23 ديسمبر، 2024 1:47 م

هل يعقل حاجتنا لكل هذا الوقت لفهم كلمة “التغيير”؟

هل يعقل حاجتنا لكل هذا الوقت لفهم كلمة “التغيير”؟

بذلت المرجعية الدينية العليا، وقبل أسابيع من بداية الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية اﻻخيرة، بذلت جهودا كبيرة من خلال منبر صلاة الجمعة، لتقديم مجموعة من النصائح والإرشادات للناخب العراقي، لاختيار اﻻصلح واﻻكفأ في تلك اﻻنتخابات، وركزت المرجعية في نصائحها تلك على مبدأ مهم الا وهو التغيير.

ورغم وضوح طرح المرجعية العليا، ووضوح مطلبها في أهمية حدوث تغيير في الواقع العراقي، تعالج من خلاله المشاكل اﻻمنية والسياسية والخدمية التي يعيشها العراق، الا اننا عشنا جدال عقيم حول معنى التغيير الذي تحدثت عنه المرجعية، وان كانت المرجعية تقصد تغيير أشخاص معنيين متصدين لقيادة البلد، فلماذا لم تصرح بأسمائهم، أم إن المرجعية كانت تقصد تغيير المنهج واﻻسلوب في إدارة الدولة، بعيدا عن الأسماء او الأشخاص او المناصب، ام إن التغيير الذي سعت إليه يشمل اﻻمران اﻻشخاص والمنهج واﻻسلوب معا.

وبقى هذا الجدل مستمر، ويبدو ان المرجعية العليا شعرت ان هنالك أطرافا أخذت تغير معنى التغيير الذي قصدته، وأخذت تحاول قدر اﻻمكان أبعاد الناس او التشويش عليهم عن المعنى الحقيقي للتغيير الذي قصدته المرجعية.

ولهذا وجدنا ممثلي المرجع الديني اﻻعلى السيد السيستاني (دام ظله) سماحة الشيخ الكربلائي وسماحة السيد الصافي، اخذوا ومن خلال خطب الجمعة المتلاحقة، أعطاء أشارات أكثر وضوحا عن التغيير الذي تنشده المرجعية، وهو إنهاء حالة اﻻزمات التي يعيشه البلد، بحيث أصبحت نهاية اﻻزمة هو بداية أزمة جديدة، ومعالجة حالة الفساد المالي واﻻداري داخل مؤسسات الدولة، ومعالجة الخلل في اهم المؤسسات الا وهي المؤسسات اﻻمنية، وغيرها من اﻻشارات.

ورغم كل هذا الوضوح، إلا إن الكثير من الناس بقت في جدال معنى التغيير، وبتأثير بعض المؤسسات الإعلامية التابعة ﻻحزاب السلطة، والتي أخذت المواطن بعيدا عن رغبة المرجعية، حيث أنها راحت تروج على ان التغيير الذي تنشده المرجعية هو تغيير المنهج ﻻ الأشخاص، ومن هذا التغيير هو تشكيل حكومة اغلبية سياسية وانهاء موضوع المحاصصة والتوافق الوطني.

وبقى هذا التضليل مستمر حتى يوم اﻻنتخابات، وبقى الكثير منا بعيدا كل البعد عن حقيقة التغيير الذي ابتغته المرجعية، وظهرت نتائج اﻻنتخابات وبدأ مارثون اختيار المناصب الرئاسية.

ومع هذا بقت المرجعية ترسل اﻻشارات حول رسم المستقبل السياسي، وتوضح أكثر للناس الذين لم يفهموا او أنهم يظهرون أنفسهم بعدم الفهم لقصد المرجعية بالتغيير، فمع قيام البعض برفع شعار حكومة اﻻغلبية، المرجعية تحدثت عن حكومة توافق بمشاركة كافة اﻻطراف والمكونات العراقية، وأهمية أن تحظى الحكومة بقبول وطني واسع.

 الا ان عباد الكراسي والمناصب بقوا بعيدا عن رغبة المرجعية وطرحها، وبقوا مستمرين بتظليل الناس وأخذهم بعيدا عن رؤية المرجعية ﻻخراج البلد من أزمته الخانقة، من خلال تأثيرهم اﻻعلامي وسيطرتهم على أهم المؤسسات الإعلامية في البلد، فبقوا متشبثين بمناصبهم وكراسيهم، فما كان من المرجعية إلا أن تعطي أشارة أكثر وضوحا، لتدعو لعدم التشبث بالمناصب وان تكون مصلحة البلد فوق كل اعتبار، ومع هذا بقى التشبث بالكرسي والمنصب واﻻبتعاد عن رغبة المرجعية هو منهج الطرف اﻻخر واسلوبه بالتعامل مع الواقع.

ورغم انفراج شيء من اﻻزمة، وان رغبة المرجعية العليا كانت أقوى من كل الضغوطات واﻻغراءات واﻻكاذيب، لكنني أود أن أسأل، أيعقل إننا كنا بحاجة لكل هذا الجهد والوقت لكي نفهم إشارات المرجعية وحديثها؟ أيعقل إننا استغرقنا كل هذا الوقت لكي نفهم كلمة واحدة قالتها المرجعية؟ في حين إننا في كل مناسبة وحدث، ندعي إننا أبناء المرجعية وجنودها.