23 ديسمبر، 2024 10:39 ص

هل يصبح آيا صوفيا مقصلة لعنق اردوغان ؟

هل يصبح آيا صوفيا مقصلة لعنق اردوغان ؟

المتابع لسياس تركيا ابان سلطة اردوغان بالذات يوميا يطرح على نفسه كثير من الاسئلة حول ما يحدث في المنطقة و ما يقدم عليه اردوغان يوميا خارقا لكل القيم و المباديء السياسية والفكرية العامة التي تريد الخير للانسانية؛ فلماذا لم تردع اوربا هذا الشيخ المتهور اردوغان مهما تصرف منذ اعتلاءه العرش و احتكاره زمام الامور في بلده؟
يبدو ان اردوغان قد تمادى كثيرا و كشف عن غيه بشكل واضح وفضيح الان، و بعدما سار وفق ما كان يفكر به متفردا و لم يتلق رد فعل مناسب ازاء ما فعله سابقا، و يعتقد بانه ينجح في استمراره لحين تحقيق اهدافه و طمعه المبني على حسابات ربما سيرى نتائجها معاكسة تمام في لحظتها لما ينوي بعد ان تستقر حال العالم فيما بعد الانتهاء من جائحة كرونا و افرازاتها السياسية الاقتصادية الاجتماعية على العالم و على قراراتهم و تعاملهم مع ما يحدث في العالم و منها منطقة الشرق الاوسط.
راوغ اردوغان في سياساته الخارجية و لعب على الخلافات بين القوى و اتبع خطة المد و الحزر و انتهز الفرص الكثيرة التي توفرت بعد التغييرات التي حدثت ما بعد ثورات الربيع العربي و بالاخص اتخاذه دورا تمثيليا مكارا لنفسه كقائد اسلامي اخواني معتمدا على مال الخليج و بالاخص القطر و القوة المخفية لتنظيمات الاخوان و الفراغات التي نشات في البقع الاستراتيجية الحساسة في منطقة الشرق الاوسط و افريقيا. اما داخليا لا يمكن ان يُحسد على ماوصل اليه اقتصاده، بل كل بقي في يده هو تهربه من تلك المشاكل الداخلية الكبيرة بافتعال بهلوانيات خارجية محاولا لفت الانظار، و نجح لحدما الى اليوم. على الرغم من النجاح النسبي في افعاله الثعلبية الا انه لم يحتسب لما يمكن ان يصل اليه او ما تفرض عليه نتائج المعادلات السياسية المعقدة و خصوصا ما تتعلق باوربا التي لم تقل كلمتها فيما يتبعه اردوغان بما تضر مصالحها الاستراتيجية لحد الساعة.
اما اليوم و بعد خطوة اردوغان لاحالة كنيسة ايا صوفيا التاريخية و بعدما كانت بمثابة متحف مستقل الى مسجد اسلامي في هذه المرحلة، فنسمع انينا و رد فعل لا زال حذرا من اوربا لما غانر به اردوغان يمهاتراته و سلوكه و بهلوانياته الاخيرة في اسطنبول و لم يردعه و يضع حدا له احد الا اسرائيل بطريقتها المعلومة. ادركت اوربا الان جيدا ان ما يقوم به اردوغان هو مشروع عرقي تعصبي اسلاموي عثماني باهداف انية و مستقبلية و يصر ادروغان ان ينفذه بسلوك دكتاتوري دون ان يحسب لما للاخر الحق في ان يكون له راي في هذه الامور و المشاريع المتجذرة نشاتها تاريخيا. نطقت الصحف الاوربية اخيرا بما احست به من نوايا اردوغان و اهدافه و طمعه . و يوضح ما يُنشر هذه الايام في الصحف الاوربية المعتبرة ان السياسات التي يمكن ان تتبعها اوربا ازاء ما يقدم عليه اردوغان ستكون مغايرة بعدما تاكدوا انه عليهم ان يلجموه في مكانه و بحسابات و معادلات سياسية اقتصادية تحتسب للتعقديات الموجودة حاليا و هذا ما يكشفه هذه المرة ما ينشر هناك بشكل مستمر.
