كثيرةٌ هي الأخطاء التاريخية في بلدٍ حافل بالتناقضات كعراق ما بعد ٣٠٠٣ بنسخته الإيرانية ، وهي أخطاء متعمدة تعود بالفائدة على الجهة التي تحتل العراق وبالويلات على الشعب الخاضع للإحتلال .
وهذه الأخطاء رغم كونها بمجملها (كارثية) زادت هذا البلد بؤساً على بؤس ، إلا أنها بطبيعة الحال تتفاوت فيما بينها في مقدار الضرر الذي سببته وما تخلفه من آثار مستقبلية سيئة سياسياً وأمنياً واجتماعياً ، فعلى سبيل المثال تنصيب بيان جبر صولاغ وزيراً للداخلية في حكومة العميل ابراهيم الجعفري كان سبباً في مجازر ٢٠٠٦ و ٢٠٠٧ ، وتنصيب نوري المالكي رئيساً للوزراء في ٢٠١٠ جرّ الويلات الى العراق ، أما تعيين محمد مهدي البياتي وزيراً لحقوق الإنسان فهذه هي الطامة الكبرى بكل المقاييس .
حقوق الإنسان منتهكة في العراق الى أقصى الدرجات ، من السجون السرية الى التعذيب والاغتصاب والتشويه والخطف والقتل بطرق وحشية ، كل هذه الجرائم ترتكب ضمن إطار الدولة وتندرج تحت مسمى (إرهاب الدولة) ، وهي لاتقارن بجرائم الميليشيات المدعومة من الجارة إيران ، فالميليشيات التي تسرح وتمرح في العراق والتي اجتمعت كلها أخيراً تحت خيمة (الحشد الشيعي) عبارة عن حكومة ظِلّ لها قوانينها ومحاكمها وغرف التعذيب الخاصة بها وأماكن للإعدام ، وتمتلك مقابر للضحايا المخطوفين أيضاً .
ورغم كل هذه الإنتهاكات لحقوق الإنسان في العراق والتي ترتكب بمباركة من النظام الإيراني يتم تسليم وزارة حقوق الإنسان للمدعو محمد مهدي البياتي الذي يعبد الولي الفقيه الإيراني ويعبد حتى كنّاس الشوارع في طهران ويعبد بسطال اصغر جندي في الحرس الثوري الإيراني !!
آخر إبداعات البياتي كانت مسرحية إيرانية استهدف بها المعارضين الإيرانيين في مخيم ليبرتي ببغداد ، إذ قام الوزير بتحشيد عناصر من مخابرات النظام الإيراني بحجة انهم (عوائل لهم أقرباء داخل مخيم ليبرتي ومنظمة مجاهدي خلق المعارضة تمنعهم من اللقاء بأقربائهم) !!!!! أي أحمق سيصدق هكذا أكذوبة؟! وأي جاهل ستنطلي عليه مثل هكذا مسرحية ساذجة؟! البياتي يبدو من خلال هذه المسرحية يتزلف ويسترضي النظام الإيراني دون أي خجل ، وكأن الانبطاح لهذا النظام الإرهابي بات مدعاة للفخر .
وطالما ان مجاهدي خلق من أشد أعداء نظام الملالي الذي يخشاهم كما يخشى الموت ، فإن أي عميل يسعى للتمسح بأحذية الملالي والتقرب منهم لابد أن يثبت ولاءه وعمالته من خلال مهاجمة مجاهدي خلق ، والوزير محمد مهدي البياتي لابد له أن يكون أول من يبادر في هذا المجال ! وبناءً على ما تقدم ، نحن لانعتب على البياتي ، فالرجل ليس عراقياً بالأساس ولا علاقة تربطه بالعراق لامن قريب ولا من بعيد ، فالرجل إيراني أكثر صولاغ ومخلص للخامنئي أكثر من قاسم سليماني ، لكننا نعتب على بعض وسائل الاعلام العراقية التي نشرت خبراً عن هذه المسرحية وشاركت في الترويج لها ، كالوكالة الوطنية العراقية للانباء (نينا) التي يديرها نقيب الصحفيين وعاشق نوري المالكي سابقاً مؤيد اللامي ، ومؤسسة المدى وبعض الوكالات ، فهل تسببت الأزمة المالية في جعلهم يقبضون الثمن من المخابرات الإيرانية؟! أم ان هناك اعتبارات او ضغوطات جعلتهم يرتمون في احضان ملالي ايران؟!
مهما كانت تبريراتهم فإنهم قد وضعوا أنفسهم تحت طائلة المساءلة القانونية بتهمة جنائية هي التحريض على القتل ، فاللعبة التي لعبها الوزير البياتي ليست إلا تمهيد لإبادة سكان ليبرتي ، والترويج لمثل هكذا أخبار ونشاطات انما هو تحريض مباشر على القتل .
كان الأجدر بوسائل الإعلام ان تترفع عن نشر مثل هكذا أخبار لنشاطات مشبوهة تقف وراءها الإطلاعات الإيرانية ، لأن الترويج لنشاطات العملاء هو اشتراك مفضوح في العمالة ، والشعوب غداً ستحاسب كل الخونة والعملاء .