حذر الرئيس الأميركي، جو بايدن، من إن الصين ستدفع ثمناً جراء انتهاكاتها لحقوق الإنسان وذلك خلال الرد على استفسارات في لقاء جماهيري بشأن تعامل بكين مع الأقليات المسلمة في منطقة شينجيانغ. معتبراً أن الصين لن يكون بإمكانها أن تصبح زعيمة عالمية إذا لم تكسب ثقة الدول الأخرى، وبالطبع بدأت أمريكا إقرار مرحلة العقوبات تجاه الصين، وبدأت تتناوش معها لتستفزها، كون الإدارة الأمريكية تدرك بأن الصين باتت القوة الاقتصادية الثانية في العالم، وهي تنافس الولايات المتحدة على الريادة الاقتصادية العالمية. والسؤال المطروح هنا هو: ما الذي تخبئه الأيام القادمة لمستقبل العلاقات الأمريكية-الصينية؟ والذي قد تتغير فيه الكثير من المعادلات.
يعدّ قادة الإدارة الأمريكية نمو الصين الاقتصادي تهديد للأمن القومي الأمريكي، ويتكلمون عن قلق ينتابهم من تصاعد قوة الصين، ونمو اقتصادها السريع، ومن كبر الفجوة بينها وبين أمريكا.. مما جعلنا نستشعر حرباً بين البلدين لأن أمريكا لن تخلي مكانها ببساطة، كقوة تسيطر على العالم، وبالتالي فإن العلاقات الأمريكية الصينية هي علاقة معقدة و مركبة و متعددة الأبعاد و مزيج معقد من علاقات التعاون و المنافسة و التحدي على المستوى الاستراتيجي.
في هذا السياق لا يزال الاقتصاد الصيني يعتمد على التصدير، والمستهلك الأمريكي هو أكبر زبون لها. كما تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على الصين لتوفير السلع منخفضة التكلفة التي تمكّن المستهلكين الأمريكيين ذوي الدخل المحدود من تغطية نفقاتهم.
كما تعتمد الولايات المتحدة على الصين لتوفير التمويل لعجز ميزانيتها، كونها أكبر مالك أجنبي لسندات الخزانة الأمريكية، حوالي 1.3 تريليون دولار في الملكية المباشرة وما لا يقل عن 250 مليار دولار أخرى من الأوراق شبه الحكومية.
على خط مواز، تعتمد أمريكا على الصين بسبب ضعف أساسي في هيكل الاقتصاد الأمريكي وما يعانيه هذا الاقتصاد نقص عميق ومقلق في المدخرات المحلية، في الربع الرابع من عام 2017 ، بلغ صافي معدل الادخار المحلي1.3٪ فقط من الدخل القومي بسبب نقص المدخرات في الداخل ، والرغبة في الاستهلاك والنمو ، ولذلك يتعين على الولايات المتحدة استيراد فائض المدخرات الأجنبية من الخارج وإدارة ميزان المدفوعات والعجز التجاري لاستيراد هذا رأس المال.
في المقابل، أصبحت الولايات المتحدة تفتقر إلى أي تفكير استراتيجي، تعتمد بشكل مفرط على القوة العسكرية ومتورطة في حروب دائمة في الشرق الأوسط، صحيح أن الولايات المتحدة تمثل نصف الإنفاق العالمي على الدفاع، لكن ما مدى فائدة عتادها العسكري في عصر البرمجيات؟ حاملات الطائرات الأمريكية التي قد تصل تكلفتها إلى 13 مليار دولار، يمكن إغراقها بسهولة بوساطة أحد صواريخ DF-26 الصينية، التي تكلف بضع مئات الآلاف من الدولارات. وهى كلها أسباب مجتمعة سوف تدفع الرئيس بايدن في نهاية المطاف للرضوخ لكل شروط التنين الصيني في أي مفاوضات تجارية قادمة.
في ضوء هذا الواقع، هناك تغيير كبير حاصل الآن على المسرح الدولي بما فيه من تراجع ثقل وتأثير واشنطن وتقدم الصين وعودتها بكل زخم وقوة لمقارعة واشنطن، وقضية سورية أحد تلك المؤشرات، في إطار ذلك يمكنني القول ، أنه لا يمكن أن يستمر بايدن في حرب خاسرة، لذلك فليس له سوى العودة إلى التفاهم مع بكين
مجملاً… إنه في المدى المنظور، ستستمر معركة شدّ الحبال بين الصين والولايات المتحدة، وفي شكل أقوى في منطقة الشرق الأوسط، وبإختصار شديد: إنه من المستبعد أن يغير بايدن من سياسته تجاه القضايا الدولية ونهجه العدواني وخطابه المناهض للصين حتى نهاية فترة حكمه، فسياسته تثير إمتعاضاً ليس فقط لدى الأمريكيين وإنما لدى حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا التي تتكبد الخسائر الكبيرة، ويقول الخبراء إن “الصين” القوية هي الصخرة التي سوف تتحطم أمامها كافة مشروعات الدولة الأمريكية، كما أن الصين تسعى اليوم إلى استغلال ثقلها الاقتصادي من أجل تشكيل العالم حتى يكون أكثر انسجاما مع مصالحها الاقتصادية الحيوية.