17 نوفمبر، 2024 8:34 م
Search
Close this search box.

هل يمتلك العراق اليوم مثل هذا الرجل ؟؟

هل يمتلك العراق اليوم مثل هذا الرجل ؟؟

الدكتور محمد فاضل الجمالي أحد أهم ساسة العراق في تاريخه الحديث, عمل كرئيس لوزراء العراق ورئيس لمجلس النواب العراقي وأستوزر في ثمان وزارات في فترة العهد الملكي, وهو من مثَّلَ العراق في حفل تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 كان أحد أولئك الرجال الذين تركوا بصماتهم وضمنوا لهم مقعدا متقدما في مسرح العراق السياسي , سياسي ودبلوماسي ورجل دولة وقبل هذا وذاك مثقف وتربوي من الطراز الأول عاش تسع عقود ونصف ترك بعدها إرثا كبيرا بقي راسخا في ذاكرة العالم العربي والإسلامي والعالم ككل, ومن المواقف الدولية التي تحسب للجمالي في حياته السياسية ذلك الموقف الكبير في خمسينات القرن الماضي مع تونس ودوره في حصول تونس على استقلالها, ففي عام 1954 كانت تونس ترزح تحت الانتداب الفرنسي وكانت فرنسا آنذاك تعتبر نفسها الوصية المطلقة على شؤون تونس من كل النواحي, وكانت تمثل تونس بالنيابة عنها في المحافل الدولية ومن ضمنها الأمم المتحدة, وكان وقتها الحبيب بورقيبة رئيس الحزب الدستوري الجديد الذي يحارب الفرنسيين من أجل استقلال بلده , وكان الجمالي رئيسا لوزراء العراق, أراد الحبيب بورقيبة أن يعرض قضية استقلال تونس على هيئة الأمم المتحدة فسافر إلى نيويورك ووقف أمام مبنى الأمم المتحدة محاولا الدخول لكن الحرس خارج المبنى منعوه من الدخول لأنه لم يكن يحمل صفة شرعية كي يحضر الاجتماع الخاص بالجمعية العامة للام المتحدة فحاول بورقيبة جاهدا التفاوض مع الحرس بشتى السبل والوسائل للسماح له بالدخول إلى مبنى الهيئة لكنهم منعوه ولم يسمحوا له نهائيا بالدخول وفي هذه الأثناء صادف وصول الوفد العراق برئاسة الدكتور الجمالي فتساءل الجمالي عن سبب الجلبة والضجيج فقالوا له أن رئيس احد الأحزاب المعارضة بتونس يحاول الدخول لكنه ممنوع من الدخول لأنه لا يحمل صفة رسمية ؟؟ وهنا استدعى الدكتور الجمالي بورقيبة وقال له ” ستدخل اليوم إلى الهيئة بصفتك عضوا في الوفد العراقي” ثم التفت الدكتور الجمالي إلى احد أعضاء الوفد العراقي ورفع من صدره الشارة المكتوب عليها (( وفد المملكة العراقية)) ووضعها على صدر بورقيبة وقال له (( تعال معنا, فأنت من ضمن وفدي الآن ولن يستطيع أن يمنعك أحد)), فلم يكن للحراس خيارا أخر غير السماح لبورقيبة بالدخول إلى المبنى و قاعة الاجتماعات مع باقي أفراد الوفد العراقي, وبعد افتتاح الجلسة تسلم الدكتور الجمالي الميكروفون للكلام وأول ما نطق به ” سأحيل الميكروفون لأخي الحبيب بورقيبة للتحدث باسم دولة تونس الحرة” وهنا قام الوفد الفرنسي تاركا القاعة معبرا عن احتجاجه ومعارضته لذلك التصرف, استلم الحبيب بورقيبة الميكروفون وألقى خطابا مطولا ومؤثرا حول الأوضاع بتونس وحاجة تونس للاستقلال من الاستعمار الفرنسي ولقي خطابه الاهتمام الكبير والتصفيق الحار والحماس الشديد من قبل اغلب الحضور ووقف الجميع تحية لذلك البطل القومي فنظر بورقيبة للدكتور الجمالي وقال له (( لا أنا ولا بلدي تونس سوف ننسى لك صنيعك هذا)) واستقلت تونس عام 1956 حيث كان لهذا الموقف أثرا كبيرا في الضغط على فرنسا من قبل الرأي العام العالمي وأصبح بورقيبة رئيسا لتونس وأثبت الدكتور محمد فاضل الجمالي بأنه رجل دولة من الطراز الأول في بلد كان يحسب له العالم ألف حساب.

أحدث المقالات