشاف أي مادة جديدة من المحتمل ان تصبح دواءً، يعمل العلماء على فك اسرار المرض وفهم طبيعته، وإلى كشف الاسباب الكامنة وراء ظهور اعراضه. إنها في البداية محاولات لفهم عمل الجينات وكيفية تغييرها، وكيف يؤثر ذلك على البروتينات وكيفية تفاعل تلك البروتينات مع بعضها البعض في الخلايا الحية، وكيف تؤثر تلك التغيرات على الخلايا والأنسجة، وأخيرا كيف يؤثر المرض على المريض. هذه المعرفة تشكل الأساس لغرض البدء بمعالجة المشكلة علميا. ويسهم الباحثون من الجامعات والأوساط الأكاديمية والصناعة جميعا في اغناء قاعدة المعارف هذه. ومع ذلك، حتى مع أدوات ورؤى جديدة، يحتاج البحث في هذه المجالات إلى سنوات عديدة من العمل المثابر، وغالبا ما يؤدي إلى طريق مسدود ومحبط. وحتى لو كان البحث ناجحا، فان سنوات عديدة اخرى من العمل تتطلب لتحويل هذا الفهم الأساسي لأسباب المرض الى علاج جديد.
حالما يتوفر لدينا ما يكفي من الفهم للسبب الكامن وراء المرض يبدأ الباحثون بتحديد “هدف” لدواء جديد محتمل. والهدف عموما هو مركب خلوي واحد، مثل احد الجينات أو البروتينات، التي تشارك في مرض معين. بعد اختيار هدف محتمل، يجب على العلماء التأكد من ان هذا الهدف يشارك فعلا في احداث المرض. التحقق من صحة الهدف أمر بالغ الأهمية لمساعدة العلماء تجنب مسارات البحوث التي تبدو واعدة وتبشر بالنجاح، ولكن تؤدي في النهاية إلى طريق مسدود. بعد ذلك، ومن خلال تجارب معقدة في الخلايا الحية والنماذج الحيوانية للمرض، يتأكد الباحثون بصورة اعمق أن الهدف قيد الدراسة هو ذا صلة حقيقية بالمرض.
يبدأ العلماء بالبحث عن دواء، مسلحين بفهمهم للمرض وبمعرفتهم عن الاسباب. يبدأ البحث عن ما يسمى”مركب رئيسي”، وهو ما يمكنه من تحقيق هدفهم في تغيير مسار المرض او القضاء عليه. في حال احراز النجاح بعد سنوات من التجارب يمكن للمركب الرئيسي ان يصبح في نهاية المطاف دواءً جديداً. وهناك عدد قليل من الطرق للعثور على المركب الرئيسي منها تبحث في الطبيعة حيث توجد مركبات مثيرة للاهتمام مثلها مثل المضاد الحيوي البنسلين الذي يفرزه احد انواع فطريات التعفن، وهناك ايضا طرق كيمياوية تعتمد على بناء جزيئات جديدة بأعداد هائلة يتم اختبارها بطرق سريعة للغاية. والطريقة الاخرى هي باستخدام اساليب الهندسة الوراثية لإنتاج جزيئات بيولوجية مكافحة للمرض. ولقد اثبتت الكائنات البيولوجية كالبكتريا والنباتات والكائنات البحرية انها كنوز كيمياوية لأدوية وعلاجات، ولتوفرها وسهولة الحصول عليها اهتمت بها الدول والشركات فأسست لها معاهد بحثية خاصة تفحص وتدرس ملايين من المركبات الطبيعية بطرق تكنولوجية فائقة السرعة لانتقاء تلك المركبات الرئيسية النادرة ذات الفائدة العلاجية والتي ستخضع لاحقا الى دراسات وتجارب واسعة ضمن برامج خاصة لفحص احتمالات نجاحها كأدوية فعالة.
تدخل المركبات الرئيسية في سلسلة من الاختبارات الاولية في الحيوانات لتوفير تقييم مبكر عن سلامتها عن طريق فحص امتصاصها في الدورة الدموية وتواجدها عند مكان المرض في الجسم ودرجة أيضها وسموميتها. بعدها تدخل افضل المركبات الرئيسة في مرحلة تطويرها لتصبح افضل وأكثر فعالية وكذلك لتقليل احتمال حدوث اثار جانبية عند استخدامها كدواء عن طريق تغير التركيب الكيمياوي، ويتم في هذه المرحلة البدء بالتفكير بكيفية صناعة الدواء وآلية اخذ الدواء سواء عن طريق الفم او الحقن او الاستشاق.
