23 ديسمبر، 2024 4:26 م

هل يكفي يوم لمناهضة عنف الرجال؟

هل يكفي يوم لمناهضة عنف الرجال؟

هو اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة اذن.. منذ اكثر من اربع او خمس سنوات لااعلم بالضبط وانا اسمع بتلك المناسبات تذاع هنا في بلدي، وتقام لاجلها المؤتمرات والندوات وترفع اللافتات… واعلم قبلها ان اختيار ذلك التأريخ كان على اثر عملية الاغتيال الوحشية في عام  1960 للأخوات ميرابال الناشطات السياسيات في جمهورية الدومنيكان بأوامر من ديكتاتور الدومنيكان انذاك..
كلما اقترب موعد هذا اليوم، ابدأ مع نفسي بأحصاء انواع العنف الموجه ضد نساء جلدتي.. ولفرط مااتذكر اصاب بالغثيان، فمجريات الاوضاع في  بلادي لم تعد تشي بالفرح .. وربما لن تتعب حالك وانت تبحث عن العنف الموجه ضد المرأة العراقية، ويكفيك ان تخرج من بيتك لتواجهك امرأة بثياب رثة، يبدو انها تجاوزت عقدها الرابع او الخامس، تتوسلك كي تشتري منها علكة او قطعة بسكويت في شكل اخر من اشكال التسول، وقد تولي وجهك عنها ليطالعك منظر اخر لأمرأة فقدت جميع معالم انثوتها وهي تداوم يوميا على بسط فرشة الخضار في مدخل السوق كي تحصل على بضع دنانير  تعيل بها  اولادها الصغار…
شخصيا اعرف امرأة معدمة، تبكر كل صباح مع ابنتيها لاجل الحصول على عمل مناسب في احد البيوت المجاورة، لكنها تعاني كثيرا لفرط جمال ابنتيها الصغيرتين،، وهي تخشى عليهن من الاذى بسبب ظروفهن الصعبة.. بعد موت الاب بعبوة طائشة كانت تترصد شخصاً مسؤولا في الدولة ولكنها اخطأت الهدف كما يحصل دائما…
في المحاكم الشرعية لدينا.. تتضح صور العنف الموجه نحو المرأة، بقصص الزوجات المعنفات والباكيات واللواتي يسعين للطلاق وهن عارفات قبلا بأنهن خاسرات  كما خسرن حياتهن اول المشوار..لكن امل الخلاص يبدو خيارا اخيرا  ثمناً لكرامتهن الضائعة..
المجتمع مازال يهلل للرجل بوصفه صاحب الحق في خيارات راحته وسعادته ورغباته، في حين حرمت على المرأة اختيار ماتحب ورفض ماتكره…
 ونحن نبتعد عن المدينة ونوغل في عمق المدن الريفية، تطالعنا ذات القصص لنساء صغيرات يجبرن على زواج لايعرفن  منه سوى بدلة العرس واطلاقات رصاص هوجاء كطريقة زواجهن …
المحصلة ان بطش الرجال مازال كبير.. بعضهم يتصور ان الضرب والزجر وحده هو العنف الذي يمارسه الرجل ضد المرأة  متناسين ان غيرة الرجل من نجاح وتطور زوجته في العمل تحوله الى عدو مرابط في البيت يلتقط هفواتها ليسخر منها،،،، في حين تتحمل المرأة اعباء تربية الصغار وادارة البيت والعمل ,, وعيون المجتمع لاتنظر سوى للرجل على انه سيد المكان والزمان برغم كل  هفواته ومصائبه….
الاحصاءات الرسمية تشير الى ان النسبة الاكبر للنساء العراقيات هن من ربات البيوت.. بالرغم من توجه الكثيرات منهم للعمل مؤخراً لكن تبقى فرص العمل قليلة،امام الاعداد المتزايدة منهن  وهذا يعني بقاء معظمهن تحت رحمة الرجل مادام هو المسؤول عن ميزانية البيت.. ومعظمهم يتنكر لدور المرأة في تربية الاجيال باعتبارها من المسلمات او الفرضيات التي لاتناقش ولاتستحق الشكر ايضا!!
لااعرف من  الجهة التي طالبت بمنح اجور لربة البيت العراقية، وهي تعمل لاجل بيتها وتربية صغارها لكني اؤيد الفكرة بل واجدها منطقية تماماً فيما لو احتسبنا الفائدة التي تضيفها تلك الجهود على الاسرة وبالتالي على تنشئة  مجتمع باكمله..
خاتمة… لو فكرنا ان نحتفل بذكرى اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد المرأة بغير طريقة المهرجانات والخطابات والقاء الكلمات ونثر اللافتات، لتقدمنا كل عام خطوة واحدة على الاقل في دفع الاذى عن المرأة…  ولكن  هل يكفينا يوم واحد؟