الأيام حبلى بالأحداث، تلفظها تارة، وتتستر عليها تارة أخرى، ونحن شهود عيان عليها سيما التي نعايشها، ناهيك عما سمعناه قبل معايشة الإحداث، أو ولوجنا واحتكاكنا بالحياة العملية العامة.
لو تركنا كل الإحداث القديمة، وتابعنا أخبار المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وجناحه العسكري بدر، الذي تحول بعدها إلى المجلس الإسلامي الأعلى، وتحول فيلق بدر إلى منظمة، لانتفاء الحاجة من الجناح العسكري كما ارتأت أفكار قيادتها، والعمل ضمن إطار الدولة، مما يدل هذا إلى رؤية وطنية عظيمة.
لنعود للأيام الأولى لسقوط الطاغية، ونتذكر من كان الاسم الأول للمعارضة التي دخلت العراق، وكيف كان الالتفاف الجماهيري حولها، والمشروع التي جاءت به، وقربها من المرجعية في النجف، وبعدها التاريخي، لكان حريا أن نعرف إن الجهود ستتضافر من اجل إبعاد تلك القاعدة الجماهيرية عنها، من حيث إلصاق الشبهات، وكيل التهم لقادتها.
أمريكا، إسرائيل، الدول الإقليمية، بقايا حزب البعث المقبور، وإذنابه، الأحزاب الداخلية؛ الشيعية منها والسنية، الأحزاب العلمانية والشيوعية، طلبا لثار قديم يعود إلى فتوى قديمة صدرت من زعيم الطائفة السيد محسن الحكيم، تحالف قوي بكل أيدلوجياته، وأفكاره، وانتماءاته، لكنه توحد بصورة أو أخرى من اجل هدف واحد هو إسقاط المجلس الأعلى، وقياداته، ورموزه.
انسلاخ منظمة بدر عن المجلس الأعلى، تحت ظروف يعرفها الجميع، وتأثيرات خارجية للأسف، تدخل بها حسابات خارجية، وعوامل ضغط على قيادات المجلس الأعلى، لأنهم ابتعدوا قليلا، أو كثيرا عن نفوذ القوى المؤثرة.
انسلخت بدر، وشاهدنا كيف تحولت بقدرة قادر من منظمة يكيل لها العداء من جميع الأطراف إلى منظمة، وقوات محبوبة لدى الأوساط الأخرى، بمجرد خروجها من ذلك التيار.
مرة أخرى برهنت القيادة الشابة إنهم ليس خصماء من إخوتهم بالمجلس الأعلى وإنها ستتنازل عما أرادوه بدون مقابل، أو مشاكل تذكر، ومرة أخرى لم يتصدر الخصام، أو تقاذف التهم، والشبهات، ليكون هناك طلاق أو انفصال بالتراضي، حيث لم يصفهم احد بالخارجين، أو غير المنضبطين، أو الوقحين، أو أي ألقاب أخرى بل تعامل معهم كأخوة لهم وجهة نظر يجب احترامها.
هل يا ترى سيأتي يوما نرى الناس تمتدح المجلس الأعلى، وتشد على أيدي قياداته المجاهدة البطلة؟.
إذن؛ حينها سنعرف أنها الحرب الكبرى على خط المرجعية الشريفة، ابتدءا من مرجعية السيد محسن الحكيم، وانتهاء بمرجعية السيد السيستاني.