ومع وجود واحد أو أكثر المركبات الأمثل في متناول اليد يتحول اهتمام الباحثين إلى اختبارها على نطاق واسع لتحديد ما إذا كان ينبغي الانتقال الى إجراء تجارب على البشر. خلال هذه المرحلة يحاول الباحثون أيضا التعرف على كيفية انتاج كميات كبيرة من الدواء وبما فيه الكفاية للتجارب السريرية. وبعد عدة سنوات من العمل المكثف تختتم مرحلة الاكتشاف حيث تكون قد شملت ما يقرب من 5000 إلى 10000 من المركبات، ولتبدأ مرحلة الدراسات السريرية التي تستغرق عدة سنوات اخرى، وتكون بإشراف مؤسسات الرقابة على الادوية مثل الادارة الفدرالية للعقاقير في امريكا. وبعد اثبات نجاح العقار ومعرفة سلامته على الانسان يتم منح رخصة انتاجه بصورة تجارية ليصل بعدها الى الصيدليات ويوضع تحت تصرف الاطباء. وتكمن الصعوبة في ايجاد مركب فعال يصلح كدواء هو ضرورة ان يكون الدواء الجديد افضل من الادوية الموجودة في السوق وان يكون سليما لا يؤدي الى اعراض جانبية خطيرة. وبالرغم من الاحتمالية الضئيلة لنجاح دواء معين الا ان هناك دوافع شخصية تدفع نحو الاستمرار في التجارب والفحوصات لإثبات اهمية عقار منها الرغبة الجامحة عند العلماء في الاكتشاف واخذ السبق، بالإضافة الى دوافع مالية نتيجة رغبة المستثمر وأمله في تحقيق ارباح في حالة نجاح الدواء.
يبلغ عدد العلماء والتقنيين والمنتجين وغيرهم من الذين يساهمون في اكتشاف الدواء وإنتاجه الى عدة آلاف من مختلف الاختصاصات العلمية والتكنولوجية وفي فروع مهمة كالبيولوجيا والوراثة والكيمياء الحيوية والصيدلة والطب والكمبيوتر. من هذا نستنتج ان اكتشاف وتطوير أدوية جديدة هي عملية معقدة وطويلة، ويبنى كل نجاح على العديد والعديد من الإخفاقات السابقة. كما ان التقدم في فهم البيولوجيا البشرية وطبيعة الامراض يفتح آفاقا جديدة مثيرة لاكتشاف ادوية جديدة. وفي نفس الوقت، يواجه الباحثون تحديات كبيرة في فهم وتطبيق هذه التطورات لعلاج الامراض إلا ان احتمالات اكتشاف ادوية جديدة تنمو وتزداد مع نمو المعرفة العلمية لدينا.
وباختصار، الاكتشاف عملية طويلة ومعقدة تبدأ بالبحث عن مركب من اصل بيولوجي او كيمياوي كمرشح ليكون دواءا وتستمر باجراء اختبارات عليه لغرض تحسينه عن طريق تغيير هيكليته ثم اجراء اختبارات اخرى على نطاق واسع في المختبرات وباستخدام النماذج الحيوانية للتأكد من سلامة وفعالية المركب الجديد. المرحلة الاخرى هي مرحلة التطوير والتي تبدأ بالحصول على موافقة السلطات الصحية لاختبار الدواء على البشر ومعرفة فيما اذا كان الدواء آمن وفعال وعلى ثلاثة مراحل تبدأ بفحص مجموعة صغيرة من المتطوعين الاصحاء وتنتقل الى مجموعات اكبر من المرضى. وتأخذ مرحلة التطوير هذه فترة من 5 الى 7 سنوات. ويتم مراجعة وفحص الآف النتائج والمعلومات التي جمعت من خلال التجارب والفحوص السريرية على الاشخاص الاصحاء والمرضى من قبل السلطات الصحية المسؤولة على مراقبة انتاج الادوية ولكي يتم بعدها وضع الطرق الصناعية اللازمة لإنتاج الدواء بفعالية وبكميات كبيرة، وتستغرق هذه المرحلة من سنة الى سنتين. ويتم متابعة نتائج تأثير الدواء على المرضى لفترة طويلة لمعرفة اي عوارض جانبية خطيرة قد تظهر على المرضى. وقد يثبت الدواء عديم الفائدة او له اعراض جانبية خطرة او لكونه مركب غير مستقر في اي مرحلة من هذه المراحل فيتم الاستغناء عنه لتذهب ادراج الرياح كل الجهود المبذولة والاموال الهائلة التي خصصت لاكتشافه وتطويره وانتاجه.
