تتسارع الاحداث في العراق بوتيرة صاروخية وبدأت الكثير من الموازين والتوقعات تنقلب على راس طاولتها وعلى رأس مخططيها بعد التحركات القوية للجيش العراقي والحشد الشعبي لتحرير مناطق كانت في يوم ما تعتبر من المعاقل الصعبة والمهمة لقوات داعش والتي لا يمكن حتى التفكير بالدنو منها ومن تلك المعاقل تبعث داعش برسل الموت الى المدن العراقية قاطبة وبدون استثناء من شمال الى جنوب العراق ومن شرقه الى غربه ولايمكن التصدي لها في اي مكان مثل منطقة جرف الصخر شمال بابل ومنطقة النباعي في حزام بغداد ومنطقة عامرية الفلوجة في الرمادي سقوط تلك المناطق
التي كانت عصية على القوات العراقية وقوات التحالف ايضا قبل انسحاب الامريكان في العام 2011 ..
كان السكون يخيم على العراقيين بواقع مرير وهم يطالون من قبل المفخخات واسلحة الكاتم والخطف والحرق ويكاد ذالك السكون والخوف يصل الى مرحلة اليأس والاستسلام والعيش على اساس الامر الواقع وأزداد هذا الشعور بعد سقوط الموصل المدوي وأحتلال وسيطرة داعش على مناطق تمثل ثلثي العراق ووصول تلك القوى الى تخوم بغداد اصبح البعض من المواطنين يفكر هذه المرة بجدية للهروب من العراق الذي اصبح بعد فترة مجرد بلد كان اسمه العراق ولعل الاهداف لداعش مرسومة برفع علم دولتهم على مدن قريبة من الخط الشيعي الاحمر الذي خاف رجال الشيعة ومرجعياتهم من سقوط هذا
الخط .
لتخرج الى الشعب الفتوى الشهيرة لمرجعية النجف الاشرف الجهاد الكفائي والذي بشهادة الاعداء قبل الاصدقاء قلبت موازين المعادلة وبدأ الزحف والتحرك المعاكس لتسقط معاقل وحصون داعش بيد القوات الامنية والحشد الشعبي ..
في كلتا الحالتين كانت امريكا تراقب الوضع عن كثب وبجدية وتعد عدتها لتحولات خطيرة في المشهد السياسي العراقي الجديد ففي الحالة الاولى وبدون اي اختلاف بين اثنين ان امريكا التي تعتبر الام الشرعية التي اوجدت داعش وربتها في حجر دافئ ومدتها بكل ما تحتاج من معلومة وسلاح وبدأت معها في سوريا ويعرف العالم كيف كانت امريكا ترسم الخطط لأسقاط الاسد وهي ترسل علنا المئونات والأسلحة لها عن طريق دول وحلفاء لم تكن مشاركتهم بإمداد العدة والعدد بخافية بعضهم من العرب كالمملكة السعودية وقطر والأردن والإمارات والبعض الاخر من الداير الاقليمي كتركيا
التي فتحت حدودها لهؤلاء للدخول الى سوريا ومحاولتهم أحتلال دمشق في ايام قليلة وهروب الاسد من عاصمته وكانت المعادلة تميل لكفة داعش بوضوح وهي تتمدد لتضم في خريطتها دولة العراق الاسلامية وهي تتحدث عن مخطط اقليمي لايمكن ان يكون مجرد بضع مئاة من الاشخاص يطمحون به وهو دولة العراق والشام وتصبح حدود الدولتين واحدة تحت هذا المسمى ومنه تقضم الاراضي لتبدا مراحل اخرى في هذا المخطط الكبير والضخم ولم تتوقف امريكا منذ اليوم الاول لهذا القادم والجديد في الخريطة الشرق اوسطية وهذا مايفسر محاولة امريكا اضعاف العراق بعدم امداده بالسلاح
وبالتكنولوجيا الحربية المتفوقة وكسر الحكومة السورية اعلاميا ودبلوماسيا في المحافل الدولية واستصدار قرارات ضدها مع ابقاء الدعم وإبقاء الدول الحليفة على الاستمرار بالضخ المالي والإعلامي والمعنوي مع الرجال للقتال في جبهات جديدة فتحت وازدادت رقعة المواجهة مع القوات السورية والعراقية التي بدا عليها الضعف والوهن نتيجة الحرب الاستنزافية التي تتبعها تلك العصابات المدعومة من امريكا لوجستيا واعلاميا ومعنويا حتى العراق هو الاخر بدا عليه الخوف من المجهول القادم ..
