20 مايو، 2024 12:46 م
Search
Close this search box.

هل هزمت داعش فعلا ؟؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

تلقى تنظيم الدولة الاسلامية مؤخرا ضربتين موجعتين تمثلت أولهما في تحرير محافظة ديالى العراقية بالكامل فيما أجبر في الثانية على الانسحاب من مدينة كوباني السورية ، عمليا تبدو هزيمة داعش في كوباني والتي تحولت لمعقل للمقاومة والصمود ذات طابع رمزي واعلامي فقط ، فالمدينة التي تقع في أقصى الشمال الشرقي السوري والمحاذية لتركيا ليس لها أهمية استراتيجية تذكر رغم التركيز الدولي والاعلامي المنصب عليها ، حيث لعب طيران التحالف الدولي دورا كبيرا في مساندة وحدات حماية الشعب الكوردي الصامدة فيها حتى تحريرها وهو مايفتح المجال لسيطرة القوى والأحزاب الكردية على أراضي مايعرف بغرب كوردستان بعد تحررها من داعش وخروجها مسبقا من بيت طاعة النظام السوري وخلوها من مسلحي مايعرف بالمعارضة السورية في اشارة قوية الى امكانية نشوء منطقة حكم ذاتي كردي في سوريا على غرار اقليم كردستان العراق وهو ما استبقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتحذير خصوصا بعد الدور السلبي الذي لعبته حكومة بلاده في معركة كوباني وسعيها لاطالة أمد المواجهة لاستنزاف قدرة الطرفين المتصارعين .

عراقيا مثل سقوط ولاية ديالى (حسب أدبيات التنظيم) نهاية لاحلامه التوسعية في الزحف نحو بغداد خصوصا بعد خسارته سابقا لمناطق حزام العاصمة ، وتجمد الموقف الحربي واحتفاظ كل طرف بمواقعه في محافظتي صلاح الدين والأنبار لحد الآن ولعل العلة وراء تقهقر التنظيم في المحافظة هو دخوله في صراع مسلح مع القوى الرئيسية الأربع فيها وهي الجيش العراقي والحشد الشعبي والبيشمركة والعشائر العربية فيها (والتي خسرها التنظيم) وهو ما سمح لبغداد وأربيل باستعادة السيطرة على كامل المحافظة ريثما يتم تحديد مصير مناطقها المختلطة في وقت لاحق ، وتعد معركة ديالى والتي غاب عنها بشكل شبه واضح طيران التحالف الدولي

ولأسباب بديهية ودعمتها ايران رغبة منها في تأمين حدودها مع العراق بداية الأمل في تحرير باقي الأراضي العراقية المحتلة من قبل تنظيم الدولة.

ورغم تراجع التنظيم في محافظة نينوى وفشل هجومه على كركوك الا ان الوقت لايزال مبكرا للحديث عن هزيمته الساحقة حيث يحكم سيطرته على اجزاء واسعة من محافظتي الأنبار وصلاح الدين بالأضافة الى مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية رغم القتال الشرس المتواصل الذي يخوضه ضد الجيش العراقي والحشد الشعبي والبيشمركة والصحوات المدعومين بطيران التحالف الدولي في مختلف المناطق العراقية .

أما في سوريا فيبدوا ان الوضع الميداني أسوء بكثير مع عدم وجود قوات على الأرض تستطيع استثمار الضربات الجوية الغربية في ظل عجز وتشتت قوات المعارضة السورية “المعتدلة” ورغبة نظام دمشق في مد عمر وجود التنظيم المتطرف على الأرض لحين استكمال فصول مواجهته العسكرية مع خصومه ومعارضيه تحت غطاء مواجهة الارهاب يضاف لذلك محدودية جغرافيا الصراع الكردي مع داعش وعدم امكانية الاعتماد على طبيعة المواجهة بين جبهتي النصرة وأحرار الشام من ناحية وتنظيم الدولة من ناحية أخرى لعدم اختلافهم كثيرا عنه وهو مايعطي صورة واضحة عن عدم وجود مقاومة للتنظيم في الداخل السوري وبقاء عاصمته الرقة بمنأى عن أي تهديد حقيقي وهو ماسيزيد من طول المدة الزمنية قبل امكانية الحديث فعلا عن انهاء لوجوده مع تأثير ذلك حتما على مجريات العمليات العسكرية في العراق وهنا تحضرني وبشدة مقولة قد يكون لها نوع من الوجاهة منسوبة للدكتور دريد الأسد (الفرد الوحيد من عائلة رفعت الأسد الذي ظل مواليا لنظام دمشق) والتي قال فيها ( ان طريقة عمل التحالف الدولي ستجعل من تحرير العراق وسوريا من داعش ممكنا بحلول العام 2061 !!!) وهو تعليق على مايحتويه من روح الدعابة الا انه يشير وبوضوح لمابات معروفا للجميع وهو ان هناك أجندات سياسية خفية تتحكم بطريقة الاداء العسكري لطيران التحالف الدولي تستهدف أساسا فرض واقع تقسيمي سياسي واداري و جغرافي معين في كلا من العراق وسوريا يتم الاتفاق عليه وتمريره قبل أن يتم القضاء على التنظيم الذي سيكون حينئذ كمن استنفذ المهمة التي أوجد من أجلها ، وهو مايفسرتوالي التصريحات الامريكية بضرورة تواجد عسكري بري (سيسهم حتما في تعقيد الوضع الداخلي العراقي المعقد أصلا) ناهيك عن الحاجة ل 3 سنوات لاتمام مهمة القضاء على تنظيم الدولة !!! في حين احتاج الجيش الامريكي 3 أسابيع فقط لاسقاط النظام السابق الذي حكم العراق لمدة 35 سنة وكان امتدادا لدولة حقيقية قائمة منذ عام 1921 لا مجرد مجاميع مسلحة متنقلة هي أقرب لقطاع الطرق والعصابات !!!

لا زال أمامنا الكثير من الوقت وعلينا دفع المزيد من التضحيات لحين التخلص من هذا التنظيم الذي أدخلنا في نفق مظلم يحتاج الخروج منه بأقل الخسائر لمعجزة حقيقية تتوافر فيها عوامل الارادة والوحدة الوطنية وتقديم المصلحة العليا والدهاء السياسي الغير متوفرة في أجندات من يحكم اليوم في بغداد ودمشق .

خلاصة القول ان كابوس داعش سيزول يوما ولكن أوطاننا مابعده لن تكون وردية كما نتمنى .. في ظل تواصل الاستبداد الداخلي والتطرف الديني والتأمر الخارجي .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب