23 ديسمبر، 2024 11:09 ص

هل يفعلها أردوغان مع داعش..؟

هل يفعلها أردوغان مع داعش..؟

اتفق وعبر مكالمة هاتفية ،كل من الرئيس الامريكي اوباما والسلطان التركي رجب طيب اردوغان ،على منع تسلل المسلحين عبر الاراضي التركية الى سوريا والعراق من دول العالم كافة،ويأتي هذا الاتفاق ،بعيد ايام من التوقيع على اتفاقية البرنامج النووي الايراني وتصديق مجلس الامن الدولي عليه،ومن ثم احالته على الكونغرس الامريكي ،للمصادقة عليه ،والذي يواجه رفضا شديدا من الحزب الجمهوري ،فهل هي مفارقة ام سيناريو امريكي اخر يشرف عليه اردوغان ويشارك في تنفيذه،ضد تنظيم الدولة الاسلامية(داعش) خاصة بعد التفجيرات التي طالت المدن التركية الحدودية مع سوريا في سوروج وغيرها ،وفرضية تحويلها الى الداخل التركي حسب التسريبات التي تؤكد طلب الخليفة ابو بكر البغدادي من الجولاني نقل المعركة الى داخل تركيا ، وهي تتمدد طولا وعرضا في المنطقة يوميا،ويكبر خطرها على المنطقة والعالم يوميا(كما تؤكد امريكا ) عبر صحافتها وتصريحات قادتها العسكريين وجنرالاتها المتقاعدين ألعسكريين (ما اوردته صحيفة الواشنطن بوست والنيويورك تيمز في افتتاحياتهما ومقالات الجنرالات العسكريين الامريكان)،من ان داعش(هم يكتبون الدولة الاسلامية بالمناسبة وليس داعش)، هي الاقوى في المنطقة من جيوش الدول ،وإنها تتمدد بسرعة كبيرة ،على حساب هزائم وتراجع الجيش العراقي والحشد الشعبي(الفلوجة والانبار مثالا)،وفشله في استعاده محافظة الانبار ودخول الفلوجة ،رغم قصفها وتدمير بنيتها وقتل اهلها كإبادة جماعية ،بالبراميل المتفجرة والصواريخ الايرانية المحرمة دوليا ضربها على السكان والمدن ،ومنها صواريخ زلزال وكراد وصواريخ امريكية وراجمات ،الاوضاع المتردية والمنهارة في العراق وسوريا ليست في صالح تركيا ،فإدارة اوباما تشعر بالفشل والتورط من تكرار فشل استيراتيجيتها في كل من العراق وسوريا،ومن ثم عقدها صفقة تاريخية مع ايران حول برنامجها النووي،والتمدد السريع لتنظيم داعش وسيطرته على مواقع ومدن جديدة وفتح اكثر من معركة ناجحة  في وقت واحد في العراق وسورية وغيرها ،حتى وصلت الخطورة الى كل من الكويت والسعودية وتونس ومصر وتركيا واليمن وغيرها في تفجيرات مدمرة ،لإثبات وجود وإعطاء رسالة واضحة على تمكن التنظيم الوصول الى اهدافه اينما تكون ،من هنا ومن الاحباط الذي تعيشه ادارة اوباما وفشل خططها العسكرية وسيناريوهاتها  ،تأتي مبادرة اوباما للاتفاق مع تركيا اردوغان.
لإيقاف تدفق المسلحين الى سوريا والعراق للالتحاق بداعش ،علما ان داعش هي الان مكتفية ،ولا تحتاج الى مقاتلين واستشهاديين او انتحاريين يلتحقون بها ،ولديها الالوف من ابناء المناطق التي تسيطر عليها، وبايعوا خليفتها على السمع والطاعة ،فهي اذن لا تحتاج الان ،وان ما لديها ما يكفيها لسنوات ،وكذلك لديها الاموال التي تفوق ما يتصوره العقل،بفضل سيطرتها على الموارد النفطية والمائية والموارد الاخرى في المدن التي تسيطر عليها ،اذن لكي نتفهم دعوة اوباما ،واتفاقها مع اردوغان ،هو غير ما ظهر على السطح،بمعنى ان هناك ما وراء التفاهم هذا ما وراءه،وهو