23 نوفمبر، 2024 5:22 ص
Search
Close this search box.

هل يتحرك الحراك ؟!

لنكن صادقين و واضحين إن (حراك) المحافظات الست المنتفضة اليوم هو غير ما كان عليه بالأمس … و بداء يعاني من نفس المرض الذي يعانيه منه الساسيون وأصبح (التنازع) علنياً والإنقسامات معلنة وسرية وبداء كثير من الناس ينصرفوا عنه وهناك من أصابه الإحباط منه وهناك من يتمسك به كونه الأمل الأخير والخطوة التي تمكنت من جمع أهل السنة ولو لفترة وجيزة تحت راية واحدة ومشترك واحد و سعت لتشكيل خطاب موحد لأهل السنة وكانت في طريقها لتكوين قيادة موحده لهم وتمثيل شعبي حقيقي يمكنه أن يعبر عن عموم أهل السنة في العراق ؛ ومن مميزاته البارزة أنه رغم سعيه لتمثيل أهل السنة في العراقى لم يكن ينحى منحاً طائفياً بل كان جل همه لمَّ شتات سُنة العراق وجمعهم على صعيد واحد والميزة الثانية التي تمسك بها وتحسب له أنه تمسك بسلمية التظاهر والإحتجاجات .
وهذا واقع حقيقي يدفع بضرورة التمسك بالحراك ومراجعة ما أصابه من وعكة والسعي للأخذ بالتطورات والمتغيرات في الميدان السياسي وفي جسم الحراك نفسه والنظر بموضوعية وحيادية مطلقة للبحث عن الخلل و علاجه لأهمية وجود هذا الحراك بوصفه ممثلاً لأهل السُنة في العراق تطوير خطابه وتحصينه من ما يراد به من تمزيق وتشويه .
من المؤكد إن (الحراك) بإمكانياته الذاتية البسيطة وهو بعد لم يستكمل إركانه التنظيمية المطلوبة ولم يتبلور بعد خطابه ومنذ الأيام الأولى لولادته وحتى يومنا هذا (24/11/2013) واجه هجمات منظمة ومدروسة ومخطط لها على أعلى المستويات وأعلى الإمكانيات وسخرت لها إمكانيات الدولة وأموالها ومناصبها ومغرياتها وجيشها وشرطتها لتشن الحملات الإجرامية والمعارك الضارية أمام إناس عزل مجردين من كل سلاح غير السلمية لإرهابهم وقتلهم !
كان أهم هدف لكل تلك الجهود هو (تفكيك) الحراك وتفتيته وإنهاء أي محأولة لتوحيد (سُنة العراق) وعدم السماح بوجود خطاب واحد يتكلم بإسمهم يكون بديلاً عن الخطاب الهش الممَزَق والمُمَزِق والمحترق باتون الصراع السياسي والتشرذم الحزبي والتنافس الإنتخابي والمخترق عرضاً وطولاً والخاضع لتلك الإجندات الداخلية والخارجية بإرادته أو بغير إرادته . ولذلك مبحثه التاريخي الخاص والمستقل عن هذا المبحث .
ولكن كل هذا التأمر الخارجي لم يكن ليتمكن من النيل من (الحراك) طالما كان متمسكاً وقويا بوحدته و (بتمثيله لعموم أهل سُنة العراق) .
فهل لازال (الحراك) ممثلاً فعلياً لعموم سُنة العراق ؟ وإذا لم يكن كذلك فكيف له أن يكون كذلك وما هي شروط ذلك ؟؟؟
بداء فإن من حق كل صاحب معتقداً أو فكراً أو رأياً أن يتمسك بمعتقده ويؤمن بفكره وينحاز إلى رأيه وليس من حق أحد إجباره على تغييرمعتقده وتبديل ثقافته ؛ كما أن من حق أي حزب أو منظمة أو تيار سياسي أو كيان إجتماعي أو هيئة دينية أن تكون لهم خصوصياتهم ورؤيتهم الخاصة لما يجري ولهم الحق في أن يعتقدوا بما يروه مناسباً لأوضاع البلد ولهم حق إقتراح الحلول لمعضلاته ومشاكله . ولكن كل ذلك لا علاقة له (بالحراك السُني) وجميعها لا تمثل سُنة العراق بل تمثل وجهات نظر شخصية أو حزبية أو فكرية أو إجتماعية …
ولكن (الحراك السُني) الذي يراد له (تمثيل) أهل السُنة في العراق يجب أن يستوعب ويحتوي كل أولئك الناس وغيرهم من أهل السُنة بمختلف رؤاهم وتوجهاتهم وإنتمائاتهم السياسية والثقافية والفكرية وبمختلف شرائحهم الإجتماعية ومستوياتهم المعاشية والعمرية ولا إستثناء إلا من أراد أن يشذ عن هذا المسمى ويخرج منه أو عليه .
