23 ديسمبر، 2024 5:50 ص

هل يرعى رئيس مجلس ادارة شركة هوبي لوبي الارهاب دون ان يدري؟

هل يرعى رئيس مجلس ادارة شركة هوبي لوبي الارهاب دون ان يدري؟

مع مكاسب الجماعات الارهابية لملايين الدولارات عبر اعمال نهب الاثار وبيعها، فأن الملياردير والبروتستانتي الانجيلي المتحمس قد يكون ساهم بدعم تلك الانشطة من حيث لا يدري

بقلم تينا نجوين “في اف دوت كوم”

يوم الثلاثاء الماضي، اوردت جريدة ديلي بيست الاميركية واسعة الانتشار تقريرا مفاده ان رئيس مجلس ادارة شركة هوبي لوبي، السيد ستيف غرين، هذه الشركة التي تمكنت بنجاح من تحدي تفويض منع الحمل الذي اقره نظام الرعاية الصحي المعروف باسم “اوباما كير” على خلفية انه يخرق معتقدات العائلة المسيحية الدينية، اوردت انه خضع لاستجواب مكتب التحقيقات الفيدرالي لما وصف انه عملية استيراد محظورة لقطع اثرية طينية بابلية واشورية تعود الى الحقبة الانجيلية، و ذلك اثر استيرادها للولايات المتحدة.

لكن هذه التحقيقات ليست جديدة حيث انها بدأت قبل 4 اعوام وشملت تحري امر ما يقرب من 300 من الالواح الطينية التي تعود الى حضارات ما يعرف بالعراق وسوريا المعاصرين اليوم، والتي كان يفترض بها ان ترسل الى ما يعرف بمتحف الانجيل، وهو عبارة عن مجمع متحف بقيمة بضعة ملايين من الدولارات في واشنطن العاصمة، والذي يمزمع افتتاحه العام القادم 2017 بعد ان مولت عائلة غرين التي

تملك شركة هوبي لوبي المتخصصة ببيع المشغولات اليدوية والقطع الفنية التي تقدر قيمتها السوقية بـ4.5 مليار دولار، مولت النصيب الاكبر من كلفة انشائه.

لكن حينما حاولت العائلة ادخال مجموعة الالواح الطينية عبر جهاز الجمارك الاميركي والاعلان عنها رسميا، شعر مكتب التحقيقات الفيدرالي بوجوب التصرف والتحقيق في الموضوع بعد ان اعلنت الشركة ان قيمة تلك المجموعة الاجمالية تقدر بـ300 دولار وحسب. ولا يزال التحقيق جاريا بالموضوع حتى الان، فيما وصف ممثل متحف الانجيل التحقيق بكونه يمثل مشكلة تسببت بها اوراق رسمية غير مكتملة.

لكن الموضوع لم يقف عند هذا الحد، حيث اثار خبراء الآثار سببا آخر للقلق قائلين انه عبر شراء هذه القطع الاثرية الفنية بالمقام الاول، فأن عائلة غرين قد تكون ساهمت دون علم برعاية انشطة جماعات ارهابية مسلحة مثل القاعدة التي كانت ولا تزال تبيع الآثار منذ اكثر من عقد مضى من الزمن. فحسب السيدة تيس ديفيس التي تشغل منصب المدير التنفيذي لمجموعة الآثار التي تعد منظمة متخصصة بمحاربة التجارة غير الشرعية بالاثار انها تقول “ان أي شخص يعمد الى شراء قطع اثرية من دون ان يكون متأكدا 100% من مشروعية شرائها انما يخاطر بتمويل انشطة الجريمة المنظمة وجماعات التمرد المسلحة وحتى الشبكات الارهابية، سواء كانت القاعدة او داعش او غيرها”.

من جانب آخر، بات معروفا ان تنظيم داعش الارهابي انخرط بقوة في ممارسات السلب والنهب في المناطق التي يسيطر عليها في العراق وسوريا الى جانب جماعات مسلحة اخرى، غير ان داعش خطت خطوة اضافية تجاوزت بها مجرد فرض رسوم على المهربين كما كانت تفعل القاعدة في الماضي، لتتعداها الى مستوى السيطرة العملية على اكثر من 4500 من المواقع الاثارية في مناطق سيطرتها والعمل على بيع محتوياتها عمليا. وحتى بالنسبة للمواقع التي لا تقع ضمن نطاق سيطرة التنظيم الارهابي المتطرف، فأن هذا التنظيم يعمد الى فرض رسوم على المهربين، رسوم تصل الى خمس قيمة القطع المنهوبة، مقابل السماح بمرورها بموجب ورقة رسمية صادرة من التنظيم ومن ثم اكمال عملية البيع.

شهر شباط الماضي، اصدرت منظمة الامم المتحدة قرارا يلزم الدول الاعضاء في المنظمة منع جماعات الارهابيين، بما فيها داعش، من الافادة من تلك المبيعات.

يقول النقيب مات بوغدانوس ان ختما فخاريا اسطواني الشكل من العصر البابلي بحجم 4 انج يمكن ان يباع بمبلغ يصل الى ربع مليون دولار لوحده، فيما يقول سفير العراق

في منظمة الامم المتحدة محمد علي الحكيم ان مصادر معلوماته تحصي تحقيق داعش لمكاسب مالية تقدر بأكثر من 100 مليون دولار سنويا عن تجارة الاثار لوحدها.

يعد النقيب بوغدانوس من المطلعين المتعمقين بشأن اعمال نهب الاثار في العراق، فقد سبق له ان قاد جهود الولايات المتحدة العسكرية عام 2003 بغية استعادة النفائس والآثار التي نهبت من المتحف الوطني العراقي في بغداد بعيد سقوط دكتاتورية صدام حسين، فضلا عن كوه لا يزال يعمر في مجال القضايا المتعلقة بالاثار المسروقة. لكن كما تحدث بوغدانوس لموقع في اف دوت كوم، فان اجهزة فرض القانون المتخصصة بالاثار تركز مجمل جهودها على وقف عمليات تهريب الاثار منذ عقود. غير انه اكد قائلا “لأنك لا تصدر بيانات صحفية او بسبب انك لا تقرأ عن ذلك، فأن هذا الكلام لا يعني ان هنالك سلسلة من اعمال نهب الاثار مع سلسلة من الاتهامات المقابلة لها”.

تم اعتراض شحنة آثار عائلة غرين عام 2011 في وقت متلازم مع بداية الربيع العربي، غير ان ذلك كان قبل ان يحقق تنظيم داعش مكاسبه ويحول اعمال النهب الى ما يشبه النشاط الرسمي القياسي من تنقيب وحفر واستخراج للمواقع الاثارية ومن ثم بيع لقاها. لكن حسب بوغدانوس، فحتى قبل ذلك، عمدت القاعدة وازلام نظام صدام السابق الى نهب الآثار من اجل المال، وان كان على نطاق اصغر من حجم ما قام به تنظيم داعش، وان أي آثار برزت في تلك الفترة التي كنوا فيها في السلطة انما كانت منافعها المادية تذهب اليهم على الارجح.

برغم كونه لم يستطع التعليق على قضية هوبي لوبي بوجه خاص، الا ان بوغدانوس قال انه في حال القضية الافتراضية, فلو ان هنالك آثارا قديمة يمكن تتبعها الى العراق وسوريا، فأن السؤال عن وجهة الاموال التي دفعت فيها سيكون عادلا ومبررا تماما ما دمت تأخذ امرين بنظر الاعتبار. اولا، يوجد هنالك وسطاء في الموضوع حيث ليس هنالك من متعاملين بمجال الاثار في الولايات المتحدة يمكن ان يدفعوا الاموال لداعش. انهم يعطون الاموال الى متعهد يقوم بدوره بايصال المال الى شخص يعمد الى اخراج تلك الاشياء عن طريق لبنان على سبيل المثال، وحيث قام ذلك الشخص بدفع لاموال قبلها الى آخر اخرجها من سوريا بعد ان اعطا الاموال لداعش. ان ذلك هو المال وحسب، حيث ينتقل بين 3 او 4 مجموعات من الايادي حتى يتم الموضوع.

ثانيا، ان كون القطع الاثرية بابلية لا يعني بالضرورة انها جاءت من العراق على وجه التحديد. ان الكثير من قطع الآثار تهربت ونهبت من بابل وتفرقت في المنطقة على مر الالفية الماضية. واشار بوغدانوس الى قصة معبد بارثينون الاغريقي في جبل

اكروبولس في اليونان، ذلك المعبد الذي انتهت بقاياه الى 3 دول مختلفة، حيث يشير بوغدانوس الى ان تلك الشحنة التي استوردتها عائلة غرين قد تكون منهوبة منذ مئات السنين ربما.

وحتى لو لم يكن الارهابيين ضالعين في صفقة البيع، فأن هنالك احتمالا لدور عصابة جريمة منظمة في الموضوع. وفي هذا السياق، تعلق السيدة ديبورا ليهر التي تراس مجلس مجموعة الاثار فضلا عن كونها العضو المؤسس للمجموعة الدولية المتخصصة بموضوع الاثار التي نهبت وهربت ما بعد الربيع العربي، تعلق قائلة “حينما ترى الحالات المصادرة التي حصلت في الولايات المتحدة، فأن الراي الذي سيتكون لديك سيكون ان ذلك من عمل عصابات جريمة منظمة ذهبت الى بلدان معينة وبحثت عن اشياء معينة ومحددة على وجه الخصوص. لكن على الاقل، فأن هنالك خطا براقا يعود الى اتفاقية منظمة اليونسكو للثقافة والعلوم والفنون التابعة للامم المتحدة التي تعود للعام 1970، والتي تقول عنها ديفس اها مقبولة بوجه عام في المجتمع الدولي حيث تنص على وجوب عدم التعامل بالاثار التي لا اثبات على اصولها ما قبل العام 1970. فلو ان تلك الاثار ظهرت فجأة في السوق، فأنه يتوجب التعامل معها على انها ممتلكات غير مشروعة. حسب جريدة ديلي بيست، التقت عائلة غرين مع خبير قانوني عام 2010 حيث شرحت له حاجة العائلة لتطبيق موضوع العائدية والاصل ما قبل العام 1970.

وحسب المتحدث الرسمي باسم عائلة غرين انه صرح نيابة عن الشركة بالقول “ان شركة هوبي لوبي تتعاون مع التحقيق الخاص ببعض المقتنيات الاثارية الانجيلية”. وختم المتحدث كلامه بالقول “ان متحف الانجيل يعد كيانا منفصلا وغير ربحي لم يكن ممكنا تأسيسه من دون التبرعات الخيرية السخية والاسهامات الكريمة التي صدرت عن عائلة غرين”.