23 ديسمبر، 2024 7:27 ص

هل هنالكَ عراقٌ آخر . !

هل هنالكَ عراقٌ آخر . !

هنالك بعض من الأخبار الحقيقية التي تخلو من ذرّات الغبار ’ تجري قراءتها ” سيكولوجياً ” وكأنها اكاذيب ومزاعم ما انزل الله بها من سلطان او سلطانة , حيث تفوق مثل تلك الاخبار مديات الحدود المحددة للتصوّرِ والتفكّر , وبالمقابل هنالك أخبارٌ أخرياتٌ لا أساسَ ولا جذر لها , ومنسوجة بمهارة من وحي الخيال او من الحرب النفسية ويجري تداولها بسلاسة وبالسرعة القصوى , وتجتاز الحدود , كما ترددها وتغردها بعض السوشيال ميديا .

ففي هذا الظرف اللا ميمون والذي يشهد حراكاً ساخن بين الأحزاب الحاكمة والمشارِكة والكتل المتكتلة , ويمرّ بتحالفاتٍ سرعان ما تتفكك ويعاد ربط اجزائها , نلاحظ أنّ كلّ هؤلاء وما يمتلكوه من ميليشيات وفصائل واكداس اسلحة , وما لدى بعضهم او معظمهم من نفوذٍ يتحكّم بالسياسة الخارجية للعراق , والتحكّم ايضا بمستلزمات الأنتشار واعادة الأنتشار لتشكيلاتهم المسلحة داخل وخارج المدن , فنلحظ أنّ الأدارة الأمريكية ومفرداتها وآلياتها تمرّ من أمام ومن خلف ومن بين تلك القوى العراقية وكأنها لا تراهم .! وكأنهم غير موجودين على الساحة ! , فقد فوجئ الرأي العام العراقي ” ودونما دهشة ” بقدوم القائد العام للقيادة المركزية الأمريكية الجنرال ” جوزيف فوتيل ” من مسافاتٍ شاسعة ليحطّ الرحال في اربيل ويقابل السيد مسعود البرزاني ويتباحثون حول أمورٍ ومستجداتٍ لا يمتلكوها الراسخون في العلم , ويتزامن هذا اللقاء العسكري – السياسي وبتناغمٍ غير متناغم بالأتصال الهاتفي الذي اجراه السيد ” مايك بومبيو ” وزير الخارجية الأمريكي بالسيد البرزاني ايضاً في هذا الظرف وذات التوقيت . ودونما انتقاص من شخصية الأستاذ مسعود الذي يحظى بمكانةٍ عالميةٍ مرموقة , والذي يظهر من خلال هذين الحدثين الأتصاليين المرئي والمسموع , وكأنه الحاكم الفعلي المطلق للعراق , وما احزاب السلطة الحاكمة إلاّ وكأنها كومبارس يلهث للتحالف مع الكتل الكردستانية بغية خياطة ونسج الكتلة الأكبر .

وإذ من الواضح أنّ الأعراف والبروتوكول الدبلوماسي يقضي باتصال او زيارة المسؤولين الأمريكان لكبار مسؤولي الحكومة المركزية في العاصمة قبل اتصالاتهم بقيادة الأقليم , والأمريكان على دراية مطلقة بذلك , انّما عملية التجاهل والأستغفال واضحة للغاية في هذا الشأن , ولعلّ الميول النفسية والتوجهات السياسية المتجذرة لدى احزاب السلام السياسي تجاه الأيرانيين وتقاطعها مع السياسة الأمريكية الجديدة , قد غدت تلعب دوراً تصعيدياً في هذا التمايز النشاز , وادراكهم أنّ هذه الحكومة لا تكترث مهما توالت عليها الأهانات الدبلوماسية , وفي ذات الوقت فأنّ الطبيعة والتركيبة السيكولوجية غير المتجانسة للحكومات التي اعقبت الأحتلال هي ما يساعد وبتناسبٍ طردي للكثير من دول العالم للتعامل مع العراق بهذه الصيغ المفتقدة للّياقة , وقد لوحظ على مدى السنين كيفية استقبال الدول الأكثر تحالفاً ودعما لهذه الحكومات اثناء استقبالها لوفودٍ رسميةٍ رفيعة المستوى من العراق , إما بعدم وضع العلم العراقي في المفاوضات الثنائية او استقبالهم في المطار من قبلِ مسؤولين ادنى درجةً او ادنى من الأدنى , والأنكى أن لا ردود اية افعال او اعتراضات من المسؤولين العراقين الذين يفتقدون روح المسؤولية حتى على انفسهم وكياناتهم واوزانها .! , وفي الواقع فأنّ هذا التواصل الأمريكي مع قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ” وليس مع عموم الأقليم واحزابه ” لا يقتصر على الجانب الأمريكي وهو ليس للمرة الأولى ولا الأخيرة ايضا , فغالبية قنصليات الدول الغربية وغير الغربية في اربيل لها اتصالاتها الخاصة مع قيادة الأقليم ودون أن تقوم سفاراتها في بغداد بأبلاغ وزارة الخارجية العراقية عن اية مجريات , ووزارة الخارجية تلتزم بمبدأ < السكوت علامة الرضا > او بالأحرى لا يهمها الأمر لا من بعيدٍ ولا من قريب , ولم يترآى لهذه الوزارة أن تغلق قنصليةً واحدة لدولة صغيرة في الأقليم بذريعة عدم احترام الأعراف الدبلوماسية , وكرسالة مغلّفة للقنصليات والسفارات والدول الأخرى .
الشارع العراقي برمّته , والرصيف والساحات والبسطات واصحابها والأزقّةِ و ” الدرابين ” بمجملها , وحتى رياض الأطفال اضحوا وامسوا وباتوا على قناعةٍ مطلقة أنّ احزاب الأسلام السياسي الحاكمة غير مؤهّلة لقيادة دولة على الأطلاق , بل مؤهلة للغاية لتخريب دولة وتدمير اقتصادها ومصانعها وزراعتها , ولإذلال شعبها بطرقٍ ليست معنويةٍ فحسب .! وحسبنا الله ونعم الوكيل .!