الأحداث والمتغيرات المتسارعة التي تحدث في المنطقة فرصاً ينبغي على دول الخليج أن تستثمرها ولا تمر عليها مرَّ السحاب دون اغتنامها كما حدث في السابق، حتى لا تتحول إلى غصة، كما أشار المرجع الصرخي في نصيحته لدول الخليج والمنطقة وذلك في سياق جوابه على استفتاء رفع عليه تحت عنوان: أضاعوا العراق… تغيّرتْ موازين القوى… داهَمَهم الخطر…!!!” حيث كان مما جاء فيه:(( أولًا ــ لقد أضاعت دول الخليج والمنطقة الفرص الكثيرة الممكنة لدفع المخاطر عن دولهم وأنظمتهم وبأقل الخسائر والأثمان من خلال نصرة العراق وشعبه المظلوم!!!،… ثانيًا ــ هنا يقال: هل يمكن تدارك ما فات؟!! وهل يمكن تصحيح المسار؟!!وهل تقدر وتتحمّل الدول الدخول في المواجهة والدفاع عن وجودها الآن وبأثمان مضاعفة عما كانت عليه فيما لو اختارت المواجهة سابقًا وقبل الاتفاق النووي؟!!..))،فإيران وأدواتها قد تعرضت خلال هذه الأيام القليلة إلى ضربات موجعة وتصدعات كبيرة، فحليفها بشار الطاغية خذله الدب الروسي الذي أعلن عن انسحابه من سوريا بعد أن كشف أن ما يهمه هو مصالح روسيا العليا وأن بشار ليس خطاً احمراً، وبذلك خسر بشار وإيران أكبر رهان وحليف لها في المنطقة،حزب الله هو الآخر في وضع لا يحسد عليه وفي ورطة لا يعرف الخروج منها بعد الخسائر المتتالية التي مُنِيَ بها في المستنقع السوري، وجاء موقف دول الخليج والجامعة العربية ليكمل الغريق (غطة)، بعد إدراجه كمنظمة إرهابية، وقطع المنح السعودية التي كانت تقدمها للجيش اللبناني، وهذا ما جعل الحزب منبوذاً وتصاعد حالة التذمر تجاهه في المجتمع اللبناني بسبب ممارسته وتبعيته لإيران والتي أثرت سلباً على المشهد اللبناني عموماً في الداخل وعلاقاته مع الخارج وخصوصاً مع محيطه العربي، يضاف إليها الإجراءات المترتبة على خلفية إدراجه كمنظمة إرهابية ومنها محاسبة وملاحقة وطرد كل من يدعمه ويسانده ويتعامل معه وفي كل المجالات ومنها ما قامت بها دول الخليج من طرد وإبعاد حتى المتعاطفين معه من المقيمين في تلك الدول…الحوثيون الموالون لإيران يتعرضون إلى الخسائر تلو الخسائر وفقدانهم الكثير من المناطق وسيطرة الشرعية عليها، ومليشيا الحشد الشعبي الخاضع لإيران في العراق ليس بأفضل حالاً من حزب الله والحوثيين فهو بين مطرقة المحاكم الجنائية الدولية التي تلاحقه بسبب الجرائم الموثقة التي ارتكبها وسندان المجوقلة الأميركية والرفض الشعبي والأميركي حول مشاركته في تحرير مدينة الموصل لأنه منظمة غير مرحب بها بسبب طائفيته وجرائمه وخضوعه المطلق لإرادة إيران…ما ذكرنا من متغيرات سريعة مرتبطة بأدوات وأذرع إيران في سوريا والعراق واليمن جعل إيران تعيش حالة انكسار وتراجع، أضف إلى ذلك تغريم إيران 10.5 مليار دولار لدعمها أحداث 11 سبتمبر ومساعدتها للمتورطين وهذا يعني ثبوت تورطها بتلك الأحداث، وهو الأمر الذي سيشكل سكين خاصرة أخرى في علاقات إيران مع الغرب، ناهيك عن الوضع الداخلي المضطرب والذي أقل ما يقال عنه أنه نار تحت الرماد خصوصاً في المناطق التي يقطنها المكونات من أصول غير فارسية كالعرب والبلوش وغيرها، فضلاً عن التنافس بين أطراف المعادلة السياسية المتعلقة بنظام الحكم هناك وجدلية من يخلف الخامنئي…وأما العراق الرئة التي تتنفس منه إيران وسلَّتها الغذائية ومصدر دعمها وحائط صدها ومنطلق مشروعها الإمبراطوري الشعوبي فهو يمر في أخطر مرحلة قد تعصف بالعملية السياسية التي بذلت إيران ومرجعياتها الكهنوتية كل طاقاتها من أجل الحفاظ عليها وحالة الغليان التي تسيطر على المشهد العراقي منذ أكثر من ثمانية أشهر والسخط الشعبي على أداء حكومة إيران في المنطقة الخضراء وكتلها وأحزابها واحتراق كل الشماعات التي كانت إيران وأدواتها تسوقها للناس طيلة ثلاثة عشر سنة والتي تنذر بمستقبل مهول لأذرع وأدوات إيران في المرحلة القادمة في ظل الرفض الشعبي الذي أعلن عنه في تظاهراته بشعاره الخالد باسم الدين باكونه الحرامية، علاوة على تصارع الكتل والأحزاب السياسية التابعة لإيران على المناصب والكراسي والتصدع الذي بدا واضحاً على التحالف الشيعي….لم يكن المشهد السياسي في العراق وحده الذي يؤول من سيء إلى أسوأ، بل الوضع الإجتماعي والإقتصادي والخدمي والأمني وبطش المليشيات والعصابات، كل هذه العوامل والمعطيات وغيرها مما لم نذكره للإختصار فرصاً لا تعوض لدول الخليج والعرب لإنقاذ العراق والذي يعد المفتاح والباب لإنقاذ دولها وشعوبها وأمنها خصوصاً بعد أن حظيت تلك الدول من الغرب وأوربا على التأييد لعمليات وتحركات درع الشمال.