22 نوفمبر، 2024 5:27 ص
Search
Close this search box.

هل يقود الصدر إنقلاباً في العراق؟ ولماذا يرفض القضاء توأمة النظام السياسي الإسرائيلي؟

هل يقود الصدر إنقلاباً في العراق؟ ولماذا يرفض القضاء توأمة النظام السياسي الإسرائيلي؟

إستقراء الأحداث ومُخرجات النتائج التي وصل إليها التحالف الثلاثي الذي يضم (مقتدى الصدر- مسعود بارزاني- محمد الحلبوسي) كانت تشير خواتيمها وتوقعاتها في المحصلة أن مقتدى الصدر سيبقى وحيداً في ساحة الحرب.

وربما هو التوصيف الأنسب لما يحدث من صراع شيعي- شيعي في كتابة عنوان الحكومة القادمة إن كانت أغلبية كما يُريدها مقتدى الصدر أو توافقية كما يرغبها وينادي بها الإطار التنسيقي الشيعي المنافس للصدر وبعض شركائهم من الكُرد (الإتحاد الوطني) وآخرين من زعامات سنية منفصلة عن تحالف الحلبوسي، وذلك الإستنتاج والإعتقاد الذي كان متوقعاً أن الصدر لن يستطيع المحافظة على تماسك التحالف الثلاثي من هجمات مرتدة تُطيح بأركانه، حيث كانت المشكلة في غايات هذا التحالف على إعتبار ماستؤل اليه الامور وكيفية التصرف لمواجهة هذه المشكلة.

فإستراتيجية مقتدى الصدر ذلك الزعيم الذي أدرك أخيراً أن السفينة قاربت على الغرق بسبب سياسات التوافق التي دأبت عليها الحكومات السابقة وعلى مدار خمس دورات إنتخابية مابعد عام 2003 ولغاية الآن، حيث لم يجلب ذلك التوافق سوى مزيداً من الإنهيار والفساد والخراب لبلد يُعتبر من أغنى بلدان المنطقة، لذلك حاول أن ينتهج سياسة مغايرة لما هو متعارف عليه في المنظومة السياسية وإنقاذ مايمكن إنقاذه من حُطام هذه السفينة الغارقة متناسياً أن محاولاته ربما كانت في الوقت الضائع، حيث لم يبق ذلك الوقت الكافي لإنهاء اللعبة في ظل متغيرات إقليمية ودولية ستكون كالإعصار الذي يأخذ في طريقه كل شيء خصوصاً بعد التراجع الأمريكي الواضح لدعم النظام السياسي في العراق وإنشغاله بأحداث حرب الكبار ولاوقت لعبث الصغار ومراهقاتهم السياسية.

النتيجة إنفرط عقد التحالف الثلاثي المسمى (إنقاذ وطن) بإنسحاب الصدر وفسح المجال لشريكيه بالتفاوض مع الآخرين دونه.

وفي حقيقة الأمر أن الإنسحاب لم يغير من مقادير المكاسب والمصالح النفعية للشركاء في تحالف إنقاذ وطن، فالطرف الكردي دأب دائماً بإستنباط نظريات في منهاج سياساته بأن الغاية تُبرر الوسيلة ولذلك كان هذا الطرف مستعداً للتحالف حتى ولو كان مع الشيطان من أجل مصالحه وغاياته وهو الذي يسعى لنيل منصب رئاسة الجمهورية من خلال مرشحه (ريبر أحمد) وزير داخلية إقليم كردستان، وعلى مايبدو فأن بارزاني مستعد للتنازل عن هذا المنصب لشريكه الآخر مرشح حزب الإتحاد الوطني والتفاوض من أجل الحصول على ضمانات بديلة ومنافع ربما أكبر في تشكيلة الحكومة القادمة دون الإكتراث للحليف أو مع من سيتحالف.

