18 ديسمبر، 2024 6:47 م

هل يستطيع العراق تسديد ديونه الداخلية والخارجية ؟!

هل يستطيع العراق تسديد ديونه الداخلية والخارجية ؟!

أعلنت اللجنة المالية النيابية ، ( الثلاثاء الماضي ) ، عن بلوغ ديون العراق الداخلية والخارجية لغاية كانون الأول 2017 إلى 114 مليار دولار بما يوازي أكثر من 135 تريليون دينار، وقالت عضو اللجنة ماجدة التميمي لـ( المعلومة ) إن وزارة المالية أعدت تقريرا نهائيا عن ديون العراق الداخلية والخارجية لغاية كانون الأول 2017 وبموجبه فان مجموع الديون الخارجية تبلغ 70,3 مليار دولار بما يوازي 82 تريليون دينار فيما تبلغ الديون الداخلية 43,9 مليار دولار ما يوازي 53 تريليون دينار ، وكانت الحكومة أعلنت في مطلع شهر شباط الماضي عن حصول العراق على ما يقرب من 33 مليار دولار كقروض من مؤتمر الكويت الذي شاركت بأعماله مئات الدول والشركات ( المانحة ) ، وكما هو معلوم اقتصاديا فان لجوء اقتصاديات الدول ومنظمات الأعمال إلى الاقتراض ليست ممارسات سلبية في كل الأحوال ، واقتراض الدول يمكن أن يكون مفيدا وايجابيا في العديد من الحالات أبرزها :
. أن تكون للدول خطط وأهداف للاقتراض مع أسبابها ومداها ومصادرها وليس لأجل الترقيع
. أن لا يكون الافتراض بضمانات سيادية بشكل يضمن وحدة البلاد وعدم التدخل في شؤونها
. أن يكون الافتراض لضرورات ملجاة وملحة كما في الحروب أو للاستثمار لتعظيم العوائد
. أن تتوفر للدولة القدرات الأكيدة على خدمة الديون وتسديدها بآجالها المحددة دون تجديد
. أن تكون الدولة المقرضة ميسرة وتستطيع ان تعطي بعض السماحات كإعادة برمجة القرض
. أن لا يكون الاقتراض مع دول طامعة أو لها أهداف معادية أو تدخر ضغينة مع المقترضين
. إن تتوفر النوايا المسبقة في إعادة جدول القروض أو إطفائها أو تسويتها وديا دون إذعان
أن يكون الاقتراض بقرار جماعي تضامني وليس استنادا إلى رأي فردي وينطوي على فساد
. أن تتوفر الإرادة الحقيقية لتسديد القروض بمواعيدها وليس التوسل لتأجيلها عاما بعد عام
. أن تظهر القروض في الحسابات الختامية كل عام مع التعهد وان تشكل التزاما واجب السداد
ويجب أن تتوافق القروض مع النسب والمؤشرات العالمية المعتمدة بهذه الخصوص ومنها ( حجم القروض ، الترتيب ضمن الدول ، نسبة القروض من الناتج المحلي الإجمالي ، حصة الفرد من القرض مقارنة بحصته من الدخل القومي ) ، ولأهمية القروض وحتميتها فقد قدر معهد التمويل الدولي (الذي مقره واشنطن) الديون العالمية خلال الربع الثالث من العام الماضي بنحو 233 تريليون دولار، أي بزيادة قدرها 16 تريليون دولار على قيمتها في نهاية 2016 ، وتشمل الديون العالمية التي يرصدها المعهد في تقرير دوري تحت عنوان مراقب الديون العالمي كلاً من ديون الحكومات والشركات المالية وغير المالية والديون العائلية ، وحسب تقرير المعهد ، يصل نصيب كل إنسان على كوكب الأرض من إجمالي الديون إلى أكثر من 30 ألف دولار، في ضوء تقديرات الأمم المتحدة لعدد سكان العالم والبالغ 7.6 مليار نسمة ، وبلغت ديون الشركات غير المالية 