كتب الملك فيصل مذكراته في اذار سنة 1933 اي قبل ستة اشهر من وفاته ايلول 1933 وقد اطلع عليها بعض خواصه والمقربين منه من الوزراء منهم وقد وزعها على اخصائه ليجيبوا عليها اضراب جعفر العسكري ، ياسين الهاشمي ، ناجي شوكت ، نوري السعيد ، وناجي السويدي وهو يرى الياس في الاصلاح .
هذه المذكرات التي كتبها الدكتور عبد الرزاق الحسني في موسوعته تاريخ الوزارات العراقية تعتبر من الاهمية بمكان ، لانها تصف طبيعة الوزارات وادائها ، وحال الشعب العراقي في زمانه .
وانا اقرا هذه المذكرات فرايتها صورة طبق الاصل عن طبيعة اداء حكوماتنا ، وطبيعة تعامل الشعب العراقي بكل اطيافه مع الحكومة ومع بعضهم البعض .
ساتطرق الى بعض الفقرات المهمة التي ذكرها الملك فيصل
السواد الاعظم من الشعب جاهل، المستعد لقبول كل فكرة سيئة، بدون مناقشة ومحاكمة كأن شبان العراق القائمين بالحكومة ، وعلى راسهم قسم عظيم من المسؤولين، يقولون بوجوب عدم الالتفات الى افكار واراء المتعصبين، ان عدم المبالاة بالراي بتاتا مهما كان حقيرا، خطيئة لا تغتفر
يقول ان الحكومة ضعيفة ولا تملك القوة وضرب مثلا هياج مسلح ما قاسيناه ابان ثورة الشيخ محمود، ـ يقصد محمود الحفيد البرزنجي الذي قاد ثورات وانتفاضات ضد الانتداب البريطاني في العراق .
يؤكد على حصر السلاح بيد الدولة وقد ذكر الانفلات التسليحي قائلا “(100 )الف بندقية عند الشعب و(15) الف بندقية عند الحكومة لذا الحكومة وجيشها عاجزون عن فرض النظام “
يقول الملك في وصف المملكة “العراق مملكة تحكمها حكومة عربية سنية ،مؤسسة على انقاض الحكم العثماني، وهذه الحكومة تحكم قسما كرديا اكثريته جاهلة ، بينه اشخاص ذوو مطامع شخصية يسوقونه للتخلي منها بدعوى انها ليست من عنصرهم، واكثرية شيعية جاهلة ، ومنتسبة عنصريا الى نفس الحكومة الا ان الاضطهادات التي كانت تلحقهم من جراء الحكم التركي الذي لم يمكنهم من الاشتراك في الحكم وعدم التمرن عليه، والذي فتح خندقا عميقا بين الشعب العربي المنقسم الى هذين المذهبين“
وعن من يتحدث عن تذمر شيعي يقول “ولا ارغب ان ابرر موقف الاكثرية الجاهلة من الشيعة وانقل ما سمعته الوف المرات وسمعه غيري من الذين يلقون في اذهان اولئك المساكين البسطاء من الاقوال التي تهيجهم وتثير ضغائنهم ان الضرائب على الشيعي والموت على الشيعي والمنصب للسني ما الذي هو للشيعي حتى ايامه الدينية لا اعتبار لها ويضربون الامثلة على ذلك مما لا لزوم لذكرها“
وذكر ان الاقلية لها دسائس أثورية وكلدانية ويزيدية والتعصب للتفرقة بين هؤلاء ،الجهلاء توهن قوى الحكومة تجاه البسطاء كما ان العقول البدوية والنفوذ العشائري الذي للشيوخ وخوفهم من زواله بالنسبة لتوسع نفوذ الدولة
ختم مذكراته برايه هذا عن العراق ” لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد كتلات بشرية خيالية خالية من اي فكرة وطنية متشبعة بتقاليد واباطيل دينية، لا تجتمع بينهم جامعة ، سماعون للسوء، ميالون للفوضى، مستعدون دائما للانتفاض على اي حكومة كانت
انه لمن المحزن والمضحك والمبكي معا ان نقوم بتشييد ابنية ضخمة بمصاريف باهظة وطرق معبدة بملايين الروبيات ولا ننسى الاختلاسات وتصرف اموال هذه الامة المسكينة التي لم تشاهد معملا يصنع لها شيئا من حاجاتها واني احب ان ارى معملا لنسيج القطن بدلا من دار حكومة واود ام ارى معملا للزجاج بدلا من قصر ملكي “
ان الملك فيصل بمذكراته هذه تحكي انه سبه متمرد على الانكليز لا سيما اخر ايامه وبسبب ذلك هنالك روايات اكدت ان الملك فيصل لم يكن موته طبيعي بل اغتيال بامر الانكليز في سويسرا وهنالك اكثر من شاهد منهم شكيب ارسلان و محمد مهدي الجواهري .