أما الطرف المتمثل بالحلبوسي فهو بعد أن ضمن منصب رئيس البرلمان العراقي بات هذا المنصب يؤمّن له الإستقرار في التحالفات والإطمئنان أن أي إتفاق مستقبلي مع أي طرف لن يسلبه حصته في المصالح، بل قد يدفعه إلى تفاهمات أكثر لنيل رضا الأطراف الأخرى للحصول على منافع أكثر.

الطلاق البائن الذي صدر من الصدر في تحالفه الثلاثي بفعل تكتيكي قد يُصور المشهد أنه لايعدو كونه إستراحة محارب في شهر رمضان لتبدأ جولته في شهر شوال وهي مدة (40) يوماً التي أعطاها للآخرين لتشكيل الحكومة، لأنه يُدرك جيداً أن لاحكومة ستتشكل بدون الفائز الأول في الإنتخابات ولن تستمر عجلتها بالدوران في ظل وجود الثلث المُعطل الذي إنقلبت بوصلة إتجاهاته من الإطار التنسيقي لتستقر بإتجاه تيار الصدر ويضم مايقارب (73) نائباً في البرلمان وتلك هي من مفارقات السياسة في العراق في تغيير البوصلة حسب إتجاهات الرياح الآنية للتفاهمات والإتفاقات.

الصدر بإحراجه للآخرين وخروجه من دائرة التحالفات وإمهاله حتى التاسع من شوال لتشكيل الحكومة ربما يُراد منها إرسال رسائل علنية وسرية، فالعناوين المُعلنة للآخرين أنكم غير قادرين على تشكيل أي حكومة بغياب اللاعب الأساسي والفائز الأول في الإنتخابات كنوع من أنواع التحدي، أما المضامين السرية فهي أنه قادر على إستنهاض الشارع العراقي وجمهوره من أبناء الطبقات الفقيرة في الأحياء المُعدمة للإنقضاض لمن يتحدى أو يروم اللعب بعيداً عن ملعب الصدر وذلك هو المشهد الأكثر قتامة وسوداوية في العملية السياسية بالعراق، من أن تتحول إلى حلبة نزال للأقوى والأكثر مطاولة.

ماصدر عن القضاء العراقي من إيحاءات عدم رضاه وإستهجانه للإنسداد السياسي في العراق ومطالباته بضرورة تعديل بعض فقرات الدستور ومنها أن يتحول النظام السياسي في العراق من برلماني إلى رئاسي أو شبه رئاسي لتجنب هذا الإخفاق وإشارات كثيرة لتعديل النظام السياسي في العراق وتغييره من قبل البرلمان لسد الثغرات وإيجاد بدائل سياسية بعيدة عن تجارب آخرين أوجدها الإحتلال الأمريكي مثل توأمة التجربة الإسرائيلية في النظام السياسي العراقي ومارافقها من إعطاء صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء، وتقييدها لرئيس الجمهورية وإختصار واجباته في حماية الدستور الذي لم يستطع حمايته من أغلب الكتل والأحزاب السياسية التي كانت تضرب هذا الدستور بعرض الحائط عندما كان ذلك يتخالف مع مصالحها وتنادي به عندما يتفق معها. وفي كل الأحوال ربما ستكون هذه المخارج حلولاً للخروج من هذا الإنغلاق السياسي.

الصمت السياسي الذي أقره الصدر طيلة شهر رمضان وألزم أتباعه به مع محاولات القضاء وتصريحاته تعني أن هناك تدخلاً ربما يكون عاجلاً في الأيام القادمة لتصحيح مسار عملية أو نهاية لابد من كتابة خاتمتها لنظام سياسي مرتبك ليخرج من نفق مظلم ليس شرطاً أن تكون تجارب الآخرين ناجحة في واقعه السياسي. لكن يبقى السؤال كيف الخروج؟..متى وأين؟..ذلك ماستقرره الأيام القادمة.

أحدث المقالات