23 ديسمبر، 2024 3:26 م

هل يمكن بناء حياة سياسية واعدة بالدستور العراقي الحالي ؟

هل يمكن بناء حياة سياسية واعدة بالدستور العراقي الحالي ؟

تستعد الاطراف السياسية المختلفة في العراق للانتخابات المقبلة المقرر عقدها في الثلاثين من نيسان المقبل وسط حالة شبه كاملة من الغموض فيما اذا ستكون هنالك انتخابات ام لا في ظل الظروف الامنية السائدة في عموم العراق والتي يمكن ان تشهد تصعيدا اضافيا لما موجود حاليا مع كل يوم نقترب فيه من موعد الانتخابات. لقد شهد العراق اثنين من الانتخابات عامي 2006 و2010 وقد تمتا وفقا للدستور العراقي العامل وهو الامر الذي تسبب في خلق الكثير من الصعوبات والعوائق التي لم تمكن من بناء حياة سياسية منتظمة ووفقا للمعايير الديمقراطية المتبعة في مثل هكذا حالات بحيث جاءت التجربتان وفيهما الكثير من النواقص والمطبات وخاصة مساءلة احتكار السلطة من قبل طرف واحد وعدم تحقيق التوازن السياسي المطلوب بجانب المحاولات المستميتة لالغاء الطرف الاخر لا بل والنظر اليه على انه احد الاعداء الواجب التخلص منهم بكل الطرق وصولا حتى الى القتل والتصفية.لقد تمت صياغة الدستور بصورة ملتوية من اجل ضمان عدم اجراء اي تعديل او تغيير لان المساهمين في صياغته عرفوا مسبقا ان الدستور يحتوي على الكثير من النصوص المختلف عليها ومن هنا  ندرك لماذا اصر الذين وضعوا الدستور على  تضمين الدستور مادة تعتبر ان الاستفتاء على المواد الواجب تعديلها من الدستور سيعتبر ناحجا اذا وافقت عليه اغلبية المقترعين واذا لم يرفضه ثلثا المقترعين في ثلاث محافظات او اكثر. ان هذا النص فيه الكثير من الخباثه والابعاد السياسية لانه ببساطة حرم من اجراء التعديل او التغيير فيه وبما يريده المواطنون وبما يخدم الديمقراطية نفسها.ان الاخطر في الدستور العراقي الحالي كونه قد الغى هوية العراق العربية واستبدلها بهويات متعددة خاصة اذا ما عرفنا ان العربي بطبيعته يسعى الى المساواة والعدل والحفاظ على كرامته وكرامة المجتمع الذي ينتمي اليه وكدولة كانت هي مصدر واساس التقاليد العربية ومن هنا كان الاجدر بالدستور العراقي ان يجسد في متنه هذه القيم والتقاليد وهو ما لم يحصل مع الاسف. والغريب انه بعد الغاء الهوية العربية في الدستور ظهرت عدة هويات بالعراق وأصبحنا نسمع بقوة مصطلحات  يعتد بها السنة والشيعة والاكراد والتركمان واليزيدية والصابئة بعد ان كنا نتفاخر بكوننا نتمي الى العراق. وقد نتج عن سلوك الدستور هذا الغاء الهوية الوطنية الجامعة وانتشار الحس الطائفي وغياب العدل والمساواة وانهيار الوضع الامني وتفشي الرشوة والمحسوبية والفساد بحيث باتت ظواهر طبيعية ولا يستحي منها المتحدثون بها بل صارت مصدرا للفخر والاعتزاز.