و(الحراك السني بهذا المسمى يجب أن يفهم بانه (الممثل الرسمي الوحيد) الناطق بأسم اهل السُنة بكل إنتمائاتهم ومكوناتهم وشرائحهم الإجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية فهو يمثل (الجميع) وفيهم الملتزم بعقيدة محددة أو فكر ما وفيهم غير الملتزم وفيهم المنتمي لحزب ما أو توجه أو تيار ما وفيهم غير المنتمي لا لهذا ولا لذاك ويظم الغني والفقير والسائل والمسؤول والغني والعالم والجاهل وفيه الصغير والكبير ويمثل الرجل والمرأة وفيه من يؤمن بنمط خاص من الحكم وفيه من يرفضه ؛ ويظم من يؤمن بأن الحل في الفدرالية وإلى جانبه من يرفضها جملة وتفصيلاً وفيه من يمارس الصراع السياسي من خلال العملية السياسية الحالية وفيه من يرفضها وهناك من يؤمن بها وهناك من يكفر بها . أنه بأختصار يمثل كل المكون السُني بكل أطيافه ومكوناته الجزئية بغض النظر عن أي صفة أخرى ويتجاوزها . وليس له أن يتبى أي وجهة نظر خاصة إلا ما تعارف عليه الجميع وخرجوا برأي أو هدف واحد يجمع عليه (يشترك) الجميع فيه ودون ذلك يتحول هذا (الحراك) الشعبي إلى (حراك سياسي) أو (حزب عقائدي) له أجندته الخاصة  يمثل جزء من المكون من من يؤمن به ولكنه لا يمثل السُنة بمجملهم .
ولكن كيف يمكن (للحراك) هذا أن يجمع كل هذه الأضداد وكل تلك التيارات والهيئات والمنظمات والآفراد على صعيد واحد ؟!
الذي جمعهم أول مرة هو الذي يجب أن نبقى عليه ! . لم يجمعهم رأي سياسي أو حزبي أو وجهة نظر محددة ولا حتى عقيدة واحدة !. الذي جمعتهم هي المعانات أولاً ؛ إنتهاك الإعتبارات الإنسانية والمجتمعية ؛ الذي جمعهم الهم الواحد والخوف الدائم من ظلم مسلط على المكون بأكمله يتعارض مع القوانيين الآهية والقوانين الوضعية الدولية والمحلية وكل الدساتير الإنسانية المتحضرة. إعتقالات ومداهمات مبررة وغير مبررة ليلية ونهارية وإنتهاك لكل مباديء حقوق الإنسان وتعذيب مريع يطال الأطفال والنساء مثل ما يطال الشباب والرجال وتصفية وتهجير وإستلاب العقارات والأموال وصولاً إلى إنتهاك الأعراض والمقدسات …
أنه يمثل عموم أهل سُنة العراق ويمثلهم فيما لا يختلفون عليه (المشتركات) فقط . أو لنقل بدقة عالية جداً : الحراك السُني يمثل عموم أهل سُنة العراق فيما أتفق عليه الغالبية العظمى الساحقة منهم (المشتركات) العامة وما لا يصح الخلاف عليه شرعاً أو عرفاً .
 إلا من شذ منهم تطرفاً أة تميعاً أو خيانة وهم قلة لا حساب لها أو أفراد مهملون . 
لذا فلابد للحراك عدم الإلتزام بأي هدف له أو خيار أو مطلب أو قرار أو خطاب ما لم يكن محل إتفاق وإجماع قطعي لا خلاف فيه بغض النظر عن مشروعيته أو مقبوليته ما لم يحوز على إجماع الناس عليه. ويترك ما سوى ذلك وكل ما يمكن أن يضعف الحراك أو يمزق صفه أو يخدش تمثيله لعموم أهل السُنة من أهداف ورؤيا إلى غير (الحراك) من نشاطات سياسية أو مجتمعية أو دينية  .
