23 ديسمبر، 2024 1:20 م

هل يعقل: الله مذهبي وأناني؟!

هل يعقل: الله مذهبي وأناني؟!

إن الأمة الإسلامية اليوم موجودة ولكنها ليست حاضرة، وهناك فرق شاسع بين الحضور والوجود،هي موجودة وجوداً مادياً إرهابياً وتملك تأثيرا سلبيا ودمويا في المشهد العالمي،على مستوى الشعوب ومستوى الحكام، وتحقق أهدافا لا تمت للإنسانية والشرائع السماوية والوضعية بأية صلة، وبهذا المعنى فالأمة الإسلامية ليست حاضرة وبالتالي لا تستحق أن تكون أمة وسطاً شاهدة على نفسها وعلى الناس أجمعين، فالحكماء يقولون : الدنيا تدوم وتزدهر مع عدل الكفار، ولا تدوم مع ظلم المسلمين إن الله ينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وأن كانت مسلمة. ووفق هذه المفاهيم التي نعتقد أنها لا تجافي مقاصد الشريعة الإسلامية، فهل يعقل أن الله اختار أمة العرب والإسلام لتكون أمة وسطا بين أمم الخليقة؟ لتكون شاهدة على نفسها وعلى الناس أجمعين، وجعل من أبنائها الذين استضعفوا في الأرض أئمة وجعلهم الوارثين؟ هذه الأمة الموجودة ولكنها ليست حاضرة مع ركب الحضارة العالمية، بل إنها موجود لتخرب وتدمر هذه الحضارة وتعود بالعالم إلى عصر التخلف والانحطاط والرذيلة، بدلاً من أن تكون حاضرة لقيادة البشرية كما أراد الله، فهل نحن اليوم نفس شعب الأمة التي وعدها الله بوراثة الأرض وقيادتها والشهادة عليها؟

نحن اليوم أمة نعيش لترسيخ قمة معاني الفسق والفجور والرذيلة، من خلال تشريع قتل بعضنا البعض، وقتل المخالفين في الرأي والعقيدة ظلماً وعدواناً، وبكل همجية ووحشية، وهذا ما لم نجده في الأمم والديانات الأكثر تخلفاً في العالم.

نتساءل هل يعقل أن الشعوب الأخرى من غير ما يسمى بالمسلمين هم كفرة وسيرميهم الله في نار جهنم التي وعد بها الكافرين؟ وهم بناة حضارة وعلم، ومن المولعين بحقوق الإنسان وحرية الأديان، والحريات العامة،ويقدسون حقوق الحيوان وهل سيرمي الله في جهنم توماس ادسون وهو من أنار العالم. وهل سيرمي نيوتن رغم كل اكتشافاته التي خدمت وماتزال تخدم البشرية، وهل سيرمي جيمس واط ،و أوم ،وانشتاين، وماكس بلانك ووو…

وهل الله سبحانه وتعالى مذهبي الى حد يجعله يكره العلم والتطور والنور، بحيث يقوم بمعاقبة العلماء الذين أفنوا حياتهم بالبحث العلمي لخدمة البشرية التي خلقها الله، ولم يبدر منهم فعلاً يوذي الإنسان، ولكنه لم ينطق الشهادتين، فيقوم بعد موته بتعذيبه من خلال سكنه الدائم والأبدي في نار جهنم، هل هذا معقول؟ وهل هذا حق وعدل من رب الحق والعدالة؟

هذه تساؤلات أسأل الله أن يعذرني ويغفر لي عليها، كوني مسلما عراقيا، يموت يومياً من أبناء شعبي المئات على أرصفة الشوارع وفي المعامل والأسواق العامة وفي بيوتهم وهم آمنون، وباسم الله وباسم الإسلام، يحدث ذلك منذ عشرات السنين ولا أحد من المعمورة في الكرة الأرضية يشجب ويستنكر هذه الجرائم، بل البعض منهم يدعم هذا العمل بالمال والسلاح والرجال، ومنهم من يشمت، ومنهم من ينصب الأعراس فرحاً بما يسميهم الشهداء لأنهم فجروا أنفسهم بأجساد أبناء وطني، وأحرقوا الأطفال والنساء والرجال من دون ذنب من خلال سياراتهم المفخخة، والفرق أن حرق الطيار الأردني يمكن أن يبرره الداعشيون بأنه أحرق مقاتليهم فردوا عليه بالمثل، ولكن ما هو تبرير حرق الأطفال والشيوخ والنساء في العراق؟

إن أمة العرب اليوم غارقة في الرذيلة والجريمة والنفاق والازدواجية، فبالأمس احتفلت الأردن وغيرها من دول الجوار بشهدائهم الذين فجروا أنفسهم على جسد الشعب العراقي، هذا الشعب الذي أفنى أبناءه في الدفاع عنهم عبر كل معاركهم التاريخية، والتي كانت لا تعنيهم من قريب ولا من بعيد، ولكن باسم العروبة وباسم الإسلام الواحد كان آلاف الشباب العراقي يموت، وأهدرت مليارات الدولارات على هذه الحروب العبثية، ولكن هؤلاء يجازون هذه التضحيات بقتل هذا الشعب والاحتفال بموته، واليوم تدور الدائرة عليهم، ولا نعلم إن كانت إرادة الله، فهل نفرح كما فرحوا بقتل أبنائنا وبناتنا وهللوا لذلك، وهل ننصب خيم للأعراس والاحتفالات أم ننصبها للعزاء؟ أعتقد أن العمل الطبيعي والعقلي والوطني أن نفرح ونشمت بكل هؤلاء ونتمنى أن يجري عليهم ما جرى على العراق، لأن الذي جرى على العراق كان بسببهم أولاً وآخراً ولنترك إرادة الله أن تأخذ مجراها إلى النهاية لمعاقبة هؤلاء جزاء استهتارهم بالدم الإنساني الذي أهدر على يد كلابهم التي تعبوا في تربيتها