الحردان : داعش تدربت في بيت ابو ريشة ، ولاوجود لها في الفلوجة.
حسن الشمري : هناك تواطؤ من قبل مسؤولين كبار بالحكومة لتهريب قادة القاعدة من أبي غريب.
في البدء نود أن نطرح تصورا مفاده أن تدخل الجيش في حسم اي موقف او نزاع في اي منطقة عراقية هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، فمن نقاتل ، ومن القاتل ومن المقتول ، تمعنوها جيدا و بتجرد طبعا ستجدوننا جميعا خاسرين ومن كلا الطرفين ، لذا نرفض وبشدة زج الجيش من أجل مصالح ذاتية لاتخدم اي طرف بل تدفع لنصر مزعوم على حساب اخواننا في الدين والوطن مهما كان توجههم أو انتمائهم أو مذهبهم ، ومن هذا التصور نخلص الى أن مايراد في الأنبار ليس أكثر من تأجيج الطائفية بصيغة وحجج لاتعدوا وقد أنكشفت وبان زيفها بعد أن أختلف المتحالفون بالشر وتضاربت تصريحاتهم مابين تواجد أو عدم تواجد لمايسمى بداعش في مناطق الأنبار والفلوجة ، وقد جاء ذلك على لسان ( وسام الحردان) زعيم مايسمى بالصحوات الجديدة حين قال ليس هناك من داعش في الفلوجة أو حتى في الانبار، وأن مايسمى بداعش قد تدربت في بيت أبو ريشة، ثم تصريحات مايسمى بوزير العدل في حكومة المالكي والتي بين فيها أن هناك تواطؤ من قبل مسؤولين كبار في حكومة المالكي ساعدوا في هرب عناصر من القاعدة أو قادة كبار من هذا التنظيم من سجن ابو غريب بالمحاولة التي جرت في العام الماضي، وتلتها عملية الهروب الكبيرة من سجن الكاظمية، ولاننسى ان من هرب جماعات مجرمة من القاعدة كانوا محتجزين في أحد السجون في البصرة هو شخص مقرب من المالكي ( ابو علي البصري)، وهذا معناه أن المالكي متورط في عمليات الهروب الجماعي التي جرت وحدثت في اكثر من سجن على مساحة العراق، وهو موضوع خطير جداً ، ثم يعني ايضا أن السيد رئيس الوزراء هو من يدعم داعش والقاعدة عبر ابو ريشة، فكيف تصل مثل تلك المعلومة لمسامعنا والرئيس يتحالف مع أبو ريشة، وواقع الحال يقول إنما العشائر أنتخت لترد مايراد بها من شر أسس له محافظ الأنبار ( أحمد الخلف ومعه أبو ريشة ) والأخرون الذين ترتبط مصالحهم مع المالكي وقد تواطؤ معه لخلق تلك الفتنة ربما لمكاسب انتخابية يريد حصادها في المرحلة القادمة ، حيث باتت الانتخابات قريبة ولاتبعد إلا بمسافة شهرين أو مايماثلها، وهنا نقول لماذا انفرد الحردان عن تحالف الفتنة هذا ، ببساطة قد ضربت مصالحه في هذه بسبب عدم إمتلاكه لشعبية وسط الأنبار وقد فاتته حظوة المالكي التي فقدها بسبب ابو ريشة الذي تتبعه جماعات كبيرة مادعى المالكي لإذابة الجليد الذي حال بين علاقتهما السابقة وإعادة المياه الى مجاريها عبر تنفيذه مايطلب منه لتأجيج الفتنة التي ذكرناها في البداية.
