يُحكى أنهُ: حلَّ معلمُ اللغةِ العربيةِ محل زميلٍ لهُ، غادر لإكمال دراستهِ العُليا، وحين بدأ درسهُ الأول مع تلامذته، سأل أحد التلاميذ سؤالاً، وبعدُ لم يُجب التلميذ عن السؤال، ضحك جميع التلاميذ؛ ذُهلَ المعلمُ وأخذتهُ الحيرة والدهشة، حيث ضحك التلاميذ لم يكُ لهُ مبرراً، لكن خبرتهُ التربوية، علمتهُ أن وراء ضحك التلاميذ سبباً، فأدرك من خلال نظراتهم سر الضحك، وأن ضحكهم كان لوقوع السؤال على تلميذٍ غبيٍ في نظرهم!
إنتهى الدرس وخرج التلاميذ، فنادى المعلم التلميذ المسؤول وإختلى بهِ، فكتب لهُ بيتاً من الشعر على ورقةٍ وناولها إياه، وقال: يجب أن تحفظ هذا البيت كحفظ إسمك، ولا تخبر بهِ أحداً.
في اليوم التالي، كتب المعلمُ البيت الذي حفطهُ التلميذ، على لوحة السبورة، وقام بشرحهِ مبيناً فيه المعاني والبلاغة والبديع، ثم مسح البيت، وقال للتلاميذ: من منكم حفظ البيت فليرفع يدهُ، فلم يرفع أيٌّ من التلاميذ يده سوى ذلك التلميذ، لكنهُ رفع يدهُ بإستحياء وتردد، قال المعلم للتلميذ: أجب، فأجاب التلميذ بتلعثم، وعلى الفور أثنى عليهِ المعلم ثناءً جميلاً عطراً، وأمر زملاءهُ بالتصفيقِ له.
التلاميذُ بين مذهولٍ ومشدوهٍ ومتعجبٍ، ومستغرب!؛ تكرر المشهد خلال أيام الأسبوع، بأساليب مختلفة، وتكرر المدحُ والإطراء من المعلم، والتصفيق الحاد من التلاميذ، حتى بدأت نظرتهم تتغير نحو ذلك التلميذ، والذي بدأت نفسيتهُ تتغير بالمقابل، بدأ يثقُ بنفسهِ ويرى أنهُ تلميذٌ ذكيٌ وغيرُ غبيٍ كما كان يصفهُ الجميع، فقد شعر بقدرته على منافسةِ زملائهِ بل والتفوق عليهم، وثقتهُ بنفسهِ دفعتهُ إلى الإجتهاد والمنافسةِ والمثابرةِ والإعتماد على الذات.
جائت الإمتحانات النهائية، فنجح التلميذُ في كافة المواد المقررة، ودخل المرحلة الثانوية بثقةٍ أكبر وهمةٍ عالية، فزاد تفوقه وحصل على معدل عالٍ أهلهُ لدخول الجامعة، ولقد أنهى دراسته الأولية فيها بتفوق، فواصل دراستهُ وحصل على الماجستير، وهو يستعد الآن للحصول على شهادة الدكتور، فكتب قصة نجاحهِ في إحدى الصحف، مثمناً وشاكراً لمعلمهِ صاحب البيت الشعري، الذي أوصله لما هو فيه الآن.
من غرائب السياسة العراقية، أن يخرج أحد أكبر قيادات حزب الدعوة ومفكريها(عزت الشابندر)، ليقول عن القيادي في حزبهِ، ورئيس وزراء العراق حالياً: “أنهُ أغبى تلميذ كان عنده!” وكان الأجدر بهذا المعلم وحزبهِ، أن يقف بجانب العبادي، كما وقف المعلم المذكور في قصتنا.
بقي شئ…
العبادي الضعيف كما أشاع عليه أبناء حزبه، سيكون قوياً بسبب الدعم الكبير من كتلتي المواطن والأحرار، على أن يثق بنفسه، وأن لا يستمع لأبناء حزبهِ المتعالين عليهِ، الراكعين أمام عجلهم المزعوم.