بعدما تمادى اردوغان في غرب كوردستان و شمال سوريا و المناطق السورية الاستراتيجية و فعل فعلتته كثيرا خلسة نحو البحر المتوسط و ليبيا و تلاعب بما ليس له الحق به، فانه لا يمكن ان تستكت اوربا بالذات لاردوغان هذه المرة و ان تسمح له ان يحقق ما يريد بسهولة. ادركت اوربا اخيرا بان مشروع اردوغان عثماني عرقي دكتاتوري ايديولوجي ديني تضليلي خطر وغير مناسب للعصر وهو يخترق الحرية و الديموقراطية و كافة الحقوق و منها المباديء الاساسية لقيم اوربا و في مقدمتها حقوق الانسان، و لذلك فانها لابد ان تتحرك بتاني و بقوة خلال المرحلة المقبلة، و تاكدت اوربا ايضا من انها لم تر تركيا حرة ديموقراطية منفذة للمباديء الاساسية التي تؤمن بها هي، لا بل معرقلة و تضع العصي في عجلة الحياة الحرة الكريمة للشعوب الاوربية ايضا قبل المنطقة و تركيا بنفسها بالذات.
علاوة على ما وصلت اليه اوربا من الناحية السياسية و المباديء العامة للثقافة التقدمية و ما يخالف تطلعاتها لها و للمنطقة و العالم اجمع، فان اردوغان و في تماديه على منابع الثروات التي ليس له الحق في التمادي و التطاول عليه في البقع الحساسة خارج حدود دولته السياسية و خاصة النفط و الغاز و ما يمكن ان يدفع اردوغان الى ان يضر به اوربا ان تمكن ان ينجح في استغلال تلك المنابع لتنفيذ مشروعه الخطر، فاوربا اليوم تحسب اكثر و انهت في حساباتها نهائيا احتمال ان تستوعب اردوغان او تركيا في منظمة اوربا الموحدة و انهى اردوغان بسياساته الرعناء حتى التفكير في التعاون معه مستقبلا فيما يخص مصلحة بلده، و عليه ان تحركت اوربا بشكل صحيح و ان لم تتفرد دول منها نتيجة مصالحها الضيقة وهذا بعيد جدا، فانه من المتوقع ان يُردع اردوغان و يُعاد الى رشده بشكل سلمي اولا و الا فان الامر خطر على اوربا و لا يمكن تلافيه او تجنب الامر لان افرازاته تقع عليهم و تضر بمصالحهم قبل الاخرين، و الاهم ان اردوغان اصبح هو المشكلة اليوم لاوربا و انه السبب الرئيسي لعدم استقرار المنطقة و هذا ما يؤثر على استراتيجية اوربا، و عليه يجب وقفه، و هذا ما يدعنا ان نحسب ان تقليم اردوغان ممكن و محتمل في المستقبل القريب.
لقد وصلنا الى ما توقعناه من قبل و يدركه اي متابع و لا يحتاج لعقلية عبقرية يحتسب بدقة و بمعادلات و هو ان نهاية كل متهور هي سقوطه هو قبل الاخر الذي يضر به، بما ان اردوغان يعيش اليوم مستندا على مغامراته و تعدياته الداخلية و الخارجية على حساب الاخرين و وصل الى حد ان يستحق ان يُقال له الدكتاتور، فان نهايته ان لم يكن داخليا على ايدي شعبه فانه خرق كل القوانين بما يمكن ان يعطي نقطة ضعف كبيرة خلال مسيرته الجديدة و ما يلف بما يعقده من الحبل الشيطاني حول عنقه وستطون النطرقة من على راسه اخيرا كجميع الدكتاتوريين و ما نعلم عنهم تاريخيا و منهم من وقع في وقت قريب ايضا.
و ان حسبناه سياسيا و وفق البراغماتية و الحسابات، فان تحويل اياصوفيا الى مسجد و صلّى فيه اردوغان الجمعة صلاة سياسيا بمكر فسوف يكون لصالح الكورد قبل غيرهم في نهاية الامر،ما يقع من النتائج على تهوره و هو بمثابة احتلال الدكتاتوري العراقي صدام حسين للكويت في عام 1990، وهو السبيل لاحقاق الحق لمن له الحقي عليه و الكورد قبل غيرهم و رفع الظلم و الغدر التاريخي عليهم لهذا السبب اي ايا صوفيا لانهاء اردوغان بمثابة كويت لانهاء صدام، و ليس لما يؤمن به العالم من رفع الضيم عن الشعوب المغدورة و الكورد منهم.