23 ديسمبر، 2024 6:08 ص

هل يحق لنا ان نفتخر ؟

هل يحق لنا ان نفتخر ؟

بعد ان صادق مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة الثلاثاء، الـ25 من شباط 2014، على قانون الأحوال الشخصية الجعفري جُندت أقلام ووسائل إعلام لغرض الوقوف بوجهه ومحاولة تعطيل مسعى تشريعه وتشويه حقيقته والتصيد في ماءه الصافي وخاب سعيهم وظهرت سقطاتهم .
وقد أثار القانون جدلاً فكرياً وعقائدياً وسياسياً امتد الى الشارع الخارجي كما هو متوقع رفضا – إعلاميا – وقبولا شعبياً برز واضحاً في عدة محافظات من الوسط والجنوب حيث الاغلبية الشيعية من خلال الالاف النسوة الاتي خرجن في مظاهرات مثلت خير رد عملي دعا خفافيش الظلام  ومسلمي الهوية الى الانزواء ومنع نقل هذه المظاهرات المهيبة .
وطبعا لم ينته الامر  بهذه المظاهرات فستخرج غيرها أكثر عددا الى ان يتم إقرار القانون والعمل به .
والرافض لهذا القانون حاول ان يبن ( مساوئه ) متعكزاً على فقرة واحدة – او ربما أكثر بواحدة او اثنتين – تخص السن الشرعي لزواج البنت وطبل للأمر بكل جهده وطاقاته ووسائله الممولة والمدفوعة الثمن مسبقا وتناسى وتجاهل 252 مادة قانونية في نفس القانون وكأن عمى البصيرة أصابه قبل البصر .
فبغض النظر عن المناقشة في هذه الفقرة فانه يبدو ان بعضهم لم يقرأ الدستور العراقي جيداً أو قرأه لكنه تجاهل عن عمد بعض مواد الدستور ، فالمادة الـ41 من الدستور تنص على أن :
( العراقيون هم أحرار بالالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون.)
فيما تنص المادة 17 من الدستور على: ( أن لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين والاداب العامة ).
ولم يتم التجاوز على هاتين الفقرتين إلا من قبل رافضي القانون ، وكان الأحرى بهم – وقبل اليوم – أن يرفضوا الدستور أو يسعوا لتعديل بعض فقراته ليثبتوا مدنيتهم أولا ، واحترامهم للدستور ثانياً ، ولحريات الناس ومعتقداتهم ثالثاً ، ولأنفسهم رابعاً.
ومن هذه الجهات الرافضة المؤسسات التي ظاهرها المدنية والتي تنضوي تحتها وسائل إعلام متنوعة مرئية ومسموعة ومقروءة او الأفراد الذين لا يمثلون إلا أنفسهم وما يعانونه من عقد خاصة بهم  تجاه كل ما هو إسلامي.
فمؤسسة مثل ( المدى ) يكفي معرفة من هو رئيسها لتعرف مدى حرصها على الشعب العراقي ، وتاريخ الرجل وغسيله منشور على الانترنت لا يحتاج إلى إعادة . ولا داعي لذكر من يعمل ضمن فلكها .
أو قناة ( الحرة ) الأمريكية المولد والتمويل ، وغير ذلك من الأسماء المتلونة المتعددة والمتحدة هدفاً ،وشارك هؤلاء في رفض القانون كالببغاوات بعض الساسة ممن ينطبق عليهم قول الشاعر :
                                  يَسوسونَ الأمورَ بغَيرِ عَقلٍ      فينفُذُ أمرُهم، ويقالُ: ساسَهْ
هؤلاء يعرفهم الشعب العراقي جيدا من خلال سيرتهم اللا حسنة على مدار السنين السابقة وقد انقسموا الى فئتين الاولى منهم جاملت تلك الحملة المسعورة من المؤسسات المشار إليها اعلاه لا لشيء الا ليشهدوا لهم عند الأمير بمدنيتهم المقولة كذبا والتي يخالفونها سلوكا ، والثانية توهمت بانها ترضي من يسمّون بال ( مراجع الاربعة ) في موقفهم المتسرع .
