11 أبريل، 2024 8:09 ص
Search
Close this search box.

هل يستطيع العبادي معالجة ظاهرة الفضائيين في الوزارات والدوائر المدنية ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

شهدت الايام الماضية اهتماما رسميا واعلاميا واسعا بموضوع الفضائيين في المؤسسات العسكرية وقد اقترنت تلك الاهتمامات بإعلان فضائح وحالات تورط في الفساد الاداري , وقد برز هذا الاهتمام بعد توفير البيئة المناسبة لإثارة هذا الموضوع , فالظاهرة موجودة فعلا والجميع يعلم بها وسببها ان عدد المنتسبين للمؤسسة العسكرية اكثر من الحاجات الفعلية لأفرادها بضوء المهمات المسنودة لهم سابقا , فالجيش انشغل بمهمات داخل المدن من خلال التواجد في السيطرات والمقرات والحمايات , والمعسكرات التي يشغلها قليلة وهناك افتقار الى الممارسات المتعلقة بالفرضيات ومهام التدريب بموجب القياسات العسكرية المتعارف عليها فالعسكر شعارهم لا تبقي الجندي في حالة سكون وانما اشغله من خلال الواجبات والتدريب .

لقد كان للظروف التي مرت بها بعض محافظاتنا و (انسحاب ) الجيش منها لأسباب لم يكشف عن حقيقتها لحد الآن هو ما حفز لإبراز ظاهرة الفضائيين في الجيش , ولا نعلم هل ان الاجهزة الادارية الحكومية بحاجة الى صدمة على غرار ما حصل في الموصل وصلاح الدين والانبار لكي ينفضح امر الفضائيين فيها ؟ , فعدد الموظفين الحكوميين في الوزارات والدوائر المدنية يبلغ بحدود الثلاثة ملايين ولا توجد مؤشرات حقيقية عن ادائهم الفعلي , فالجهاز الاداري يعاني من الترهل وضعف الكفاءة وسوء التوزيع وهي مجرد انطباعات لافتقار الدراسات بخصوص الموضوع , رغم علمنا بان هناك اطاريح ورسائل للماجستير والدكتوراه تناولت هذه المواضيع ولكنها محفوظة في المكتبات ولم تتم الاستفادة من نتائجها وتوصياتها قط .

لقد اوجدت قرارات الحاكم المدني في العراق بول بريمر جيوشا من الموظفين الفضائيين عندما تم تعطيل وزارة الاعلام والتصنيع العسكري وغيرها من المؤسسات المنحلة , وبسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة فقد اصبحت شركات وزارة الصناعة غير قادرة على انتاج رواتب موظفيها , وتحول الموظفون في اغلبها الى ارقام لانهم بدون اعمال حقيقية تتناسب مع خبراتهم ورغباتهم وقدراتهم التي اكتسبوها عندما كانت تلك الشركات تحقق السبق في المنطقة من حيث الجودة والطلب , ولو تم احصاء عدد التعيينات التي حصلت في الوظائف الحكومية بعد سنة 2003 لوجدنا انها بعدد مبالغ به , واغلب تلك التعيينات افتقدت الى الحاجة الفعلية والكفاءة والاستحقاق فاغلبها تمت لأسباب معروفة في ظل غياب تشكيل مجلس الخدمة الاتحادي .

وواقع الحال يؤشر وجود عشرات او مئات الالاف من الفضائيين في الوظائف الحكومية , فهناك نسبة كبيرة من الموظفين غير قادرين على انتاج رواتبهم اي انهم يعملون باقل مما يتقاضوه من رواتب ومخصصات , وهم افضل حالا من الموظفين الذين يتواجدون في منازلهم ويتقاضون رواتبهم وربما البعض منهم موجودين في خارج العراق وتصرف لهم رواتبهم او يتم تقاضي نسب منها لغرض صرفها , والاكثر من ذلك هو وجود موظفين في بعض الدوائر بصفة شكلية فهم يداومون ولكنهم لا يعملون لانهم محميين من بعض الكتل والاحزاب , ناهيك عن وجود اعداد كبيرة من الموظفين تكرس جهودهم لخدمة المناصب الوظيفية فاغلب المسؤولين لديهم مواكب ( زفاف ) في بداية ونهاية الدوام فمهمتهم خدمة المسؤولين وعوائلهم فحسب .

اذن : الفضائيون ظاهرة مستشرية في اغلب الاجهزة الادارية الحكومية وليس في المؤسسة العسكرية وأشكال وجودهم تختلف وتتنوع , وبموجب هذا الاختلاف والتنوع فان عددهم يشكل نسبة مهمة من مجموع الموظفين , وقد بات وجودهم يشكل عامل إحباط للموظفين المجدين والمخلصين الذين يقضون ساعات الدوام وما بعده لإنجاز واجباتهم بإرهاق في وقت يتواجد فيه الفضائيين خارج التغطية او بتواجد شكلي , ولعل مما يزيد الامر احباطا في بعض الاحيان ان المخلصين هم آخر من يحصل على الحقوق المشروعة او الامتيازات الاضافية , لأن بعضها تذهب للمقربين الذين يتمتعون بمخصصات الاعمال الاضافية والايفادات والفرص الدراسية والتدريبية والاسبقية في الترقية والترفيع وتبديل العناوين والحصول على المناصب والالقاب .

ونقول للسيد رئيس مجلس الوزراء ولمن يعنيهم الامر في مجلس النواب والهيئات المستقلة , ان التضحيات للمعارك التي يجب خوضها لإخراج الارهاب من ارض العراق يجب ان يساهم بها الجميع من خلال الاضطلاع بأدوارهم وليس اعتمادا على جهود القوات المسلحة والحشد الشعبي ومن يقاتل الى جانبهم فمن المهم ان تكون هناك بنى تحتية لتلك المعارك في الاجهزة الحكومية , فهي تتطلب اداءا اقتصاديا صحيحا وضغطا في النفقات غير الضرورية وعدم الاسراف الحكومي من خلال تكريس جزء من الموازنة على الفضائيين والمعطلين عن العمل , الذين يتمتعون بالخدمات المجانية من حيث استخدام أحدث السيارات الحكومية واشغال الدور الحكومية ولديهم فاتورات للاتصال في الموبايل وغيرها من الامتيازات غير المشروعة وغير الشرعية , ونعتقد بانه آن الأوان لوقف الهدر في الموارد بعد ان اصبح الاقتصاد العراقي على هاوية السقوط لا بسبب انخفاض اسعار النفط ولكن بسبب وجود أموال مهدرة لمن لا يستحقها بامتياز .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب