العلماء الذين يخشون الله عز وجل يكون تصرفهم ( قول او فعل) وفق حسابات شرعية دقيقة تجنبا لسخط الله ، في عبارة ينطقها المرجع هي ليست مشاعر بل تطويع المشاعر وفق ما تفرضه عليه الشريعة الاسلامية ، وشخص مثل سماحة السيد السيستاني الذي ينظر اليه اعلى مرجع شيعي في العالم بل كل الانظار تتجه اليه اذا ما المت بالمسلمين نائبة كانت كلماته بمنتهى الدقة والقوة ، ومن ارشيف بياناته التي صدرت بمناسبة فعل مشين فكر به قس امريكي الا وهو حرق القران العظيم اقتطفت هذه العبارة الرائعة من البيان وهي “ان هذا التصرف المشين لا ينسجم مع ماهو وظيفة القيادات الدينية والروحية من تثبيت قيم المحبة والتعايش السلمي المبني على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين اتباع مختلف الاديان والمناهج الفكرية”، هذه العبارة لها مداليل كثيرة ولكن محل الشاهد هنا هي وظيفة القيادة الدينية والروحية التي كانت حاضرة في كل فعل وقول للمرجع السيد السيستاني في تعامله مع الاخر مهما كان مذهبه او ديانته .
ففي كلمة ألقيت نيابة عنه خلال افتتاح الملتقى الأول لعلماء السنة والشيعة في العراق في مدينة النجف الاشرف الذي انعقد في تشرين الثاني 2007 ، بالقول: (انا أحب الجميع، والدين هو المحبة) ، وتطرق في كلمته الى امر غاية في الاهمية وهو (هذه المجالس واللقاءات مهمة ومفيدة ومن خلالها يعرف الجميع انه لا توجد خلافات حقيقية بينهم، ان نقاط الخلاف بين الشيعة والسنة في قضايا فقهية موجودة بين أبناء المذهب الواحد أيضا ).
وتطرق في كلمته الى موقف حدث لسماحته ايام النظام السابق عندما التقى بشخص سني قائلا انه أصبح شيعيا، اسأله لماذا ؟ فيقول لولاية أهل البيت، فأقول له ان أئمة السنة دافعوا عن ولاية أهل البيت….
واكد ( خطابنا هو الدعوة الى الوحدة، وكنت ولا أزال أقول لا تقولوا اخواننا السنة، بل قولوا (أنفسنا أهل السنة). انا استمع الى خطب أئمة الجمعة من أهل السنة أكثر مما استمع لخطب الجمعة من أهل الشيعة. نحن لا نفرق بين عربي وكردي، والاسلام هو الذي يجمعنا معا ).
هذه التوصيات والنصائح التي جسدت صفات القيادة الدينية الروحية ولو تمعنتم جيدا في ما يجب ان تكون عليه هذه القيادات وهو التعايش السلمي بين اصحاب الاديان والمناهج الفكرية ، فالمقصود بالمناهج الفكرية اصحاب الايديولوجيات التي لاعلاقة لها بالسماء فيؤكد سماحته على ضرورة احترامها واحترام حقوقها ، وفي لقاء اخر يؤكد سماحته انه لا توجد طائفية بل ازمة سياسية ، وهذا عين الصواب فبسبب الاداء غير السليم لبعض المسؤولين السياسيين الذين كانوا السبب في تصرف بعض الجهلة من العراقيين ومن كل الاطراف تصرفا ارهابيا الغاية منه اذكاء الفتنة الطائفية التي ولت بحسراتها امام التصرف الحكيم والالهي الذي كان عليه سماحة السيد السيستاني .
حقا لقد بح صوت الرجل منذ ان سقط الصنم والى اليوم وهو ينادي بالمحبة والتسامح والوطنية والوحدة واحترام الراي الاخر والعمل بما يرضي الله ولكن للاسف الشديد مثلما سيذكر التاريخ هذه المواقف المشينة لبغض السياسيين سيخلد التاريخ مواقف المرجعية العليا في النجف الاشرف لما بذلته من اجل المقدسات والوطن.