اولا: هل يجوز قتل المتظاهرين السلميين؟
اجمع المسلمون بكل مذاهبهم بأن قتل المتظاهرين لا يجوز وهو من القتل العمد لأن سفك الدم بغير حق حرام وهو من أكبر الكبائر “مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعًا ” وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): ” لنْ يَزال المُؤمن في فسْحَة مِن دينه ما لم يُصِب دما حراما. اي انه اذا اصاب دماً حراما خرج عن الدين ولم تبق له فسحة منه.
وقد اجمع العلماء كذلك انه لايجوز على الاطلاق ان يقوم القاتل بالقتل لانه ينفذ اوامر القيادات العليا ولا عذر له في ذلك حتى لو وصل الإكراه إلى درجة التهديد بقتله هو فأن ذلك لا يُعدّ عذرا شرعيا. و اجمع علماء المسلمين على ان عليه أن يقبل قتل نفسه إن هُدد بالقتل لأن نفسه ليست أولى من نفس غيره. ولا فرق بين مذاهب الاسلام في ذلك بل يذهب العديد منهم الى ان القتل العمد الذي يصدر من الحاكم وقواته الامنية هو ظلم يخرجهم عن الاسلام الى الكفر. و اذا اكره عليها (عبد المأمور) لتنفيذ الاوامر عليه الصبر على ان هو يقتل لانها مفسدة اقل من الأولى والا فان مأواه جهنم وساءت مصيرا.
وقد سٌأل علماء الامة عن اطلاق الرصاص على المتظاهرين واجابوا بانه يجب على المكلف بذلك ان يقوم بالفرار والهجرة ولا يجوز باي حال من الأحوال تنفيذ الاوامر بقتل غيره لقوله تعالى : { إنّ الذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كنتمْ قَالُواْ كنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ فَتُهَاجِرُوا فِيهَا أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.
ان سفك الدماء من قبل الحاكم يوجب نقمة الله وسخطه كما جاء في عهد الامام علي (عليه السلام) لبعض ولاته حيث قال: اياك والدماء وسفكها بغير حلها، فانه ليس شيء ادعى لنقمة ولا اعظم لتبعة ولا احرى بزوال نعمة، وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد، فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فان ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد لان فيه قود البدن.
وقال (عليه السلام): من اعان على مؤمن فقد بريء من الإسلام
وحفظا منه (عليه السلام) على الحياة كان يكرر القول لأصحابه: انكم ستعرضون على سبي فسبوني. أي انكم سوف تخيرون بين القتل او سبي فاختاروا سبي على القتل.
وان الامام علي رفض رفضاً قاطعا القاء القبض على الناس بتهم سياسية او تصفيتهم جسديا فمثلا عندما اتوه برجل وسأل (عليه السلام) عن سبب القاء القبض عليه اجاب السامع “سمعت هذا يعاهد الله ان يقتلك…فقال علي : خل عنه ، فقال الرجل :اخلي عنه وقد عاهد الله ان يقتلك ، فقال الإمام: انقتله ولم يقتلني ، قال :وانه قد شتمك ، قال الإمام : فاشتمه ان شئت او دعه.
ثانيا: هل المتظاهرون بغاة او مثيري شغب بحيث يقمعون باجهزة مكافحة الشغب؟
اجمع علماء الامة على ان البغاة هم الذين يستخدمون السلاح والقوة أي أنْ يكون خرجوهم مُغالبَة بالقوة والسلاح فإذا كان الخروج غير مصحوب باستعمال القوة فلا يُعتبر بغيا ويُعاملون كما يُعامل العادلون. فاذا نظرنا الى المتظاهرين السلميين في العراق وجدناهم لم يخرجوا بسلاح وليس لديهم قوة وشوكة اصلا على الاطلاق فقد خرجوا عزلاً ينادون بوطن ليس فيه فساد ولاطائفية ولاتخريب ولا ظلم ومحاسبة المتسببين من الاحزاب في ذلك. فهم اذن دعاة عدالة وسلام ومساواة وحق مطالبين بنكران المنكر.
وعلى نفس الأسس تعتبر قوات مكافحة الشعب العراقية بقتلها للمتظاهرين العزل قوات باغية لانها تستخدم القوة ضد شعب اعزل وكان من واجباتها هو حماية الشعب من الذين يهددون الشعب وليس الدفاع عن حكام المنطقة الخضراء الظالمين والقتله والفاسدين. وعليه فان هذه القوات تعتبر باغية باجماع الامة.