لكن بملاحظة بسيطة لمواقف المراجع نلاحظ عدم صراحة في الموقف من القانون فما صدر منهم او من مكاتبهم لا دلالة فيه للرفض وانما مجرد اعتراض على التفاصيل التي من شأنها أن تتعدل لاحقا ، وان كان حتى هذا الأمر لا حق معهم فيه فان القانون قد عرض عليهم مسبقا ولم يعترضوا عليه ، بل جُلهم قد امتدح القانون وشخص الوزير الشمري عند لقاءه ببعضهم .
 وعلى العموم من حق الإنسان ان يتسائل : لماذا لم يعدّلوا الـ ( شطحات الصوفية ) الموجودة فيه منذ البداية ؟
ومن حق المسلم الشيعي ان يتسائل : اليس المراجع هم من علمونا ان نقرأ كل يوم الدعاء :
( اللهم إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله ، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك ، والقادة إلى سبيلك ، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة ) .
فماذا نفعل سادتي بهذا الدعاء وامثاله الداعي لاقامة حكم الله تعالى في الارض .
ثم أليس اهم وظيفة للمرجع اقامة حكم الله تعالى والتمهيد لدولة العدل الالهي ؟
هذه الاسئلة تحتاج الى اجابات واضحة ، وربما مر هؤلاء بمأزق هذه الاسئلة حينما صدّروا بعض ( الشطحات ) فلا هم دعاة دولة مدنية لإنهم بأسم الاسلام والمذهب الجعفري والامام المهدي يتحكمون بما يتحكمون ، ولا هم دعاة دولة دينية لانهم لم يسعوا بقوة لإقرار القانون الجعفري بل بعض بياناتهم توضع في دعاة العلمنة وما عشت أراك النجف عجبا.
ونختمها بان سن وتشريع القانون هو مجرد فرصة لحرية الاختيار لا الإجبار فـ ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ)).
وكما قيل في الاسباب الموجبة لتشريعه :
( استنادا لما ورد في المادة 41 من الدستور والتي كفلت للعراقيين حرية الالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم او مذهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم ,, ولغرض اتاحة الفرصة امام العراقيين لترتيب احوالهم الشخصية وفقا لما يؤمنون به ويعتقدونه )
فلا اجبار ولا اضطهاد ولا شطحات ولا مخالفات اخلاقية .
ومن الفخر ان نكون في صف مغاير للجهات التي رفضته بل نفتخر ويزيدنا ذلك عزيمة وإصرارا لان من وقف ضد هذا القانون هي امريكا بلسان المتحدثة عن وزارة خارجيتها فأبدت القلق حياله ، وكذلك الهوامش من قبيل الامم المتحدة ومنظمات ومؤسسات لا وجود خارجي معتد به لها وشخصيات سياسية متملقة واخرين من هنا وهناك .
وصدق الشاعر حينما قال :
كَيفَ الرَشادُ إِذا ما كُنتَ في نَفَـرٍ      لَهُم عَنِ الرُشـدِ أَغلالٌ وَأَقيـادُ
مع الاشارة الى انه لا يحق لنا عدم الاستماع لاعتراضات موضوعية قيلت وستقال على اصل القانون او تفاصيله لان ذلك مما يساعد على تبيان الحقائق أو الالتفات الى الابهام والنقص ان وجد ، لكن هؤلاء – وهم قلة – غيبوا بفعل ضجيج هذه العناوين التي تعاني عقداً متأصلة من الاسلام والمذهب .
وهل ننتظر من أمريكا ان تكون مادحة وراعية للقانون الجعفري !
وبعد كل هذا نجيب على سؤال العنوان:( هل يحق لنا ان نفتخر ؟)   :      
نعم ، يحق لنا ان نفتخر بديننا ومذهبنا ومرجعيتنا وقانونا الجعفري ، وهذا الافتخار لا يقعدنا عن المضي في تثقيف الشعب العراقي واغلبيته بفوائد هذا القانون ، والتحذير من الجهات والمؤسسات التي تعمل لدنيا غيرها لا للشعب العراقي .
والمؤمل حتماً ان القانون سيقر عاجلا أم آجلا لان أغلبية الشعب العراقي معه بمجرد اتضاح الصورة وان غدا لناظره لقريب .