18 ديسمبر، 2024 5:39 م

هل يكون للانتخابات الرئاسية معنى في نظام ولاية الفقيه؟

هل يكون للانتخابات الرئاسية معنى في نظام ولاية الفقيه؟

لقد أصبحنا على وشك يوم الانتخابات الرئاسية . والمترشحون قضوا ثلاث مناظرات حيث أبدوا للأفكار العامة ما بحوزتهم حول البعض. وفي عرض مسرحي و قابل للتكهن انسحب ” محمد باقر قالي باف “ لصالح إبراهيم رئيسي مطالبا ً الناس للتصويت لصالح رئيسي . كما وسبق أن كان التكهن بأن قالي باف سينسحب طامحاً لكسب منصب المساعد الأول للرئيس المقبل حال فوزه .. ولكن ومهما كانت التكهنات ، هناك موضوع آخر وهو إن الانتخابات الرئاسية في إيران يعتبر مهمل ولا معنى له .

فعندما كان هناك نظاماً مبنياً على ولاية الفقيه بكل ما فيه من المؤسسات والجهات السياسية والحقوقية والثقافية وما شابه ذلك ، وليس على فصل الدين عن الدولة ، فإن الانتخابات تكون جوفاء تماماً ، وفيما يلي شرح هذا الموضوع باختصار :
في كل بلد يعتبر الدستور انعكاس من الوضعية السيا سية وحقوقية والثقافية تماماً حيث ينص في الدستور علاقة الناس مع الحكومة وعلى العكس ، وهذا شيئ عام في جميع بلدان العالم بالذات. حيث لا يجوز وجود أي تباين اساسي في كل مقررات البلد مع الدستور ومن هذا المنطلق وبسبب الأهمية لهذا المبداً هناك يشكل في أي بلد عند تدوين الدساتير ، مجلس يسمى المجلس التأسيسي يستوجب حضور جميع الممثلين من مختلف الشرائح مع مختلف الأفكار والآراء فيه .
لكن وبعد ما أخدالملالي سدة الحكم في عام 1979 لم تعتنى أيه من المبادئ والأعراف الدولية في تدوين نصوص الدستورفيه ، فعليه ما تم تنظيمه باسم الدستور لا يشبه أساساً مع سائرالدساتير في أي بقعة من العالم ذات الدستور نهائياً .
و فيما يلي جانبا بارزاً من هذه التباينات والتناقضات:
أولاً: عدم إجراء مبدأ فصل الدين عن الدولة:
تتم إدارة الحكومة في إيران في إطار الدين كما تدون السياسة على نفس الإطار حيث يتغاضى أحد المبادئ الأساسية في إدارة البلد إطلاقاً وهو مبدأ فصل الدين عن الدولة كما تم التأكيد في دستور الملالي وجوب الاتباع عن ولاية الفقيه في جميع مبادئه أيضاً فمعناه أنه ليس لم يعتنى في تدوين الدستور مبدأ فصل الدين عن الدولة فحسب وإنما عكس ذلك هناك تم التأكيد على أن يكون كل الأمر دينياً كواجب فقهي حيث يشكل هذا جميع المقومات الحقوقية والقانونية للجمهورية الإسلامية وعلى الجميع تطبيقه أيضاً حيث يحب إطمئمان هذا التناسق مع الدين في جميع المصوبات من قبل أغلبية فقهاء مجلس صيانة الدستور بالذات ولا حاجة إلى استشارة أعضاء مجلس صيانة الدستور الحقوقيين.
ثانياً: عدم تشكيل المجلس التأسيسي:
منذعام 1978وفي إبان الثورة الشعبية في إيران ركب الملا الخميني على موج الثورة وانتفاضة الشعب واحتل الحكومة وبالأحرى حقوق الشعب لتسلم السلطة وخان الشعب الإيراني .. إنه كان يعد الناس قبيل استلامه السلطة بتشكيل المجلس التأسيسي ليشارك نواب الشعب فيه لتدوين الدستور متناسقاً مع مرحلة الثورة ورغبات الشعب.. ولكن لم يوف بعهده هذا وخان العهد وفي نهاية المطاف اختلق مجلساً باسم ” مجلس الخبراء “ حيث أصبح الدستور حصيلة هذا المجلس الذي ليس إلا ترشحات البقع والحوزات الدينية العنكبوتية للملالي .
ثالثاً: ظاهرة باسم ”ولاية الفقيه“:
أرغم خميني على الناس نظرية باسم ” ولاية الفقية المطلقة “ والتي ليست لها مثيلاً في تاريخ إيران . إنها وحسب دستورالملالي ذات صلاحيات واسعة النطاق حيث تفرض على الناس إجبارات وإلزامات غير محددة تحت غطاء القوانين والمصوبات حيث عندما نسلط الضوء على أي مواد من هذا الدستور نرى هذا الجوهر من ولاية الفقيه ، والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك في هكذا حكومة المبنية على ولاية الفقيه شيئ من حرية الانتخابات أو انتخاب الرئيس؟
هناك توصيف النظام المتبني في البلدعلى ولاية الفقيه حسب ما يلي:
حسب مبدأ ولاية الأمر والإمامة المستمرة ، هناك يمهد الدستور تحقيق نوايا قيادة فقيه جامع الشرائط المعروف من قبل الناس قائداً لهم ضماناً لعدم انحراف منظمات مختلفة من وظائفهم الإسلامية الأصيلة.