68 تريليون دولار، وديون الحكومات وصلت إلى 63 تريليون دولار، بينما بلغت ديون الأسر 44 تريليون دولار، ونقلت صحيفة «الإندبندنت» عن المعهد تحذيره من أن يساهم ارتفاع أسعار الفائدة في خلق مصاعب لسداد المديونيات وتتجاوز هذه الديون العالمية قيمة الناتج المحلي الإجمالي لأكبر مائة اقتصاد في العالم ، وتقع الولايات المتحدة على رأس هرم الديون، تليها بريطانيا (7.9 تريليون دولار)، وفي المركز الثالث فرنسا (5.4 تريليون دولار)، ثم ألمانيا (5.1 تريليون دولار)، وتليها هولندا (4.3 تريليون دولار) ، ومن النقاط المضيئة التي يعكسها التقرير تراجع معدل الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي للربع الرابع على التوالي، وساعد على ذلك تحسن وتيرة نمو الاقتصاد العالمي ، فقد وصل معدل الدين العالمي إلى الناتج خلال الربع الثالث من 2017 إلى 318 في المائة بانخفاض قدره 3 نقاط مئوية عن مستواه في الربع الثالث من 2016 .
وعودة إلى عنوان ( المقالة ) فان اللجنة المالية النيابية لم تضع تصنيفا للقروض الخارجية التي تزيد قيمتها عن 70 مليار دولار ، فالبعض منها من الديون ( البغيضة ) التي احتسبت ديون رغم انه قدمت من باب الدعم في حرب الخليج الأولى كما إن بعضها يمكن تسويتها في نادي باريس للديون ، وهناك ديون أخرى قد يمكن التفاوض بشان إطفائها أو تحويلها غالى استثمارات أو أية صيغة يتم الاتفاق عليها باعتبار إن جزءا من غاياتها سياسية وعسكرية وتمت مع نظام سياسي انتهى ولا يمكنه الوفاء بأي دولار ، وعلى وفق البيانات المقدمة من العراق عام 2012 فانه يقع في الترتيب 60 بين الدول من حيث المديونية وهو ترتيب جيد فيما لو كانت هناك سياسات جادة لمعالجة الديون ، ولكن واقع الحال لا يبشر بالخير فالقروض الخارجية والمديونية الداخلية تتكاثر عاما بعد عام ، ففي مشروع الموازنة الاتحادية لسنة 2018 تم التخطيط لمعالجة العجز في الموازنة الذي يبلغ 12 تريليون دينار عن طريق تخويل وزارة المالية إيجاد مصادر خارجية للاقتراض ، فضلا عن إدراج فقرات للنفقات يتم تمويلها من خلال القروض المتفق عليها سابقا مع ترك الباب مفتوحا للاقتراض من البنك المركزي بحوالات الخزينة والسندات والائتمان والوسائل المتاحة الأخرى ، ويعني ذلك إن القروض تتوالد سنويا على أمل ارتفاع أسعار النفط وهو احتمال صعب التحقق إن لم نقول انه مستحيلا لان بدائل النفط باتت ممكنة وباستطاعتها الحؤول دون أية أزمات لإمداد الذهب الأسود ( النفط ) ، بعد إن أصبح هناك إمكانيات أوسع للتصدير والحد من أزمات ارتفاع الأسعار ، والأمر الأخطر في الموضوع هو إن صندوق النقد الدولي أصبحت له اليد الطولي في العراق وبإمكانه التأثير على الحكومة لاتخاذ قرارات لا تراعي مصالح الفقراء الذين يزداد عددهم سنويا ، كما إن الإجراءات للإصلاح الاقتصادي وزيادة الدخل القومي بحاجة إلى إدارة وإرادة غير متوفرتين حاليا ، وهناك حاجة فعلية إلى 200 مليار دولار لكي تعاد الأمور إلى نصابها المتهرئ مما يتطلب الاهتمام بهذا الموضوع فبل فوات الأوان .