وهنا لابد من مناقشة موقف الجيش مما يجري في المعركة الدائرة على حدود الانبار والفلوجة وما يواجهه هذا الجيش من مواجهات مع العشائر ( مستبعدين وجود عناصر خارجية في ما يجري إستنادا للحردان) الذي نقل الحقيقة منطلقين من أن من تضرب مصالحه ينقل الحقائق ليفضح الحلف الذي أستبعده ، وهذه سجية البشر لايمكن تجاهلها، فهل يستطيع الجيش الذي لايملك عقيدة قتالية واضحة ولاتسليح يخالف التسليح الذي عليه أبناء العشائر أو ربما يفوقوه فيما يملكون إذا استبعدنا الطائرات وقد حيدت هذه كما شهادنا خلال مادار من معارك، وهنا نقول بالمطلق ليس بإستطاعة هذا الجيش إن جاز القول أنه جيش مواجهة الموقف ووضع آلية لحسم الموقف على الأرض نظرا للتباين الحاصل في مايملك ومن يملك من قوة تدفع به الى الوصول نحو شواطىء التفوق والغلبة ولانقول النصر ، كون الموضوع مواجهة بحتة بين قوات عسكرية وأهالي المدن التي تتعرض للهجوم.
وبدراسة موقف السيد المالكي بصفته القائد العام لهذا الجيش الداخل في المعركة المزعومة ضد (داعش والقاعدة) بفرض حسن النية إن توفر لدى المالكي ، فنقول أن رئيس الوزراء الأن يتعرض لضغط من جهتين هما من يديران اللعبة منذ 2003 ولغاية الان وبحرفية كبيرة، يتحرك المالكي من خلالها في كل ماحصل ويحصل في العراق تحت غطاء هاتين الكتلتين اللتان تتمثلان باللاعب الأمريكي ومن ثم الإيراني ، وكلاهما يدفع في هذه بإتجاه معاكس ، يتمثل الموقف الأمريكي حسب التصريحات بدعم المالكي ضد القاعدة وداعش لكن وفق جون كيري وزير الخارجية الأمريكي بتوفير الدعم في الصحراء التي تتخذها القاعدة ملاذا لها ، فيما لايتدخلون بما يخص المدن معتبرين أن مايحصل في الانبار هو شأن داخلي كان قد سبق وأوصوا المالكي خلال زيارته الأخيرة لواشنطن والتي باءت بالفشل بان يجري تفاهمات واضحة وصريحة مع العشائر في تلك المناطق وفق توجهات سياسية لايستخدم فيها السلاح كجزء من الحل ، وهو موقف معلن وصريح وكما ذكرنا على لسان وزير الخارجية الأمريكي ، مادعاهم الى تزويده ب75 صاروخ أستخدمه المالكي في حملته على صحراء حوران التي تبعد عن مدينة الرمادي 450 كيلو وهي مسافة تكفي لملاحقة الهاربين من تلك الحملة العسكرية والقضاء عليهم في الصحراء قبل وصولهم الى الأنبار، سيما وأن الجيش يملك طائرات مروحية ، بينما مقاتلي أو مجرمي القاعدة وداعش لايملكون إلا السلاح الخفيف الذي يستخدمونه في حرب العصابات التي يخوضونها في سوريا أو حتى في العراق، وهذه النقطة بالذات تفند ماذهب اليه المالكي بقوله لقد هرب أتباع القاعدة وداعش ولجأوا الى الأنبار بعد القضاء على أوكارهم في الصحراء ، وهو كلام مبطن أراد من خلاله تبرير إعادة توجيه بوصلة تحرك الجيش بإتجاه الأنبار والفلوجة لضرب المدينتين لغايات تفسر بانها سياسية إنتخابية ولاتفسر بغيرها.