وعليه فان القمع الذي تقوم به حكومة عادل عبد المهدي وتقتل فيه المتظاهرين السلميين هو حرام ويعتبر من كبائر الذنوب التي تدخل أصحابها النار ويعتبرون بفعلهم هذا من الظالمين الخاسرين في الدنيا والاخرة. اذ ان الظالمين يدخلون في خانة المستبدين الطغاة ويلعنهم الله واللاعنون ويكونون في الدرك الأسفل من النار. لا شك ان مسؤولية القتل التي تتبعها ميليشيات القتل في العراق تقع تحت مسؤوليات الحاكم او بالأحرى الحكام وهؤلاء هم ليس عبد المهدي وحده بل شركاء العملية السياسية كلهم دون استثناء بما في ذلك البرلمان والقضاء وقوات الامن والعصابات التي تأتمر بغيرهم ليس ذلك فقط بل ينطوي تحت ذلك كل من يناط به مسؤولية ضمن حدود حفظ الأرواح كالمرجعيات الدينية والجيش والوزراء والمستشارين هؤلاء وغيرهم مشاركون بالقتل المباشر او غير المباشر كالتغاضي عنه والسكوت عليه والجلوس مع الظالمين ومساندتهم والتملق لهم وعدم محاسبتهم (انظر ماذا قال في هؤلاء الامام جعفر الصادق (عليه السلام) ادناه).
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
وهؤلاء الظالمين قال فيهم علي (عليه السلام): وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه ولأقودن الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها.
وقال: من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام. أي ان هؤلاء حسب مفهوم الامام علي كافرون خارجون عن الإسلام.
بل والابعد من ذلك ان الامام الصادق (عليه السلام) قال: العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم.
المعادلة هي بين شعب ثائر دون سلاح ولاقوة ضد الظلم والفساد والعمالة وسلب الحقوق وانهيار البلد وتمزيق وحدة الوطن وسلب ارادته بيد الفرس وعملائهم وبين حكومة عميلة فاسدة فاشلة وسفكت الدم بشكل لايصدق ولم تفعله حكومة غيرها الا ايران القمع والدكتاتورية فهي اذن باغية. هذا الشعب سفكت له دماء كثيرة عندما خرج اعزلاً مسالما فوقع الحق وبطل الباطل واصبح بعد ذلك لاينفع شيء الا بازاحة القتلة والعملاء. اليوم كما قال علي اصبح هناك شرخ هائل لايمكن ردمه الا بانهاء هذه الأحزاب وهذه الحكومة وتقديمهم جميعا دون استثناء للقضاء العادل وذلك بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وليس ضد الشعب فقط. وعلى رأس هؤلاء المجرمين الذين اجتمعوا في بيت الفاسد عمار الحكيم المجرم عادل عبد المهدي وحاشيته المحيطين به.
قال علي (عليه السلام) في كتاب الى بعض عماله متوعداً: (وإني أقسم بالله قسماً صادقاً لئن بلغني أنك خنت من فيء المسلمين شيئاً صغيراً أو كبيراً لأشدّنّ عليك شدة تدعك قليل الوفر (المال) ثقيل الظهر ضئيل الأمر (ضعيف) والسلام.
وفي كتاب الى احد عماله الذي ظهر عليه الفساد المالي والتعدي على ملكية الاخرين: بلغني أنك جردت الأرض فأخذت ما تحت قدميك وأكلت ما تحت يديك، فارفع إلى حسابك، واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس.
ويقول لآخر موبخاً: (… واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزلّ (السريع الجري) دامية (المجروحة) المِعزى الكسيرة (المكسورة).
وفي رده على بعض عماله الذين وصله انهم ظلموا الناس ولم يستمعوا لحاجاتهم قال (والله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة ولا ظفرا مني بإرادة حتى آخذ الحق منهما وأزيح الباطل من مظلمتهما.)
وفي مواجهته للظلم والباطل يقسم متوعداً: (وأيم الله لأبقرنّ الباطل حتى أخرج الحق من خاصرته)
وفي حق الأمة في أن تختار حاكمها وأن تراقبه وتحاسبه وتعزله فانه (عليه السلام) يقول في ذلك (… وبايعني الناس غير مستكرهين ولا مجبرين بل طائعين مخيرين).. أي ان ما تقوم به حكومة عادل عبد مهدي وباقي الجوقة من الأحزاب هو تماما مخالف لما جاء به علي بن ابي طالب بل ومخالف للاسلام دون ادنى شك ومخالف لكافة القيم في الأديان والمواثيق الدولية ولايتماشى مع التحضر فالذي يقومون به غير متحضرين ولايفعل افعالهم الا مجرمي الحروب ومعدومي الضمير وتجار المخدرات ولوردات الحروب والمهربين بل واسوأ من ذلك …