العنوان اعلاه مشتق ومنبثق من الخبر الذي انتشر يوم امس وبِسُرعات لم تدنو من بلوغ سرعة النار في الهشيم , وكانت وسائلُ اعلامٍ بعينها هي التي تتحكّم بمعدلات سرعة الإنتشار . وكيما لا نبتعد عن جوهر الموضوع , فنصّ الخبر كما انتشر : < هل تفكّر السليمانية بالإنفصال عن اربيل > , وهو يعبّر عن المديات التي دفعت بالإتحاد الوطني الكردستاني لطرح مسألة الإنفصال عن اقليم كردستان , وصولاً الى انشاء وتأسيسِ اقليمٍ آخر ! قد يقود الى تشظيات سياسية وغير سياسية في هيكلة الأقليم , وبما اكثر من ذلك خطورةً .
لا يمكننا كمراقبين الميل الى صحة هذا الطرح او عدمه , لاسيّما إدخال او ايلاج مفردة < تفكّر > من الجهة التي قامت بصياغة الخبر او عنوان الخبر , وهل ذلك كمناورة سياسية – اعلامية بالضد من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتولى قيادة الأقليم , أم أنّ ذلك كتمهيدٍ سيكولوجيٍ اوّليّ لأجواء الإنفصال , ولمراعاة اعتبارات الرأي العام الكردي وتهيئته نفسياً لمرحلة التغيير المقبلة – المفترضة .
وإذ لسنا هنا بصدد إعداد فهرست او قائمة ببلوغرافيا لكشف تسلسل الخلافات الحادّة بين الحزبين المذكورين , والتي تفاقمت شدّتها وحدّتها في الآونة الأخيرة بالرغم مّما لها من خلفياتٍ تكاد تشكّل الوقود الكافي لإشعال الأزمة بين الجانبين , فالأرضيّة لهذا الأنقسام المفترض غدت مهيّأة من زواياً متعددة .
لا ريب أنّ الوضع الراهن في كردستان العراقية يتجاوز مسألة التشاؤم والتفاؤل بالنسبة الى الرأي العام العراقي وغير العراقي ايضاً . لكنّ المتطلبات الوقائية ومقتضيات الإحتياط الأستباقي لأصعب الأمور في هذا الصدد , فإنها تفرض وقائعاً جديدةً في حال صحّة التوجّه نحو ذلك الإنقسام , ولعلّ اولى ” بعض ” تلك الوقائع أنّ انشطار الأقليم الى نصفين او اكثر فإنّما يصبّ في مصلحة الحكومة المركزية في بغداد < أيّاً كانت الحكومة ومن ايّة احزاب > ومهما قد يصدر من علائم النفي والإنكار لذلك .! , ثُمّ وبأفتراضٍ مسبقٍ آخر فإنّ انفصال ” السليمانية – معقل الأتحاد الوطني ” فسيقوي ويضاعف النفوذ الأيراني ودَوره وتأثيراته اللاحقة , ولعلّه سيزيد من كثافة التدخّل العسكري التركي في شمال كردستان العراق لمواجهة التطورات الجديدة .. ايضاً وفي الحسابات الأولية للإعلام ” وَ وِفق التوازنات او شبه التوازنات الآنيّة للوضع العراقي الجديد ومديات علاقته بأوضاع المنطقة والتي لم تتضح قَسَماتها ومعالمها بعد , فالوضع الكردستاني المتأزّم لم يصل الى حافات الخطر الحادّة بعد , رغم ما يكاد ملامستها .!
ثُمَّ , وبموجب هذه الحسابات فمن المتوقّع وصول مبعوثٍ امريكيٍ رفيع المستوى , لا الى بغداد , وإنّما الى الإقليم , وقد تؤدي وتقود لقاءاته بقيادة الأقليم الى تقديمِ تنازلاتٍ ما الى الإتحاد الوطني الكردستاني , كمحاولةٍ اوليةٍ عجلى لتضميد الأمور وضخّها بالمهدّئات والمسكّنات السياسية المؤقتة ! , فالوضع الدولي لا يتحمل ازماتٍ اكثر .
الى ذلك , ومن خلال النظر في او عبر المنظار الأقليمي الخاصّ , فقد يترآى أنّ طرح الإنفصال هذا غير بعيدٍ جداً عن عموم اوضاع الكرد في ” تركيا , ايران , وسوريا ” , فالجميع في حالة التهابٍ سياسيٍ وعسكري لم تعد تنفه معه مضادات ال Antibiotic