يظهر مشروع التظاهرات في العراق قد تحول الى دراما مضحكة ، بعد الحديث عن مشاركة حركات وميليشيات ” سلّمية ” فيها ، وأصدر الحزب القائد لقطار الفساد السائر منذ 12 عاما ً ، بيان تأييد للمظاهرات ، وصار رواد الكارثة مؤدين وداعمين لها ، ولم يبق امامها سوى إنتظار مشاركة مشعان الجبوري ونوري المالكي وطاقم مكتبه القديم وعالية نصيف وجمال الكربولي وعبعوب ورواد كازينو القمار في بيروت،وشلة القضاة الفاسدين وحيتان العقود المليارية …!
حفل بهيج سيغطى بالترنيمة القديمة للشاعر بحر العلوم ؛ ” وإذا القاضي هو الزاني ويدعو أين حقي ” ..؟
كان الكاتب الإسباني الشهير ” لوركا ” قبل أن يغتاله الفاشست ،يحذر في مسرحياته ، من أن الفاشست سيقوموا بسرقة اسنان الموتى الذهبية ولايكتفوا بقتلهم ..!؟
وما أسنان الموتى سوى تلك الصيحات التي ترفعها الجماهير المسحوقة المستضعة ضد قاتليها ، بعد صمت يشابه الموت تستغرقه سنوات الخوف أو الخديعة …!
دعوات التضامن مع إنتفاضة المظاهرات الوطنية ضد الفساد ، وإحتوائها من قبل السياسيين المتنفذين بالسلطة ،وزعماء السلاح والأحزاب ، ومشاركة بعض النواب، من ذوي التهم الجنائية ، يعني تفريغ الإحتجاج من مضمونه الوطني الشعبي الذي بلورته اكثر من عشر سنوات موت وتهجير وفساد مالي واخلاقي وإداري ونهب الثروات وضياع مدن وملايين البشر جراء سوء وفشل وفساد سلوك هؤلاء المتنفذين ، أو مايسمون بالطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة المتحللة أخلاقيا ً وإنسانيا ً .
قبول المشاركة بالتظاهر مع وجود هؤلاء أو من يمثلهم ، وماكناتهم الإعلامية ، وبعض الأسماء ” الثقافية والفنية والصحفية ” العائمة ، تضع مشروع الحرية ، قيد البورصة السياسية وسوق الصفقات المريبة التي صنعت قواعد الحياة الفاسدة في عراق مابعد 2003، وهي تعيد لنا حكاية المصاب بالسرطان الذي يتآمر على نفسه بعدم تناول الدواء والتظاهر بالصحة وعدم الإصغاء لنصائح الطبيب .
ومنذ يومين تطفوا جملة تساؤلية عى صفحات الفيس بوك لغالبية العراقين ، مفادها ؛ إذا كل هؤلاء يؤيدون التظاهرات ويدعمونها ، إذن أين المشكلة .؟ ومن هو المدان بهذه المظاهرات ..؟
نحتاج دون ” تفستق ” أو تبريرات واهمة ايضا ً، أن نرفع شعار ” اعرف عدوك ” ، ونتحصن منه لأنه يملك المال والسلطة وألاعيب شراء الذمم والتوريط وارتداء الأقنعة والتقوى والإسلام ، وتحويل مشروع الوطن وثرواته الى سجون طائفية ترسف فيه جماهير الشعب راضية مرضية ..!؟
أرجو ان لايفهم مقالي بكونه دعوة للتراجع عن التظاهر أو وضع شروط قياسية للمتظاهرين ، طالما هو حق كفله الدستور ، لكن الحذر ان يركبها القراصنة ويستلبها المتصيدون، كما حصل في مصر حين جاء الأخوان المسلمون في الوقت الضائع من فوران الدم المصري ليركبوها نحو حكومة اقطاعية بأسم الإسلام وتدفق أوامر والفساد والظلام …!
[email protected]