ولا شك أن مثل هذا (الإجماع) لو توفر للحراك فإنه بذلك يكسب شرعيته لدى المجتمع السُني أولاً إضافة الى شرعية تمثيله لدى المحافل الرسمية وغير الرسمية المحلية والعربية والإسلامية والدولية ؛ ويقطع الطريق على كل من يدعي شرعية التمثيل ويمكنه أن يكون مرجعية لأي نشاط مجتمعي أو سياسي ؛ كما أن هذا الإجماع وهذا التمثيل يشكل خط دفاعي ذاتي للحراك نفسه ضد محأولات إنهائه أو إسكاته أو إختراقه ؛… إضافة إلى مآرب أخرى كثيرة .
وأخيرا ما هي (أهم) المشتركات التي يتفق عليها عموم أهل السُنة في العراق وهي تعبر عن معانات يومية بالدرجة الأولى وحاجات فطرية  قبل أن تعبر عن معتقدات أو مطاليب ترفيه
ومن تلك المشتركات التي يجب أن يطالب بها الحراك (كنت قد تكلمت عنها في الرابع من شباط 2013 في مقال بعنوان (ملخص المطاليب) :
إصلاح وموازنة الأجهزة الآمنية وإبعادها عن التحزب والممارسات الطائفية أو العنصرية.ومنعها من ممارسة السلطات التحقيقية والقضائية وعدم الإحتفاض بالمعتقلين داخل المعسكرات .. (تكلمت عنها بالتفصيل بتاريخ 18 شباط 2013 إصلاح الأجهزة الأمنية)
إصلاح القضاء العراقي وتحييده وإبعاده عن التأثيرات الطائفية أو الحزبية أو السياسية وتفعيل القوانيين التي تحمي الحقوق الإنسانية والقانونية للمعتقل  
تفعيل مواد الدستور المعطلة و التي تتعلق بحقوق الانسان وطريقة التعامل مع المعتقلين وطريقة وتوقيتات إحالتهم الى القضاء بل إن ما يمارس الآن هو فوق ما تبيحه إجراءات حالة الطواريء وبعيدا جداً عن القوانين والدستور.
الأشراف مباشر لضمان حقوق الإنسان سواء عبر مؤسسات حقوق الإنسان الرسمية وغير الرسمية المحلية والأممية والدولية ( لجنة حقوق الانسان في البرلمان أو اللجان الاخرى ذات الصلة بالقضاء والهيئة المستقلة لحقوق الانسان و  وزارة حقوق الانسان و المنظمة حقوق الانسان الدولية)
تحقيق التوازن في كل أجهزة الدولة ومؤسساتها كونه ضمان لحيادية السلطة وأجهزتها ؛ وتفعيل حقوق المواطنة المتساوية كما نصت عليها القوانيين والدساتيير المتحضرة وكما نص عليها الدستور العراقي الحالي
ولا أعتقد أن كل ما ذكر أعلا يختلف عليه إثنين بل لعل اغلبه هو طموح إنساني راقي لا يتعلق باهل السُة على وجه الخصوص وإن كانوا هم ضحايا هذا التعسف والجور .
ومن الطبيعي أن يتم تعديل كل تلك الممارسات المنحرفة وتعزز بإطلاق سراح المعتقليين ومراجعة ملفات المحكوميين والعفوا عن المعتقلين والسجناء المظلوميين …الخ
نعم أن الحراك بارقة أمل وسط إحباط كبير لابد من بقائه وتطويره وتجنيبه كل ما يضعفه ويفقده مصداقية التعبير وشموليته؛نعم إنه ولوحده غير كافي لكن من دونه يصعب بلورة معاناة سُنة العراق ويستحيل إيجاد ممثلاً معتمداً كالحراك لابد من الحفاظ عليه بكل الوسئل المتاحه وصمود الحراك وثباته وتوسيعه سيجبر الجميع على سماعه وتحقيق أهدافه .

أحدث المقالات

أحدث المقالات