تعود امريكا هذه المرة بعدما حصل الذي حصل وكأن عودتها بتحالفها الجديد هو انقاذ مايمكن انقاذه من بقايا داعش وفي العراق خاصة وأن مسوغات التدخل جاءت بعد ان اقترفت داعش جرائم في الموصل وسهل نينوى لا يمكن للضمير الانساني ان يدير الطرف عنها ولا حتى امريكا بتحالفها التي اتخذت من تلك الابادات ذريعة لتواجدها في العراق بعد اربع سنوات من رحيلها وهي لا تلوي على شيء حققته وتتفاخر به في ديمقراطيتها الشرق اوسطية ,,ما يحصل اليوم من تطورات على الساحة العسكرية اثبتت الاحداث ان وجود امريكا بتحالفها الدولي ومبرراته اصبحت واهنة وغير منطقية وهي لم
تقدم اي شيء كان ينتظره العراقيين قبل دول العالم وهي تأتي بأحدث طائراتها لتثبت الايام ان البون الشاسع بين العام 2003 والعام 2015 في احداث الصدمة واسقاط داعش والقضاء عليه مختلف جدا فهي لم تقدم من الطلعات الجوية ربع بل خمس ما احدثته آنذاك ولا حتى المقارنة مع اخراج الجيش العراقي في العام 91 من دولة الكويت والغريب ان الاعلام بدا يفضح وبوضوح تصريحات المسئولين العراقيين ان الطائرات الامريكية تقدم المساعدات لداعش في بعض المناطق وأخرجت صور واضحة وهي تسقط بمناطيدها لتلك المساعدات وأمريكا ايضا لم تنفي بل اكدت ان الطائرات من الصناعة
الامريكية موجودة لدى دول عدة فمن الممكن ان تكون تلك الطائرات قادمة من بعض الدول الاخرى وليس بالضرورة ان تكون بقيادة طيارين امريكيين ثم ان هناك فرق شاسع بين الطلعات في شمال العراق وبينها في الرمادي وديالى وتكريت مما ولد نوع من الاستغراب على هذه التصرفات الامريكية في هذه الايام المهمة ليبدأ التحليل الغير منطقي ان امريكا تحاول ايجاد التوازن بين عصابات داعش وبين ما يحدث من تحركات شعبية وقوات الجيش العراقي في تحرير ديالى وتكريت وهذا ايضا مبرر ساذج للتعامل معه ,,هل يستطيع العراقيون بعد هذه الانتصارات الطلب من امريكا بمغادرة
الاجواء العراقية وسحب قواتها من الجنود البالغ عددهم اكثر من الفين ونصف ؟
سؤال ربما يطرحه العديد من العراقيين وحتى المتتبعين ولكن الحقيقة لا يستطيع الساسة العراقيين من طلب ذالك لأن ذالك يعني انقلاب امريكا على الوضع خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان ايران تتدخل اليوم علنا بالمعارك ضد داعش وهي تدعم بوضوح وبوجود قادتها على ارض المعركة بالاستشارات وبالأسلحة المتطورة وربما حتى بالرجال فهنا امريكا ربما تثير موضوع الطائفية وأحداث التوازن بين الوجودين الامريكي والايراني اضف الى ذالك ان الطلب من امريكا مغادرة العراق يعني ذالك انها سوف تألب المنظمات الدولية وربما ستجد موضوع اخر قديم جديد وهو الهيمنة
الشيعية على مقدرات ومشاعر السنة وتهميشهم في الحكم والوجود على الارض العراقية وبالتالي فأن ذالك سيفتح باب التدخلات الدولية والعربية خاصة ضد الحكومة العراقية لمؤازرة السنة التي أبدت الايام اليوم ان ساستهم محرجين جدا من التحرك الشيعي وبقوة لتحرير المناطق السنية وأخراج العصابات الداعشية من تلك المدن التي كانت حواضن .
لم تقدم امريكا بتدخلها الثاني في العراق وبتحالف دولي بشرعية عالمية اي شيء لمساعدة القضية العراقية وسيرها نحو الحل ابدا فهي كما يعتقد البعض جاءت فقط لترسم خريطة كانت مرسومة منذ عقود في اذهان دهاقنة الساسة الامريكيين وهو تقسيم العراق الى ثلاث اقاليم ومنه الى دويلات سنية كردية وشيعية مع ابقاء وجود لها في العراق في تلك الاقاليم اما الكردية او السنية لتحيط وبصورة كاملة على دولة ايران فهي عند ذاك احكمت الطوق ضد جمهورية ايران الاسلامية الماضية بجدية وبخطى واثقة من بناء اسلحة لوجستية متطورة جدا واسلحة دمار شامل نووية ومبرر هذا
الوجود هو حماية مصالحها وحماية اصدقاءها وحماية حلفاءها الاستراتيجيين الاسرائليين والدول العربية التي ابرمت مع امريكا معاهدات حلف استراتيجي .