23 ديسمبر، 2024 12:39 م

هل يمكننا القول أنّ “الشيعة” على حقّ بالإيمان “بشعائر” المقامات ؟

هل يمكننا القول أنّ “الشيعة” على حقّ بالإيمان “بشعائر” المقامات ؟

( اجعل لنا آية ) . هذا “الطلب” كُرّر أكثر من مرّة في القرآن , بل ورد مع كلّ قصّة قرآنيّة وهو يحدّثنا عن مهمّة نبي أو رسول مع قومه , نحن نتكلّم في شأن ديني ليس بالضرورة الإيمان به أو الإيمان بجزء أو بأجزاء من هذا الموروث العقدي وممكن حتّى ليس شرطاً الإيمان بالموروث هذا كلّه ولا بتسلسل أحداثه المرويّة الّتي وصلتنا جملةً وتفصيلاً , ولكنّنا هنا نلقي الحجّة من “هذا” على “ذاك” أو بالعكس من ذاك على هذا , لذا , فما دام الأمر ديني , ومادّة التواصل الاجتماعي احتلّ في فضائها الدين محلّ العلمانيّة والفكر اليساري عندنا بفعل فاعل أو “بقدرة قادر” وهذا الفاعل أراد شرقاً أوسطاً جديداً يتناسب وموديلات سيّاراتهم أو حقائب نسائهم اليدويّة المودرن أو تقليعات تسريحات شعرهم , أو هو رغبة جمعيّة داخليّة جامحة نضجت بفعل عوامل مفتعلة يقف الضخّ الاعلامي الداخلي والخارجي المشاهد والمقروء في مقدّمتها , ولنا فيها في الأيّام القادمة قد نوفق في تسليط ضوء على بعض خفايا زواياها المظلمة , الرغبة الجمعيّة هذه كانت بحاجة لمن يفتح لها أبواب الفضاء الإعلامي بعد أن كان في السابق “أيّام العروبة والقوميّة والاشتراكيّة”  له حصّة إعلاميّة ضيّقة من ساعة واحدة فقط في الأسبوع !عُرفت منذ ستّينيّات القرن الماضي ب “الدين والحياة” ! واليوم 600 فضائيّة دينيّة ! , أو هو اشتياق أقرب للاشتياق لروايات ألف ليلة وليلة , يمكننا ملاحظة الأفلام السيمائيّة لهوليود بالتكنولوجيا الفائقة بالتصوير أو بالمؤثّرات الروايات الدينيّة القديمة أيضاً لنحزر ! , بمعنى أنّ الرسول أو النبيّ عندما كان يدعوا الناس إلى دينه الجديد كان من يستمعون إليه يطالبونه “بآية” تدلّ على صدق دعوته , وأوّل “مؤشّر” على استفسارنا “أعني هذا المقال” وردت في القرآن نفسه , في خضمّ تصويره لحدّة عنف مشهد من مشاهد العلاقة المتوتّرة بين النبي موسى وبين أتباعه “اليهود” عندما اتّخذ الأتباع إلهً عِجلاً صنعوه كما هو معروف من المصوغات الذهبيّة الّتي حملوها أثناء هروبهم من طلب فرعون لهم “قيل مصوغاتهم من قبور موتى المصريين كانوا يؤمنون بالبعث وأكثرهم سرقة كان السيّد قارون حفظه الله ورعاه ! “مثل هذا لازال يحدث في أكثر من مقبرة من العالم من مقابر شعوب لازالت تدفن الميّت مع حاجياته” في العراق تطوّرت السرقات إلى ما بعد سرقة القبور يستغلّ اللصوص من المسؤولين التكنولوجيا والرياضيّات الحديثة لجعل مبالغ الدولة تصبّ في أرقامه الحسابيّة ! , فلمّا عاد موسى نهرهم على ما فعلوه من صناعتهم عجلاً من ذهب وعبادتهم له وعنّفهم , فمثل هذه “الإشارة” يمكننا الآن التقاطها “للتحليل” , إذ لربّما لم يكن يقصدها القرآن حينها أو لم يتوسّع بذكرها , فصناعة الآلهة على مرّ التاريخ يمكن من هنا التقاط الكيفيّة بمقتطع نموذجي منه في نشوء المعتقد بإله ,يعني  يمكننا الآن تسليط بعض الضوء على بعض جوانب نشوء وانتشار عبادة الأصنام من خلال الدخول إلى ذلك الحدث , أي ما جرى بين موسى وبين من صنعوا العجل وعبدوه في غياب موسى عنهم 40 يوماً فقط وليس 500 سنة أو 1400 سنة ! فأتباع موسى مثلاً , “اليهود” , شعروا وكأنّ وجود موسى بينهم كان يدعم صحّة دعوته بوجود إله في السماء فلمّا خليت الساحة منه وكأنّ الثقة انعدمت بينهم وبين الإله في السماء بنظر أتباعه الّذين دعاهم موسى لعبادته ! فأرادوا بديلاً لموسى فصنعوا العجل لتقديم النذور وللزيارة في أيّام سبتهم ! , يبدو أنّهم لم يستوعبوا بعد أنّ الإله في السماء يرى لكنّهم لا يروه , أو لنقل لا يتحمّلون البقاء بدون أواصر رابطة مادّيّة بينهم تجمعهم أو يتحولقون حوله ولو لساعات , فموسى هي الآصرة الّتي كانت قد وحّدتهم في عبادة الإله , طبعاً موسى لم يفكّر حينها بمثل