وللإجابة لهذا السؤال : هل للانتخابات معنى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ؟ فيجب دراسة بعض مواد هذا الدستور:
المادة الخامسة
في زمن غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، ‌ البصير بأمور العصر، ‌الشجاع القادر على الإدارة والتدبير وذلك وفقاً للمادة (107).
الجدير بالذكر أن المادة المئة والسابعة يدعو إلى أنه يتم انتخاب القائد (أي الولي الففيه) من بين الفقهاء ذوي الشرائط بواسطة مجلس الخبراء .
المادة السابعة والخمسون
السلطات الحاكمة في جمهورية إيران الإسلامية هي: السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، وتمارس صلاحياتها بإشراف ولي الأمر المطلق وإمام الأمة وذلك وفقاً للمواد اللاحقة في هذا الدستور، وتعمل هذه السلطات مستقلة عن بعضها بعضاً.
المادة الحادية والتسعون
يتم تشكيل مجلس باسم: مجلس صيانة الدستور، بهدف ضمان مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى الإسلامي مع الأحكام الإسلامية والدستور.
ويتكون على النحو التالي:‌
1. ستة أعضاء من الفقهاء العدول العارفين بمقتضيات العصر وقضايا الساعة، ويختارهم القائد.
2. ستة أعضاء من الحقوقيين المسلمين من ذوي الاختصاص في مختلف فروع القانون، يرشحهم رئيس السلطة القضائية ويصادق عليهم مجلس الشورى الإسلامي.
المادة التاسعة والتسعون
يتولى مجلس صيانة الدستور الإشراف على انتخابات مجلس خبراء القيادة ورئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي، وعلى الاستفتاء العام.
المادة العاشرة بعد المائة
وظائف القائد وصلاحياته
1. تعيين السياسات العامة لنظام جمهورية إيران الإسلامية بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام.
2. الإشراف على حسن إجراء السياسات العامة للنظام.
3. إصدار الأمر بالاستفتاء العام.
4. القيادة ‌العامة للقوات المسلحة.
5. إعلان الحرب والسلام والنفير العام.
6. نصب وعزل وقبول استقالة كل من:‌
أ – فقهاء ‌مجلس صيانة الدستور. ب – أعلى مسؤول في السلطة القضائية. ج – رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في جمهورية إيران الإسلامية. د – رئيس أركان القيادة المشتركة. هـ – القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية. و- القيادات العليا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي.
7. حل الاختلافات وتنظيم العلائق بين السلطات الثلاث.
8. حل مشكلات النظام التي لا يمكن حلها بالطرق العادية من خلال مجمع تشخيص مصلحة النظام.
9. إمضاء حكم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من قبل الشعب. أما بالنسبة لصلاحية المرشحين لرئاسة الجمهورية من حيث توفر الشروط المعينة في هذا الدستور فيهم فيجب أن تنال قبل الانتخابات موافقة مجلس صيانة‌ الدستور، وفي الدورة الأولى تنال موافقة القيادة.
10.عزل رئيس الجمهورية مع ملاحظة‌ مصالح البلاد وذلك بعد صدور حكم المحكمة العليا بتخلفه عن وظائفه القانونية أو بعد رأي مجلس الشورى الإسلامي بعدم كفاءته السياسية، على أساس من المادة التاسعة والثمانين.
11.العفو أو التخفيف من عقوبات المحكوم عليهم في إطار الموازين الإسلامية بعد اقتراح رئيس السلطة القضائية. ويستطيع القائد أن يوكل شخصاً آخر أداء‌ بعض وظائفه وصلاحياته.
ونظراً لصلاحيات الولي الفقيه الواسعة تحت عنوان «القائد» هل يبقى مجال لحفظ ورعاية الحريات وانتخاب رئاسة الجمهورية بحرية ؟ وهل يتخيل الإنسان أكثر من هذا المدى من الدكتاتورية والفاشية باسم الدين ؟ وعندما يخصص الولي الفقيه جميع الأمورالمفصلية لنفسه ، هل هناك بإمكان الاعتماد على مؤسسة باسم ديوان الرئاسة ولإنتخابه يتم الرجوع إلى أصوات الناس؟ الولي الفقية لا يرتضي إلا برئيس منقاد ومطيع لأوامره تماماً فعليه لا يمكن أن يكون هكذا رئيس منتخباً بواسطة الانتخابات بالذات. وبالتالي لن يكون هكذا رئيس حافظاً لحريات الشعب لامحالة وهذا أثبت طيلة 11دورة رئاسية لجمهورية الملالي.
3