المرحلة الجديدة بعد الاتفاق النووي مع طهران،فهل تركيا هي الهدف القادم لداعش ،حسب طلب (البغدادي من الجولاني)،ام هناك اهداف اخرى لها بعد تفجيرات السروج على حدود تركيا-سوريا،في وقت تتصاعد حدة المعارك في سوريا واختلطت كل الاوراق هناك،فالقتال يدور بين الفصائل المسلحة من جهة،وبين الفصائل الكردية البككا وغيرها ،وجيش النظام ومعها هناك ،وبين الجيش السوري والجيش الحر ،وبين تنظيم الدولة داعش والجيش الحر والنصرة من جهة اخرى ،دون ان يحقق اي طرف نتائج ملموسة على الارض ابتداء من معارك الزبداني-القلمون وصولا الى معارك الرقة والحسكة وكوباني وتل الابيض،من هناك انبثقت فكرة ،تصريحات الجنرالات الامريكية ان( لا يمكن ان نقضي على داعش دون ان نجفف منابعها ونمنع تدفق المتطوعين لها عبر تركيا)،وتبعتها تصريحات بريطانية قوية وإشارة واضحة على تغيير السيناريو الغربي عندما قالت بريطانيا (انها لا ترغب بتغيير نظام بشار الاسد) في اشارة الى انها تريد ابقاءه مقابل محاربة العمل على القضاء على الارهاب الدولي (حسب توصيفها) ،الذي تمثله الفصائل الاسلامية المتطرفة في سوريا والعراق(النصرة وداعش والجهاد الاسلامي وغيرهم )، اذن هل يفعلها اردوغان ويستطيع ان يمنع المقاتلين المسلحين والمتطوعين من الدول من المرور عبر الاراضي التركية الى سوريا والعراق،وهل الاوضاع التركية السياسية بعد الانتخابات ،والتي لم يحصل فيها اردوغان تؤهله للقيام بهذه المهمة المستحيلة ،ولاسيما وان حكومته لم تظهر لحد الان بسبب الخلافات السياسية مع الاحزاب التي ترفض الائتلاف معه،دون ان تفرض شروطها عليه،المشاكل الداخلية السياسية التي تواجه اردوغان،والعلاقات التركية المتوترة مع ايران نوعا ما بسبب تدخلاتها في العراق وسوريا ورفض تركيا القاطع لها ،يجعل اردوغان في وضع لا يحسد عليه الان،لاسيما وان علاقاته الغير معلنة جيدة ان لم نقل غير ذلك مع داعش،وإنهما يمران بحالة (هدنة او اتفاق مخفي)،لمواجهة عدو مشترك لهما هو (حزب العمال الكردستاني البككا ومشتقاته)،اذن يتضح صعوبة تطبيق الاتفاق الذي تم التفاهم عليه مع اوباما هو محل امتحان عسير لاردوغان،اذا لم تلقي ادارة اوباما ثقلها في معاونة تركيا في دعمها سياسيا وإعلاميا وعسكريا ، من خلال الضغط على الاطراف في الداخل والخارج التركي والدول الاقليمية والغربية،لمساعدة تركيا تخطي مشاكلها ودعم برنامجها السياسي لمواجهة خطر الارهاب الدولي ،هذا ما يمكن ان يراه المراقب في الظاهر،لكن من المؤكد ان ادارة اوباما ترمي من ابلاغ تركيا على ضرورة منع المتطوعين من الالتحاق بداعش ،هو البدء باستيراتيجتها الجديدة ما بعد الاتفاق النووي ،والتي بدأت ملامحها بالظهور في الصحف الامريكية والتحليلات العسكرية للاستراتيجيين الامريكان،واليوم وصل وزير الدفاع الامريكي الى بغداد للتباحث في هذا الامر بعد ان زار قبلها اسرائيل والاردن،المنطقة بالتأكيد مقبلة على تغييرات جذرية تقودها امريكا ،لا تكون ايران بعيدة عنها ابدا ،والاتفاق والتفاهم مع تركيا يخفى الكثير ،والذي يجتاز مرحلة منع عبور المقاتلين الى قرارات اهم وأصعب في المرحلة القريبة القادمة …