في قرار فريدٍ من نوعه، فرضَ رئيس مجلس النواب السيد محمد الحلبوسي على الإعلاميين الذين (يتشرفون بالحصول على نعمة الدخول الى مبنى مجلس النواب المبجّل) أن يرتدوا الزي الرسمي، مبرراً ذلك – بحسب بيان مليء بالأخطاء الإملائية والنحوية والكلمات الملتصقة ببعضها كالعادة – بأن هناك (حالة استقطاب يعيشها مجلس النواب على الصعيدين العربي والدولي وحضور دبلوماسي الكبيرعلى جميع المستويات في هذه الدورة النيابية ، فضلا عن الاستقطاب المحلي الرسمي والجماهيري واهمية دور المجلس كأحدى المؤسسات المهمة والتي تخرج من رحمها جميع المؤسسات الاخرى من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء وباقي المؤسسات ونظرا للدور الكبير والفعال الذي يؤديه المجلس في الجانبين التشريعي والرقابي) .
من جهتنا نقول للسيد الحلبوسي: ما شاء الله وتبارك الله والحمدلله، فقد عرفنا للتو أن مجلس النواب يشهد حالة استقطاب عظيمة جعلت عيوننا تدمع وقلوبنا تخشع، ومن المؤكد ان حالة الاستقطاب هذه سببها وجودك في عرش رئاسة مجلس النواب! بالتأكيد لأن الأمور المهمة التي قدمتَها للانسانية أفضل مما قدّمَ عالِمُ ذرّة أو مخترع لقاح السل أو مكتشف الكهرباء، الى درجة أنك قد تم انتخابك لدورتين نيابيتين من نصف سكان الشعب العراقي في الداخل والخارج، هذا هو سبب حالة الاستقطاب التي تحصل اليوم! ولكن اذا كان أحد الضيوف الدبلوماسيين الذين تم استقطابهم لايرتدي بدلة رسمية، هل ستطرده من مجلسك؟! لنفترض أن وفداً من الجارة (إيران) يضم شخصيات لاترتدي ربطة العنق لأنهم يرون بأنها محرمة، هل ستطلب منهم الالتزام بقانونك الجديد أم ستوزع لهم ربطات عنق؟ إيران التي كان لها فضل كبير في وصول أحد الأشخاص الى أحد المناصب المهمة، إيران يا سيادة رئيس المجلس، هل تريد أن أحدثك أكثر عن إيران؟!
هل تعلم يا سيادة الرئيس الحلبوسي أن هناك نواباً (بعضهم تربطني بهم صداقة قوية) يكرهون ارتداء الزي الرسمي ويعانون منه لأنه يخنقهم لمدة (7-9) ساعات أثناء الدوام؟ هل تعلم ان هناك نواباً بدأوا بالفعل بارتداء قميص وبنطلون فقط لأنهم تحولوا الى طرشي بسبب الزي الرسمي ولم تنفع كل اجهزة التبريد في خفض حرارتهم؟ واليوم جنابك الكريم تصدر قراراً يلزم الصحفيين المساكين الذين يركضون هنا وهناك بحثاً عن تصريح صحفي ينجزون به تقاريرهم الاخبارية بارتداء الزي الرسمي؟!
ثم ان الاعلاميين والصحفيين لم يدخلوا الى مجلسك الموقر مرتدين (التراكسوت والنعال) ، هؤلاء الذين تتعامل معهم باستعلاء وفوقيّة خريجون وليسوا (بعّارة) ، والكثير منهم لديهم شهادات فوق البكالوريوس ودخلوا دورات وورش عمل داخل وخارج العراق، صدّقني أبسط صحفي بينهم يستطيع ان يفترش مكتبك بشهاداته، ثم تأتي جنابك و(تأمرهم) بارتداء زي رسمي لكي لايحرجوك أمام ضيوفك المهمين وكأنك تتعامل مع تلاميذ في الابتدائية؟!!!! ما خطوتك القادمة؟ تفتيش أظفار الصحفيين ومن لم يقلّم اظفاره تضربه بالعصا؟ تتأكد من حلاقة شعرهم وخلوّه من الأشياء والكائنات الحية غير المرغوب فيها؟!
يا سيادة رئيس مجلس النواب المحترم محمد الحلبوسي، الصحفيون الذين يدخلون مجلسك المؤقر أصحاب فضلٍ عليك، نعم كل صحفي يدخل المجلس هو متفضّل عليك وعلى مجلسك كله، ويجب ان تشكره كل يوم بل كل ساعة وتبقى ممتناً له طيلة فترة بقائك في منصبك، فلولاهم لما وصلت أخبارك ولقاءاتك الى وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، تخيّل ان مجلسك بلا اعلاميين!
خلاصة القول: الصحفي يرتدي ما يشاء، يصفف شعره كما يشاء، ليس في العراق فقط بل في كل دول العالم، والبيان الصادر عنكم يقلل من احترام الصحفيين العراقيين، ومن جهتنا نحن – كاتب هذا المقال – نطالبكَ بسحبِ بيانك وتقديم اعتذار لكل الصحفيين العراقيين، نقطة .