22 نوفمبر، 2024 8:01 م
Search
Close this search box.

هل يبقى الحشد مقدَّساً؟

هل يبقى الحشد مقدَّساً؟

إذن، الحشد الشعبي ليس بمقدّس، ولم يكن مقدّساً ولا يتعيّن أن يكون مقدّساً كما أُريدَ له أن يكون لأغراض لا تتعلق بفكرته والغاية النبيلة التي انطلق في سبيلها.
ها هو الحشد يتبدّى لنا الآن مجموعة من البشر، وليست من الملائكة، مثل سائر مجموعات البشر، بينها الصالح وبينها الطالح، وكلٌّ يؤخذ بجريرة أعماله، صالحة أو طالحة.
لغايات نفعية، ذاتية وحزبية ومذهبية، أُريد لنا أن نقدّس الحشد الشعبي تقديساً، حتى لا نعارض ولا نعترض على أية أعمال وغايات طالحة أراد البعض أّن يزجّ الحشد الشعبي فيها، ومنها فرض السلطة والنفوذ والاستحواذ على الأملاك العامة والخاصة بالقوة.
الدولة، صاحبة قوة الحشد الشعبي ومرجعيته تقول الآن إنها اضطرت لدهم مقارّ للحشد ووقف العمل فيها ومصادرة ممنوعات، بينها أسلحة وأموال منهوبة ووثائق مزوّرة لممارسة أعمال الابتزاز والاحتيال.
لم نسمع من قبل بأنّ الجيش مقدّس والشرطة مقدّسة وقوات الأمن العام وجهاز المخابرات مقدسة، مع أنها قوات الدولة الرسمية، الدستورية، التي تستند إليها في حفظ الأمن الداخلي والسلم الأهلي وسيادة البلاد واستقلالها.
الحشد الشعبي أعلن بنفسه في الايام القليلة الماضية عن قيامه باجتياح مقارّ واعتقال أشخاص ينسبون أنفسهم إليه، ويتصرّفون باسمه. وبالطبع فإن التصرفات المقصودة هي ممّا يتعارض مع النظام العام والقانون وغايات الحشد. ومثل هذا الكلام كنّا وآخرون نقوله من قبل، ناقلين شكاوى مواطنين من تصرّفات “حشداوية” أو منسوبة الى الحشد مسيئة للغاية وفيها تجاوز على القانون والنظام العام وحقوق الناس الشخصية والعامة، بيد أننا كنّا نواجه بإشهار البعض في الوجوه سلاح “الحشد المقدّس”، ما كان يشجّع العناصر الخارجة على القانون والمنفلتة على التمادي في تصرفاتها، وهو مما أساء كثيراً الى الحشد وفكرته وغايته.
هل صار معلوماً ومفهوماً الآن أن الحشد بذاته، مثل أي مجموعة بشرية، ليس مقدساً ولا يتوجّب تقديسه؟ وأن المقدّس هو فكرة الحشد وعمله؟
إذا كانت غايتنا بناء دولة قوية تستطيع الدفاع عن نفسها وكيانها وشعبها وتتقدم نحو المستقبل، لابدّ من نزع القدسية عن أفرادها وكياناتها، فليس من الصحيح الدفع باتجاه تغوّل مؤسسة ما فيها، عسكرية أو أمنية أو مدنية، ووضعها فوق الدولة والمجتمع بتقديسها.
لننتهِ من هذا .. لا قدسية للحشد وسواه، لكن كل التقدير والتبجيل للأعمال الوطنية التي يقوم بها ولتضحياته التي لا تفرق عن تضحيات الجيش والشرطة وسواهما من أجهزة الدولة الوطنية.

أحدث المقالات