هذا من جهة أما الجهة الأخرى التي يقرأ من خلالها الموقف الامريكي ، فالتفسير الذي نراه أقرب للتصديق هو أنها محاولة لجرجرة ايران باتجاه زج البعض من قواتها في هذا الصراع الدائر في الانبار والفلوجة والذي فشل المالكي في إدارة دفته بإتجاه السيطرة والتفوق والقضاء على القوة العشائرية التي واجهت الموقف ملحقة خسائر فادحة بالقوات الحكومية، مما سيضطره لطلب النجدة من إيران حليفته الأزلية ، وهنا ستترك الولايات المتحدة الباب مفتوحاً أمام التدخل الإيراني المباشر دون الإعتراض عليه في بادىء الامر ، ومن ثم ستلجأ عبر طرق سياسية ودبلوماسية لإستصدار قرارات دولية تقضي بضرب إيران عبر تحالف دولي مسنود بمواقف أممية ما ينمحنها مسوغا قانونيا وارضية سياسية تبيح لها تقديم الضربة المؤجلة لإيران والتي تنتظرها إسرائيل بفارغ الصبر، وهو سيناريو سبق وان طبقته أمريكا في حرب الخليج الثانية خلال أزمة العراق والكويت ، مما اتاح لها فرصة تدمير القوات العراقية .
وهنا سيكون المتضرر الوحيد لغاية ما يطبق هذا السيناريو هو الشعب العراقي بكل أطرافه ، سواء في الأنبار أو الفلوجة أو حتى البصرة والنجف وبقية المحافظات الأخرى ، حيث ستكون مدننا هي الملعب الذي يجري التطبيق عليه وسيكون العراق ساحة المعركة المؤملة ، وستكون دماء شبابنا ثمن الصراع الذي سيدور من جديد في العراق ، وفوق هذا وذاك سندفع ثمن المعركة بالكامل ولكلا الطرفين من ثرواتنا.
بعد الرؤية التي طرحناها هل من حل ، بكل تأكيد هناك حلولا عدة ، لكنها غير مقبولة من جهة السيد رئيس الوزراء الذي جرنا لمواجهة إجبارية بين ابناء الشعب الواحد وفق صيغ طائفية مقيتة غاب عنها الوعي والعقل والضمير حين قال ( المعركة اليوم بين أحفاد الحسين واحفاد يزيد) والقصد منها واضح وصريح ، ولو كان هناك من مجلس نواب أو قضاء نزيه ووطني لاتهم الرجل وفق الدستور العراقي الذي يتغنى به يومياً بدفع البلاد لأتون حرب طائفية ، بعد تكريس تلك الصيغ على واقع الحال وإستغلال الطبقات البسيطة من اجل تحقيق مآرب شخصية وخارجية بعيدة عن إرادة الشعب ، وهذه تطبق بحقها مادة قانونية دستورية تحمل الرقم ( 4 ) إرهاب كما تسمى ، والدارجة بالمسمى الشعبي (4 ) سنة.
الحل إن استبعدنا مبادرة السيد علاوي كونها مرفوضة من قبل المالكي جملة وتفصيلا ، لأنها حسب إعتقاده وبتفسير بسيط يفيد بان علاوي يريد سحب البساط من تحت أرجل المالكي وتحقيق مكاسب ستراتيجية ويجير الحل المفترض للأزمة التي خلقها المالكي باسم علاوي مما يُصعد من رصيده الانتخابي ، ومثلها مبادرة السيد الحكيم ذات النقاط العشرة والخاصة بازمة الأنبار والفلوجة والتي سينسحب عليها نفس التفسير ما يستدعي رفضها ايضا وعدم القبول ببنودها من قبل المالكي ، وبكل تأكيد لاتقبل تلك المبادرات لأن الرجل لايفكر إلا بنفسه وكرسي الحكم بعيدا عما يصيب الشعب من ضرر ومآسي.
الحل الأخر وهو أيضا من الحلول المرفوضة بشكل تام من قبل المالكي ، أن يتنازل المالكي وينسحب من الحكم ويلجأ مجلس النواب الى تشكيل (حكومة أزمة) من عقلاء يقبلهم الشعب تدير البلاد طيلة الفترة القادمة حتى موعد الانتخابات على أن لايكون من بينهم اي طرف من الأحزاب المشاركة فيما يسمى بالعملية السياسية الجارية في العراق والتي جرت الويلات على العراق واهله ، واثبتت فشلها الذريع وعدم جدواها وباتت المطالبة بإلغائها ضرورة تحتم على الشعب المطالبة بها للخلاص مما جرى والتحول الى نظام مدني تديره كفاءات وطنية لإستعادة وجه العراق وخلاص أهله مما لحقهم من ظلم وعذاب .
وبالرفض الذي بيناه لكل تلك المبادرات والحلول لم يتبقى إلا حلا منطقيا واحدا وهو أن يلجأ البرلمان لإعادة جولة سحب الثقة من المالكي عبر التصويت بمحاولة جريئة تخلص البلاد مما يحيط بها من شرور تتمثل بما يريد اولئك المتمترسون خلف فرض الحل بواسطة السلاح دون غيره، وعبر نزيف الدم دون سواه ، والذي ذكره المالكي في أحدى خطاباته حين قال ( بيننا وبينهم بحرا من الدم)، وهي دعوة تحريضية يعاقب عليها الدستور والقانون ، وجريمة يحضر لها المالكي لاتوصف إلا بإنها جريمة إبادة جماعية ضد مكونات واسعة من الشعب.
الحل بشكله النهائي لايعدو أن يكون سياسيا محض بعيدا عن جعجة السلاح الفارغة والتي لم تعد تخيف أحداً، سيما وان أهل الأنبار وعشائرها يعتبرون أنفسهم مدافعين عن مدينتهم وأعراضهم ضد قوات يعتبرونها طائفية بإمتياز جاءت لقتلهم وإستباحت محرماتهم بسبب مطالبتهم حكومة المالكي بحقوق مغتصبة طيلة سني حكم المالكي وتهميشهم واستبعادهم عن القرار ، ومحاولة المالكي التسلط والتفرد بالحكم دون عن الآخرين ، ومحاباة إيران على حساب العراق وأهله وإرتهان القرار العراقي لما يسمى بالمرشد الإيراني، وتقديس رموز إيرانية ومحاولة فرضها على المجتمع العراقي عامة ، وهو ماترفضه العشائر العربية في عموم العراق وليس بالأنبار فقط.
المشكلة التي تؤرق العراق واهله اليوم باتت تنحصر في المالكي دون غيره ، وطبيعته الطائفية وتوجهاته الشريرة ومن معه من زمرة الشر والدم، وإلا فالشعب يعرف ان القاعدة وداعش هي خطر داهم لابد من القضاء عليه ، وهو مايصطف العراقيون بأجمعهم لرفض هذا السرطان الخبيث المتمثل بالقاعدة وتنظيماتها الشيطانية ، وإن سنحت الفرصة بعيدا عن تهديدات المالكي ورهطه لعشائر الانبار لقضوا على تلك التنظيمات بايام قلائل، كما سبق وان قضوا عليها في السابق ، ووفروا للمالكي فرصة الوصول الى الحكم وساندوه فيها ، ووفروا الامان في مناطقهم بعد ضرب القاعدة في السنين الماضية ، ليأتي المالكي اليوم ويتهم أهل الانبار بما ليس فيهم ويحشد ويتوعد ببحور الدم.
فهل سيحسم الجيش الموقف في الانبار ، بكل تأكيد سيكون الجواب بالنفي إستنادا لما تقدم من موقف خلال الأيام 10 الماضية ، وطبيعية المعلومات الكاذبة التي يقدمها قادة الجيش في مواقفهم سواء لوزير الدفاع أو حتى المالكي ، وما المعلومات الكاذبة التي قدمها علي غيدان قائد القوات البرية لسعدون الدليمي وزير الدفاع وكالة والتي أستحق عليها التوبيخ من قبل الاخير لما تضمنته من كذب وتلفيق حول الموقف في الأنبار إلا دليل على التخبط الذي عليه قوات المالكي والازمة السياسية التي خلقها المالكي ولايعرف كيف يخر منها ، سيما وانه تورط بمغامرة عسكرية فاشلة اجهضت على حجود الفلوجة والأنبار، وبات الموقف شبه مستحيل بالنسبة للجيش أن يتقدم وسط استماتة المدافعين عن المدينة من ثوار العشائر.