23 ديسمبر، 2024 7:34 م

هل يفعلها المالكي ويدش عالكويت !!

هل يفعلها المالكي ويدش عالكويت !!

صباح الاول من أب 1990 طلبني وزير الثقافة والاعلام لطيف نصيف جاسم لامر عاجل..كان جواد العلي مدير مكتبه..فحضرت على عجل..أبلغني وزير الاعلام بأمر وزاري للتوجه الى البصرة صحبة المصور الفوتغرافي سمير مزبان..حاولت من خلال جواد العلي معرفة ما الذي يجري..قالوا لي في البصرة ستعرف كل شئ..ذهبت الى منزلي لاخبر عائلتي بالامر..قبل ظهر ذلك اليوم أنطلقنا الى البصرة..كان كل شئ يبدو طبيعيا بالمدن التي مررنا بها حتى مدينة البصرة التي تبدو هادئة والجميع في البيوت لشدة الحر في هذا الشهر..توجهنا الى بناية محافظة البصرة, حيث أقلونا الى تجمع عسكري بالقرب من منطقة الاثل..كان بأستقبالنا ضابط برتبة عقيد من الحرس الجمهوري..ثم دخلنا خيمة فيها عدد من الضباط الركن وفي أحدى زواية الخيمة كان الفريق الركن أياد فتيح الراوي يجلس وبيده ثلاثة هواتف ..أعتقدت للوهلة الاولى أن تمرينا عسكريا سوف يجري في هذه المنطقة..شربت الشاي وأشعلت سيكارة..وأذا بالعقيد يقول لي أن السيد القائد يطلبك..سلمت عليه وجلست صحبة أثنين من كبار القادة في الحرس الجمهوري..قال لي..سوف ندخل الكويت بعد ساعات ..شعرت أن خدر ما أصاب لساني ..كيف تدخل وحدات عسكرية الى دولة لها حدود وكيان مستقل..بادرني بالقول..سندخل مدينة الكويت من ثلاثة محاور بثلاث فرق للحرس الجمهوري الاولى عن طريق الفرقة المدرعة حمورابي على محور صفوان العبدلي المطلاع ثم الجهراء حيث العاصمة وتساندها فرقتا نبوخذنصر وبغداد للمشاة..وفرقة أخرى للمشاة على محور أم قصر الصبية وجزيرة بوبيان ..قائد الحرس الجمهوري يشرح وأنا أكتب بأختصار عن عملية أستباقية مدروسة من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة ..وعلى ما يبدو أن خسائرها محدودة من كلا الجانبين ..وستكون فرقة المدينة المنورة وهي مدرعة على محور الرميلة وقاعدة علي السالم الجوية ثم الاحمدي جنوب الكويت تعقبها فرقة عدنان للمشاة..فيما تكون فرقة توكلنا على الله في المحور الاوسط ما بين حمورابي والمدينة المنورة وتتمركز غرب الكويت ..
بعد منتصف ليلة الثاني من أب شرعت القوات العسكرية العراقية بحافلات مدنية تدخل منفذ صفوان الحدودي..تفاجئ حرس الحدود الكويتي بنزول أعداد من العراقيين مدججين بالسلاح .. لم تبدي القوات الكويتية أية مقاومة وسلمت أسلحتها بسرعة.. وكان أحد رجال الحدود الكويتي قد شاهد عن بعد ما حصل, فأسرع بمهاتفة مسؤوليه في الكويت وأخبرهم أن قوات عسكرية عراقية مدعمة بالسلاح أخترقت الحدود العراقية الكويتية..ثم سلم هذا العسكري نفسه الى القوات العراقية خشية قتله.. خيوط الفجر بدأت تنشر أشرعتها ونحن نسجل بالكلمة والصورة مشاهد حية من الاشتباكات الغير المتكافئة بين القوات العراقية وقوات كويتية في المطلاع  والجهراء وسط ذهول سكانها مما يجري .. في حين راحت الاسر العراقية وقطاعات من البدون تستقبل القوات المحررة بالهتافات والتصفيق .. وفي عملية أنزال جوي وبحري في العاصمة الكويتية حيث جرى أشتباك مسلح حول قصر دسمان مع قوات الحرس الاميري وفيه قتل من قتل وأسر من أسر.. وأحكم العراقيون قبضتهم على الكويت بأكملها ولم يبق غير جزيرة فيلكا التي وقعت في أيدي القوات العراقية ظهر اليوم الثالث من أب..
