يجري رئيس الوزراء حيدر العبادي زيارة رسمية الى الجمهورية الأسلامية في ايران، هي الأولى له الى الجمهورية بعد تسنمة مهام منصبه، وفي جعبته مجموعة من القضايا الثنائية والأقليمية، سيناقشها مع المسؤولين الأيرانيين، يعقبها بزيارات الى جميع دول الجوار.
بعيدا عن ما سيناقشه العبادي من مسائل تجارية وأقتصادية بين البلدين، وهو الروتين الذي اعدتنا على متابعته عقب كل زيارات المسؤولين العراقيين الى مختلف البلدان الصديقة والشقيقة، فأن امام العبادي اليوم فرصة سياسية تاريخية ونادرة، لتغيير الصورة التي رسمت للسياسة العراقية خلال سنوات حكم سلفيه، وتصويرها وكأنها الحديقة الخلفية لأيران، وفي الوقت ذاته لعب دور سياسي أقليمي أكثر فعالية، لربط وتقريب وجهات النظر بين ضفتي الخليج العربي، في ظل الأزمة الأمنية التي تعاني منها المنطقة والأخطار التي تهددها.
فالعراق يمتاز بكونه يشترك بقواسم تجمعه مع طرفي الخليج، ايران من جهة ودول الخليج العربي من جهة اخرى، فهو جزء من الأمة العربية بغالبية مواطنيه، ويشترك معها بعروبته قوميا، وفي الوقت ذاته يشترك مع أيران مذهبيا كون الأغلبية من الشعب العراقي على المذهب الشيعي.
أن العراق وسياسيه كان يجب أن يستثمروا هذة الميزة أيجابيا، وأن لا يجعلوا منها عامل سلبيا يؤثر على العراق، ويدخله في دوامه من النزاعات والمشاكل والحروب الطائفية، ما جعل كل قوة سياسية في البلاد تتمترس مذهبيا مع نظيراتها على ضفتي الخليج، ما يمنح الفرصة لهذة البلدان للتلاعب وبشكل سافر بشؤوننا الداخلية، والتسلل الى الساحة العراقية ومن خلال هذة القوى والتي تحولت الى بيادق تحركها كيفما شاءت.
اليوم على رئيس الوزراء وحكومته، استغلال الفرصة واستثمار التعاون في محاربة الأرهاب لتنسيق جميع الجهود لكسر الجمود في العلاقات الأقليمة، وعلى العبادي أن يقدم نفسه وبكل جرأء كهمزة وصل قادرة على ربط طرفي الخليج المتناقضين، ومحاولة تقريب وجاهات النظر وحل المشاكل بين الأضداد، ولعب دور ايجابي لخلق تفاهمات ومساحات لقاء بين السعودية من جهة كونها الدولة الأكثر تأثيرا من الجانب العربي للخليج، وأيران من الجهة الأخرى، وتقديم العراق على أساس دولة متصالحة مع الطرفين، ولها علاقات مميزة معهما، ويمكن لها التنسيق بين الرؤى لهدف مشترك هو محاربة الأرهاب.
رغم ان المهمة صعبة والخلافات عميقة بين الأطراف، الا أن ريادة الخطوة لدولة الرئيس والأصرار على تحقيق نتائج ملموسة، سيكسبه ووزير خارجيته، والتي ستكون وزارته الـ “داينمو” المحرك للعملية، شرف المحاولة، كما يمكن لانتهاج سياسة متوازنة، أن تحول العراق الى قطب فعال في المنطقة.
مثل هذة الأفكار نأمل أن تكون من أولويات عمل الحكومة الحالية، والتي بدأت عهدها بتبني سياسات جديدة لخلق نقلة نوعية في مجالات عديدة نتمتى ان تكون السياسة الخارجية احداها، كما نرى أن عليها أن تفكر واقعيا بشخوصها الحالين أن السياسية الخاطئة التي انتهجتها الحكومات السابقة، من التبعية العمياء لدول الجوار قد أوصلت العراق الى المستنقع الحالي.