ذلك القلق الّذي ساور أتباعه في غيابه بل عنّفهم مباشرةً !, أي ما فعلوه أشبه ب “تعويض” عن عدم استطاعتهم رؤية الإله , لأنّ العلاقة المفترضة بين العبد وبين الإله الّتي دعا لها موسى لم تكتمل صورتها لديهم بعد , أي ملئ الفراغ ! , وعلى ما يبدو لنا أيضاً أنّ العقل البشري بشكل عام لم تكتمل لديه مساحة استيعاب الدعوات المتكرّرة لهم على مدى تكرار بعثات الرسل والأنبياء إليهم , وكأنّ , الأيمان , ثمّ “الإشراك” , ثمّ الإيمان , ثمّ ثمّ هذا لتكرار الحقبوي عمليّة توسيع للمدارك مقصودة من الخالق في توسيع مستمرّ لمساحة استيعاب العقل البشري لمثل هذا الأمر , ولغاية اليوم ! , وكأنّها طرح كوني متلازم لأصل ماهيّة وجود الجنس البشري , فلا يكتمل العقل إلاّ بوصول المدرك البشري لتلك العلاقة الصحيحة بين العبد وبين ربّه خالية في نهايتها عن أيّ بديل عنه على الأرض ! ومن هنا أيضاً لربّما نلمس بعض من معنى “الوحي” ؟ فهو على ما يبدو وكأنّها عمليّة استحضار من نقطة “اكتمال تمام الاستيعاب البشري” أيّ نهاية المستقبل أو نهاية “القلق” لدى البشر واستيعابهم الّذي يكون لا رجعة فيه فيستقطعه الوحي من هناك ويعود به للنبي أو الرسول” وهم لا زالوا في مجرى الزمن بعد باتّجاه المستقبل , أي لحظة تجلّي لهم من مشهد مستقبلي ! .. نعود لما ذكرناه في البداية , فالآية أو “المعجزة” هي مطلب المدعوّين من كلّ رسول جديد , و “الفراغ” يمكن تعريفه في مثل هذه الحالة هي “فترة القلق” تطول أو تقصر والّتي يمرّ بها أحفاد التابعين لذلك الرسول المتوفّى , وعليه هنا فالقرآن , أو الكتب أو الصحف السماويّة وغيرها هي مؤشّرات على وجود عمليّة حيويّة لتوسيع الذاكرة البشريّة , فما أن يموت رسول او نبي حتّى تبدأ “ذاكرة الاستحضار” تضعف , أعني استحضار توصية المرسل من الله , ومع مرور الأجيال تكون المقامات والأصنام قد عاودت لحين ظهور مرسل جديد , وحالة “البديل” تبدو وكأنّها نابعة من اشتياق لرؤية الأصل , في السابق كان الناس يرون النبي بينهم يناقشوه او يستمدّون منه القوّة في تحمّل وتقبّل الدين الجديد وتطبيق واجباته , كانوا يرون المعجزات بأعينهم , بعده يبدأ الرحيل نحو “الاستحضار” , بيننا وبين وفاة الرسول 1400 سنة تقريباً , وهي مدّة كافية لانتشار جميع “البدائل” وعودتها , القرآن هو المعجزة , لكنّ المعجزة , وإن دامت كلّ هذه المدّة فتأثيرها محدود جدّاً , فكثير منّا الآن لا يتذوّق القرآن كما تذوّقه الأوّلون حين كانوا يعايشون الوحي ويعايشون تأثير آياته على الرسول وعلى الأتباع ويتشاركون لغته الجديدة وقتها على أسماع قريش في طريقة خطابه وبقوّة بلاغته , وأهمّ شيء الرسول كان بينهم يستمدّون منه الثبات على “الدين الجديد” , الّذين أتوا من بعد ينقصهم الكثير للثبات , فلابدّ و “عجل” يعوّض ويسدّ “الفراغ” , لا يُلامون على ذلك برأيي الشخصي ! , “السنّة” هم اوّل من صنع العجول , مادّة أو هوىً , وفي مقدّمتهم المتصوّفة , ومنهم الشيعة , شواخصهم أكثر جدوىً في عجولهم من غيرهم , عدى عجل “قبر الرسول” , ايّ ضريح , بدءً من قبر النبي , جميعها عجول , وهم في هذا , وما دامت “مادّة” التدين متوارثة ولم يطرأ عليها تغيير في الانفتاح على الآخر فيتحوّل إلى ثقافة تعاصر التحوّل كما حصل في الغرب والدول الّتي قطعت أشواط ضوئيّة عنّا , فالشيعة , وغيرهم , لا يُلامون في توسيع مفهوم القبر إلى “ضريح” , هي برأيي عمليّة توازن و “عدل” يعوّضان عوزهما من حرمانهم من نبيّ رآه السابقون وعايشوه وشهدوا الرسالة وهي لا زالت بقمّة وهجها وبكامل عنفوانها , ذلك ليس عدل من الزمن إن تركنا نحن نجتهد ونعاني كي نصل إلى ما وصل له من رافقوا النبيّ أو عترته ثمّ نعنّف أو نُلام من ولو حتّى  “بعجل” ؟ .. وهنا رأيي بهذا لا يعني الإيمان بطرق وأساليب الزيارات المنفلتة عن عقالها كما حصل ويحصل منذ عشر سنوات ! بل أعني محيط العلاقة بين المؤمنون بها وبين المقامات نفسها ..