18 ديسمبر، 2024 10:15 م

هل يمكن أن يجّرب المجّرب ثانية !؟

هل يمكن أن يجّرب المجّرب ثانية !؟

في أحدى أزمات الطبقة السياسية ، وما أكثر أزماتها التي لاتنتهي ، وتحديدا بعد تداعيات سقوط الموصل بيد مجرمي داعش ، ومجيء موعد أنتخابات عام 2014 لاذت الطبقة السياسية الى المرجعية الرشيدة بالنجف الأشرف لتطرق بابها، بعد أن وجدت أن هناك بعض السياسيين لايزالون مصرين على ترشيح أنتخابهم! رغم ما تسببوا للبلاد من كوارث ، طالبة من المرجعية المشورة والنصح والحل بعد أن ضاقت بهم الدنيا بما وسعت 0 حيث عرفت الطبقة السياسية بالعراق بكثرة أزماتها ومشاكلها وعدم رضا الشعب عليها! ، فهم طالما يتسببون بخلق الأزمات ويضعون أنفسهم بحال لا يحسدون عليه كما الأزمة التي يعيشونها الآن!، وبسبب رفض الشعب الواضح وكرهه لهم ، بعد ما وصلت أليه أحوال البلاد والعباد من سوء وخراب ودمار لا يحسدون عليه ، ولمنع عدم تكرار الفاشلين وتدوير الفاسدين من السياسيين الذين تشبثوا بالسلطة ولهثوا وراء المناصب ، والذين جلبوا عن قصد وتدبير الكوارث والويلات والخراب والدمار وزرعوا الفتنة وأهدروا المال العام وطغوا وتجبروا وعاثوا بالأرض فسادا متناسين عن قصد مصالح الشعب والوطن ، وحتى تمنع تنصيب وتولية مثل هؤلاء أية مراكز في الدولة ( من مدير عام وحتى رئاسة الوزراء) حفاظا على أمن البلاد والعباد وعلى المال العام من الهدر والنهب والسرقة ، فنصحت المرجعية الرشيدة بالنجف الأشرف الطبقة السياسية ، بعبارة (المجّرب لا يجّرب) لتكون أساسا لعملهم ، وأوصت وشددت بعدم تجريب مثل هؤلاء السياسيين والمسؤولين ثانية 0 ان عبارة ( المجّرب لا يجّرب) صارت مضربا للأمثال وطار صيتها بين العراقيين الذين أحبوها وفرحوا بها ، وكأنها أشبه بطوق نجاة ليس للسياسيين فحسب بل للعملية السياسية ، من الأنزلاق أكثر وأكثر نحو الهاوية ، حتى أن البعض رأى في العبارة وكأنها أشبه بالفرامل ، التي تكبح جماح السياسيين المتشبثين والمتمسكين بالسلطة والمتآمرين على الوطن والشعب!، وهكذا ما كان فألتزمت الطبقة السياسية وقادة الأحزاب والتيارات السياسية بالعبارة مضطرة حتف أنوفهم! ، لأنها كلمة الحق والعدل والمنطق التي تحافظ على العملية السياسية 0 وهنا لا بد أن نذكر بأن المرجعية الرشيدة بالنجف الأشرف وبعد فتوى (الجهاد الكفائي) التي أصدرتها للحفاظ على العراق والدفاع عنه من عصابات داعش الأرهابية عام 2014 ، أغلقت أبوابها أمام كل قادة الأحزاب والتيارات السياسية حيث رفض المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني أستقبال أي قائد وزعيم سياسي أو ديني مهما كان! ، بعد أن يأس منهم وعرف أنهم لم يعملوا بما نصحهم ، بل عملوا على العكس من ذلك تماما! ، فطالما أوصاهم منذ الأيام الأولى من بعد سقوط النظام السابق وأحتلال الأمريكان الغاشم للعراق ، بعدم التفرقة والعمل لصالح البلاد والعباد والحفاظ على سيادة العراق وأستقلاله 0 وحقيقة أن المرجعية الرشيدة بالنجف الأشرف ماكانت أن تطلق هذه العبارة لو كان من قادوا البلاد يتصفون بالنزاهة والوطنية وحب العراق وشعبه 0 ولكن أرى ومن وجهة نظري أن عبارة ( المجّرب لا يجّرب) فضفاضة! ، ولا تشمل السياسيين فقط ، بل يمكن العمل بها في كل مفاصل الحياة الوظيفية بالعراق المدنية والعسكرية وتكون أشبه بصمام أمان ، لأنها مؤشر حقيقي لعمل كل من يتبؤا مركزا قياديا سياسيا كان أم عسكريا أو مدنيا، فمثلما يفشل رئيس الوزراء بقيادة البلاد لما هو فيه الخير والنجاح والتطور والأزدهار وتظهر عليه الكثير من مؤشرات الفساد وعدم النجاح وعدم الأهلية ، عندها لا يجوز أعادة تجربته ثانية وعليه أن يعتزل العمل السياسي ويكون بعيدا عنه ، وأيضا يمكن لعبارة ( المجّرب لا يجّرب) ، أن تنطبق على مدير لمدرسة أبتدائية فشل في كيفية أدارتها، ولم يفلح ويعمل على زرع مفاهيم التربية والنجاح والتفوق العلمي لتلاميذها ، وعليه لا يجّرب لهذا المنصب القيادي ثانية في مدرسة أخرى! ، وهكذا القياس لبقية المناصب في وزارات الدولة ومؤوسساتها 0ولكن في المقابل نسأل هنا ، ما المانع أن يعاد تجربة القائد ان كان زعيما سياسيا ، أو قائدا عسكريا أو وزيرا ليشغل منصبه ثانية بعد ان يثبت نجاحه في عمله ويشهد له كل العاملين معه بالنزاهة والوطنية والحفاظ على المال العام من الهدر ودفاعه عن مصلحة الوطن والشعب بكل شرف ومهنية ووطنية ، وهل أمثال هؤلاء مشمولين بعبارة (المجّرب لا يجّرب)؟ ، أكيد ان المنطق والعقل يقول ، لا مانع من تجربته0 ثانية وثالثة ورابعة! أذا كان بهذا المستوى من الوطنية والكفاءة والنزاهة والشرف والوطنية ، مثال على ذلك : ما الذي يمنع أستيزار الوزير السابق ( عامر عبد الجبار) أن يكون وزيرا للنقل مرة ثانية في الحكومة القادمة؟؟ ، هذا الرجل الذي عرف بحبه للعراق وتفانيه بالدفاع عن مصلحة الوطن والشعب وعرف بالمهنية والنزاهة والذكاء والحرص ، وهذا ماشهد له غالبية العراقيين الشرفاء حيث ظل مصرا على مواقفه في عمله ولم يغريه المال ولم ترهبه التهديدات من أجل مصلحة العراق ، فكان شوكة حادة بوجه من له أية أطماع بالعراق صغرت أم كبرت ، لا أحد يقترب منها من الدول المجاورة والمحيطة بالعراق ، حيث عرف طيلة فترة أستيزاره لوزارة النقل بالحفاظ على مصالح العراق ولم يفرط بأي شيء يخص مصالح العراق وحقوقه ، وهذا ماشهد له الأعداء قبل الأصدقاء 0 فمن الطبيعي أن هذا الوزير وأمثاله ممن يتصفون بالمهنية والنزاهة والشرف والوطنية ، غير معني وغير مشمول بعبارة المرجعية (المجّرب لا يجّرب) ، بل بالعكس حيث أن المرجعية بما عرفت من حكمة ورشد وحرص على مصالح الوطن والشعب ووضع الشخص المناسب بالمكان المناسب طلبت من الشاعر الكبير الراحل ( عبد الرزاق عبد الواحد) ، من أن يكون وزيرا للثقافة!! ، بعد مشروع ( النجف مدينة الثقافة) ، وهذا الأمر معروف لدى غالبية العراقيين وأهل النجف تحديدا! ، ولكن الشاعر رفض المجيء للعراق لأمور أمنية شاكرا فضل المرجعية وتقديرها له وذكر ذلك في أكثر من لقاء عبر الفضائيات ، رغم أن الشاعر معروف ومحسوب على النظام السابق! ، لكن المرجعية لا تنظر للأمور بهذه النظرة الضيقة والقصيرة ، بل نظرت الى مصلحة العراق أولا وألى ثقافة الشاعر ومكانته الأدبية والشعرية على مستوى الوطن العربي بل على مستوى العالم! والمرجعية لم تنظر له كونه (صابئي الديانة) وبعثي الهوى! 0 ويذكر ان الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد كتب أجمل القصائد في حب العراق ورفعة ومكانة العراق وزهو العراق وقوة العراق ومجد العراق وأيضا عرف عن الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد حبه الشديد الفطري والطفولي للأمام الحسين عليه أفضل السلام ، وعّبر عن ذلك باكثر من قصيدة وتعد قصيدته ، (في رحاب الحسين) التي تبلغ أبياتها 82 بيتا من درر الشعر العربي في مدح الأمام الحسين عليه أفضل السلام! ، ونذكر منها بعض الأبيات : (( قدمت وعفوك من مقدمي ، حسيرا ، أسيرا ، كسيرا ظمي/ فمذ كنت طفلا رأيت الحسين منارا الى ضوئه أنتمي/ وصولا الى البيت الأخير الذي يقول فيه : سأطبع ثغري على موطئيك ، سلام لأرضك من ملثم )) 0 وأيضا هناك موقف آخر متشابه نسب للمرجعية ايضا وهي عندما تسمع بوزير عرف بالنزاهة والشرف والمهنية والكفاءة والحرص على مصالح العراق وشعبه ، سرعان ما تقول لماذا لم تأتوا به ليكون وزيرا! ، وهذا ماقيل عن وزير التجارة السابق أبان فترة النظام السابق الدكتور محمد مهدي صالح!! 0ولا عجب في ذلك من مواقف المرجعية فهكذا هي المرجعية الرشيدة وهذا هو رشدها وحلمها وحرصها وحكمتها وحبها للعراق وشعبه بكل ملله ونحله، لا تفرق بين هذا وذاك بل توصي بالتماسك والتآخي ووحدة الشعب والوطن0 أخيرا نقول أن عبارة ( المجّرب لا يجّرب) ، قالتها المرجعية ووضعتها (كفيتو)! حصرا على السياسيين الفاشلين الفاسدين الذين تسببوا بخراب ودمار العراق وضياعه ونهب ثرواته ، وهي لم تقف بوجه الناجحين والكفؤئين الذين يثبت حبهم للعراق ووطنيتهم ونزاهتهم ولم تقصدهم بعباراتها أبدا 0 وستبقى المرجعية بيت الحكمة والعلم والمعرفة، وستبقى خيمة لكل العراقين بكل مللهم ونحلهم وأطيافهم وأعراقهم وأثنياتهم ماداموا يحبون وطنهم وشعبهم0