ماذا يا ترى سيكون رأي القارئ بعد هذا الشرح الموجز لعملية اكتشاف وانتاج الادوية الجديدة حول امكانية انتاج دواء جديد للسرطان باكتشاف عربي خلال الخمس او العشر سنوات القادمة وفي ظل الظروف الحالية للمؤسسات العلمية العربية. لا اعتقد ان رأيه سيكون ايجابيا حول احتمالية حصول مثل هذا الاكتشاف، مع هذا اتمنى ان تؤدي هذه المساهمة الى نقاشات هادفة في الاوساط العلمية العربية لأجل تشخيص الخلل في المنظومة العلمية والتكنولوجية العربية وتحديد الوسائل لاستنهاض القدرات العلمية العربية وبناء الكفاءات في العلوم الرائدة. ولربما من اهم الاجراءات التي على الدول العربية القيام بها في هذا المجال هو زيادة الانفاق على البحث العلمي وتشجيع الابتكار والاكتشاف عن طريق توطين وانتاج المعرفة العلمية في مراكز علمية كبيرة مشتركة تضم افضل العقول العلمية العربية وتلك التي يمكن جلبها من المراكز البحثية العالمية. وبالرغم من اهمية هذه الاجراءات وغيرها من تلك التي تتضمنها إستراتيجيات التنمية العلمية العربية لكني اتوخى الحذر من النتائج ولذلك لابد لي من التأكيد على ان كل تطوير مستقبلي في مستويات البحث العلمي العربي سيعتمد على تحقيق مهمة اوسع تتطلب دراسة عميقة لاسباب الوضع المتدني لنوعية التعليم وضعف الطالب والمدرس. وما يقلقني هو عدم الاهتمام ببناء القدرات والمهارات في الطالب، واستمرار المؤسسات التعليمية في ترسيخ ثقافة الماضي في عقول الطلاب، وفي تعليمهم ثقافة تخاف الحاضر ولا تهتم باعادة تكوين العقل العربي لكي يستوعب التحولات العلمية والتكنولوجية والثقافية الكبيرة التي تجري في العالم ويقدّر حجم تأثيراتها، ويصبح البحث العلمي جزءاً لا يتجزأ من بيئته، ويتخلص من الاوهام وعدم الهروب الى الماضي عند مواجهته لمشاكل العصر. واعادة تكوين العقل العربي يتطلب حدوث ثورة علمية وهي على حد قول الاستاذ د. احمد ابو زيد عالم الانثربولوجيا العربي (تتطلب حدوث انقلاب شامل وتغيير جذري في أساليب التفكير وأنماط الحياة وأنساق القيم وطرائق التعامل مع وقائع الحياة، بحيث تتوارى الخرافات والأوهام التي تملأ عقول الناس وتوجه سلوكهم اليومي وتقدم لهم تفسيرات جاهزة وخاطئة لكثير من الأمور، التي تحتاج إلى التفكير العقلاني العميق، والذي يستند إلى أدلة وشواهد محسوسة أو مقبولة عقلاً. وبقول آخر، فإن الثورة العلمية لن تتحقق على الوجه الأكمل إلا حين يصبح التفكير العلمي (ثقافة) سائدة في المجتمع العربي بكل فئاته وقطاعاته). عند هذا سنكون واثقين من اننا سنساهم مساهمة فعالة في تطوير العلم ونشارك العالم في اكتشافاته الطبية والعلمية وتقدمه التكنولوجي.