18 ديسمبر، 2024 7:13 م

هل وصلت رسائل الإمام علي إلى عادل عبد المهدي؟

هل وصلت رسائل الإمام علي إلى عادل عبد المهدي؟

أعدل وأفقه وأعلم وأفضل الناس، كما وسّمهُ رسول الله”صلى الله عليه وآله” بهذه الصفات، ذاك هو مولاي ومولى المؤمنين علي بن أبي طالب”عليه السلام” الذي ضرب أروع المثل العليا في السياسة ونظام الحكم وإدارة الدولة، فأعتزت بسياسته الإنسانية وخلدته عبر جميع العصور.
كلام وفعل الإمام “علي عليه ااسلام” السياسي، يعد بمثابة رسائل سياسية لكل رئيس حكومة على وجه المعمورة ولا تتوقف على أحد، وإنما خصننا الذكر بالسيد عادل عبد المهدي كونه واحداً من هؤلاء مكلفاً بتشكيل حكومة عراقية هذا أولاً، ومحسوباً على شيعة علي”عليه السلام” ثانياً، فهو أولى من غيره بإتباع سيرته ومنهجه في الحكم.
نذكر أهم الممارسات السياسية التي قام بها الإمام عليه السلام في حكومته، والتي هي محل إتفاق بين المحققين من علماء الشيعة:
أولاً- عدم المحاباة والإثرة في إعطاء المناصب والوظائف العليا، ولم يعهد بأي مسؤولية إلى أحداً إلاّّ بعد إحراز الثقة بدينه والكفاءة بقدراته الإدارية، مع تشريع قوانين تحدد من صلاحياتهم ومسؤولياتهم.
ثانياً- مراقبة المسؤولين والتحري عنهم بإرسال العيون، فمن وجد منهم أنه خان أو سرق عزله من منصبه وأنزل أقسى العقوبة به، بل كان لا يقبل على ولاته الإستجابة لدعوة طعام خوفاً عليه من الغرور والخيانة، كما في قصة عثمان بن حنيف، نظام سياسي عجيب لم يوجد حتى في الدول المتحضرة، يُسن فيه قانون يدعو كل مسؤول كبير إلى عدم الإستجابة لدعوة طعام.
ثالثا- إبعاد كل من له ميل أو هوى في الإمارة عن التصدي للمسؤولية، لإنه يتخذ المنصب وسيلة لتحقيق أطماعه الشخصية والحزبية، فما نقول لك ياسيدي واليوم في عراقنا تباع وتشترى المناصب بملايين الدولارات؟! في حين أن الوظائف لابد أن تستغل لمنافع الناس.
(أعلن طلحة والزبير عن رغبتهما الملحة في الولاية أمتنع عن إجابتهما، واستدعى عبدالله بن عباس فقال له: بلغك قول الرّجُلين يعني طلحة والزبير؟! قال: نعم، بلغني قولهما.
قال عليه السلام: فما ترى؟ قال: أرى أنّهما أحبا الولاية فول البصرة الزبير، وولّ طلحة الكوفة.
فأنكر عليه الإمام رأيه، وقال له: ويحك! إنّ العراقيين بهما الرجال والإموال، ومتى تملّكا رقاب الناس يستميلا السفيه بالطمع، ويضربا الضعيف بالبلاء، ويقويا على القوي بالسلطان، ولو كنت مستعملا أحدا لضره ونفعه لاستعملت معاوية على الشام، ولولا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي).
رابعا- إقصاء الإنتهازيين الذين كانوا عوناً للسلطة على الباطل في الحكومات السابقة، وإجتثاث الفاسدين منها وإسترداد المال العام المنهوب منهم، درهماً درهما وديناراً دينارا.
هذه أبرز الرسائل العملية في سياسة أمير المؤمنين عليه السلام، إلى كل رئيس حكومة في العالم، فإذا كانت وصلت إلى السيد عادل عبد المهدي، نتمى أن يلتزم بها ويطبقها عملياً، وهي موافقة لما دعت إليه المرجعية الدينية سابقا في خطبة الجمعة: من أنه على رئيس الوزراء القادم أن يختار حكومته ويتحمل هو مسؤليتها على ضوء( القدرة والكفاءة والنزاهة) المطلوبة في المنصب، وعليه أيضاً كشف الفساد في الحكومات السابقة ومعاقبة الفاسدين.
نتمنى من أحزابنا السياسية أن يتركوا أختيار الكابينة الوزراية لرئيس الوزراء المكلف، ويفضّل أن تكون مستقلة كي يتسنى له ولمجلس النواب محاسبة ومعاقبة ومراقبة أي مسؤول خائن ومقصّر بسهولة.
قال الإمام علي عليه السلام، في رسالة بعثها لقاضيه رفاعة بن شداد:( أِعلم- يا رفاعة- إنّ هذهِ الإمارة أمانةُ، فمن جعلها خِيانةً فعليه لعنةُ الله إلى يوم القيامة، ومن أستعمل خائناً فإنّ محمّداً “صلى الله عليه وآله” بريءُ منهُ في الدّنيا والآخرة).