17 نوفمبر، 2024 7:46 م
Search
Close this search box.

هل يمكن تكرار التجربة المصرية في العراق ؟

هل يمكن تكرار التجربة المصرية في العراق ؟

منذ عزل او الاطاحة او الانقلاب على الرئيس الاخواني محمد مرسي في مصر وانا الاحظ العراقيين سواء في الجرائد والصحف او في وسائل الاتصال الاجتماعي الحديث-فيس بوك. يوتيوب. تويتر- ينقسمون الى قسمين. الاغلب الاعم هو مع التغيير وازالة الاسلام السياسي عن السلطة بغض النظر عن الطريقة ولكن في هذا ما يدغدغ احلامهم والاقلية هم ضد ما حدث بحجة انه غير شرعي ولكنهم لا يخفون اعجابهم بالشعب المصري وقدرته على التغيير والتصحيح. وكلا الفريقين يعود ليقارن الوضع المصري بالعراقي ومن ثم يبدأ بالحديث بسلبية عن الشعب والنظام السياسي في العراق .وذلك ما اثار تساؤلا في داخلي مفاده هل المقارنه جائزة ام لا ؟ولماذا؟ فوجدت انه ربما من النافع تحليل التشابه والاختلاف بين البلدين.
هنالك جملة من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تجعل من تكرار التجربة المصرية في العراق امرا شبه مستحيل وساحاول المرور ولو بشكل مختصر على تلك العوامل .فبنية المجتمع المصري في الاساس تختلف عن نظيرة في العراق والمسافة التي تفصل المواطن المصري عن الدولة هي اقصر بكثير من نظيرتها العراقية فلو مثنا ارتابط المواطن بالدولة بعدة دوائر او نقاط لتضح لنا الاتي ان الدائرة الاولى للمصري تتمثل بالعائلة الصغيرة ومن ثم تليها دائرة اخرى (هشه وغير قويه)تتمثل في المناطقية ومن ثم الدائرة التي تربط المواطن بالدولة مباشره .في العراق تكون الدائرة الاولى هي العائلة ومن ثم العائلة الاكبر والمتمثلة بالعشيرة وننتقل الى دائرة المذهب والطائفة وبعد ذلك توجد الدائرة المناطقية (تمثل علاقة المواطن بالمحافضة او المنطقة التي يعيش بها وهي هشه قياسا بالدوائر الاخرى)واخيرا الدائرة التي تربطه بالوطن .ولو اخذنا مثال بسيط ففي حالة وجود مشكلة يتعرض لها اي انسان في مصر فان لم تحل على نطاق الدوائر البسيطة الاولى فهو يلجأ وبشكل مباشر الى الدولة بينما لا يضع العراقي الدولة الا في المقام الاخير للحلول اذا العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن هو مختلف في الاساس .
يتكون الشعب المصري في غالبيته العظمى من طائفه واحده مع وجود اقليات اخرى تاثرها اقل على الساحة السياسية .يتكون العراق من مجتمعات متعددة تختلف في الماضي والحاظر ولديها وجهات نظر مختلفة في المستقبل وهذا ما يجعل عامل الريبة والتخوف من الاخر عائقا اخر بوجه التغيير المنشود.لحركات المجتمع المدني تاريخ في مصر وهي ليست وليدة البارحة ولها تاثيرها الاجتماعي .هامش الحرية التي عاشها المصريون في العهود السابقة اثر على بنية المجتمع بينما وقع العراق بواحده من اسوء الدكتاتوريات في العالم .اكثر من نصف سكان العراق من النساء والحروب وعامل الهجرة وعوامل اخرى زادت من الفارق وهذه الاغلبية ليس لها اي تاثير وهي اغلبيه صامته وعاطلة ومعطلة في ذات الوقت فكل الحديث هنا على اقل من نصف شعب هو من يملك زمام المبادة والتغيير والمقصود الذكور طبعا باعتبارنا مجتمع ذكوري وبامتياز على خلاف المجتمعات العربية الاخرى فحتى اليمن الذي تجذرت به العشائرية وهو اصلها ايظا للنساء دور كبير وفاعل في الثورة اليمنية ناهيك عن المصرية .تعديل مسار الثورة ساهم به وبشكل فعال اعلام وطني موجه واعلاميين بذلوا قصار الجهد من اجل التصحيح وبطرق مختلفة وعلى رئسهم باسم يوسف واخرون .اعلامنا في العراق موجه ولكن باتجاه زرع الفتنه والتفرقة وبث السموم وتفتيت النسيج الاجتماعي ونفتقر الى الاعلاميين الذين يتمتعون بموهبه حقيقية فحتى في العمل الاعلامي تتدخل المحسوبية والمنسوبية .ضعف ورداءة خدمات الانترنيت في العراق إضافة الى انه لا يوجد انترنيت في اماكن كثيرة من العراق وقلة من يملكون هذه الخدمة في بيوتهم حتى في العاصمة بغداد ويبدوا انه عملا مقصودا من الدولة ان لاتسعى لتحسين هذه الخدمة للتواصل الاجتماعي نظرا لما حدث في بلدان الجوار بسبب وسائل الاتصال هذه .اقتصاديا العراق واحد من اغنى دول العالم ويعتمد اقتصاده بشكل رئيسي على الثروات الطبيعية وخاصتا النفط ورغم ذلك فشعبه من شعوب العالم الفقيرة نتيجة لسوء توزيع الثروة و الفساد المستشري حيث يقف العراق اليوم على رئس الدول التي حققت اعلى نسبة في الفساد وتساهم مافيات السياسة والدين  في ديمومة هذا الوضع لخدمة مصالحها.ما حصل بعد عام ٢٠٠٣ وضع السلطة بيد الاغلبية الشيعية التي عانت ما عانت في فترة الحصار الاقتصادي .والذي خلف بدوره رواسب كبيرة لدى هذه الاغلبية والشعب العراقي بصورة عامة وساهم بتحويل المجتمع الى الانتهازية والفردية وحوله بشكل كامل الى سوق استهلاكي لأسوى البضائع والمنتجات في العالم .العراق اليوم لا ينتج ولا يصنع اي شيء .اما عن الاسباب السياسية فماضي العراق الدموي في التاريخ الحديث والمعاصر انهك الشعب الى ابعد حد وخاصتا تجربة العراق مع اعتى الدكتاتوريات المتمثله بحكم صدام وحزب البعث .واليوم تقوم دولتنا على المحاصصة الطائفية وهي افه تتسبب بعجز كامل في جسد الدولة وتمنع العراق من ان يكون دولة متطورة او حتى في طريقها الى التطور والنمو .الكارثة الاكبر هو ان شخصا واحد يشغل جميع المناصب المهمه في الدولة فان كان وزير الدفاع هو من مكن المصريين من التغيير ففي الحالة العراقية يجب علينا التظاهر والضغط على وزير الداخلية وهو نوري المالكي ليقوم بدورة بالضغط والتنسيق مع وزير الدفاع نوري المالكي ليقوم بعزل رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي .لا يبدوا تكرار التجربة المصرية في العراق ممكنا ولا باي شكل من الاشكال .ولكن على العراق ان يجد تجربة خاصة به تتناسب مع وضعه وتركيبته الاجتماعية .شخصيا لا اؤمن بنظرية موت الشعوب وخاصتا تلك التي تمكنت من الاستمرار والديمومة منذ فجر التاريخ الى يومنا هذا .التغيير قادم لا محالة ولكن يبقى السؤال مطروحا كيف ومتى ؟

أحدث المقالات