الذي أود ذكره هنا,وفي معركة ما بين المطلاع والجهراء خسر العراقيون أحدى وعشرين مروحية عسكرية بسبب الابراج العالية للكهرباء حيث كان الوقت بعد منتصف ليلة الثاني من أب..مما سمح للطائرات الكويتية من ضرب عدد من المدرعات العراقية التي كانت تهم دخول الجهراء.. حيث تم تصوير رتل عسكري عراقي وهو يحترق جراء غياب المروحيات العراقية..
دخلنا المدينة, وكنت أول صحفي عراقي يبث تقرير مفصل لعملية تحرير الكويت من وكالة الانباء الكويتية التي كانت تخلوا من عامليها ألا نفر قليل من الصحفيين الفلسطينيين .. ثم أمتنعوا في اليوم الثاني من الحضور..كان وقع المشهد عصيبا على الكويتيين..لم يكن أحدا يتوقع دخول العراق الكويت على الرغم من الاستفزازات الكويتية للعراقيين ..لم يحسبوا حسابهم وقد وقع ما كان مخفي.. ألتقيت العديد منهم وهم في حيرة وأرباك مما يجري..في فندق شيراتون الكويت حيث نزلت , ألتقيت بالعقيد علاء حسين الذي شكل جمهورية الكويت لمدة أربعة أيام فقط , بعدها أعلن العراق في التاسع من أب ضم الكويت الى الاراضي العراقية وبث بشرى تحرير الكويت وأعادة الفرع للاصل .. وأعلانها المحافظة التاسعة عشرة للعراق ..هجر الكويتيون شوارعهم ومحلاتهم وكانو مرعوبين حيث تركوا سياراتهم وألتزموا منازلهم .. النساء هن وحدهن اللاتي يتسوقن من الجمعيات التعاونية والعودة بسرعة الى منازلهن ..ظهرت بدايات للمقاومة الكويتية من هنا وهناك ولكن ليس بالمعنى كمقاومة فعالة.. في بداية الامر وحينما كانت قوات الحرس الجمهوري, لم تجر هناك أية سرقات أو حوادث قتل للكويتيين .. بل كانت الاوامر مشددة من القيادة العراقية بوجوب أحترام الجميع وعدم الاخلال بالامن .. ولكن بعد دخول الكويت قطعات الجيش العراقي وأفراد من الجيش الشعبي الذين أستباحوا كل شئ في الكويت .. وأصبح الفرهود هو السمة الغالبة على العراقيين ونقلوا ما خف وما ثقل وزنه..
التقيت بالوسط الاعلامي وفي منازلهم ..وأجريت العديد من اللقاءات التي قلبت رأسا على عقب أثناء تحريرها في وزارة الاعلام العراقية .. نقلت حقيقة ما يجري في قلوب الكويتيين من ظلم وتعسف.. صور الزميل سمير مزبان أفلام كثيرة عن الوضع المأساوي التي عاشتها الكويت .. رأيت ليلة مقتل الوطني فهد الاحمد في منزله وهو يقاوم القوات التي أنزلت جوا الى بيته.. التقيت بالشاعرة سعاد الصباح وهي تذرف الدموع من أجل الكويت .. ولم تنطق أو تهمس بحرف.. التقيت بالرائع عبد الله الرويشد في مكتبه الذي كان جل ما يخشاه سرقة محتويات الاستديو الفخم الذي كان يدندن فيه أو يتم من خلاله تسجيل أروع أغانيه.. أنا نفسي صدمت مما جرى فكيف أهلها .. في حروب كهذه, يتعرض فيها الشعب الى دمار نفسي ومعنوي أكثر مما تتعرض لها الحكومات..أذا كانت الحكومة الكويتية تستحق هذا, فما ذنب شعبها الذي يكن كل الاحترام والتقدير لشعب العراق .. ويظل الكويتيون يستذكرون بألم وفاجعة أحداث الثاني من أب 1990, والتي خلفت جرحا عميقا وثأرا لا ينساه جسد الكويتيين بسبب أفعال طائشة أدت الى ما وصلنا اليه نحن العراقيون..
اليوم , وأنا أرى تمدد الكويت بأرضها على حساب الارض العراقية وبرضى الحكومة العراقية وهي تبيع مرة أخرى أرض عراقية مقابل أخراج العراق من البند السابع.. حكومة نوري المالكي تصور هجرة سكان المنطقة المحاذية للشريط الحدودي بهجرة الفلسطينيين..هل يفعلها المالكي كما فعلها قاسم وصدام ويدش ويتغدى في الكويت ويرفع رصيده الانتخابي وطز بالبند السابع!!
وما خفي كان أعظم