ان تعي ما حولك شيء جميل وقبل ذلك ان تعي ذاتك وذلك اجمل , فالثانية ان حصلت (وعي الذات) فانها تمثل الطريق الانسب لوعي ما حولك من مجتمع وعالم ونظريات وفلسفات وسياسات تؤثر في صيغ بناء الحياة عموما واذا ما اردنا هنا ان نعمل اقتفاء اثر صغير لتطور الوعي الانساني نجد ان ارباب الاختصاص ربطوه بمقولة التراكم المعرفي والذي ينطوي على شقين في حركته , الاول التلاقح المعرفي الافقي (التواصل المكاني) بين الشعوب في حضارتها وهذا ما نراه اليوم على اوجه من ان العالم يتجاذب فيما بينه ويتمازج ويؤثر ويتاثر حضاريا , فنجد المنتج الالكتروني على سبيل المثال لا الحصر ينتشر بين الثقافات والحضارات في كل انحاء العالم انتشار النار بالهشيم كما يعبر , وهذا نتيجة للتواصل المكاني بين الشعوب والحضارات , والشق الثاني الاضافات المعرفية او التواصل العمودي (التواصل الزماني) بين الاجيال من خلال تمتع واستثمار الاحفاد ما تركه وانتجه الاجداد والاضافة اليه ايجابا او سلبا في كثير من الاحيان عبر منظومة الفهم المتحصل لديهم للمنتج الواصل اليهم عبر قنوات الزمن , والسؤال الكبير هنا هل نعي ذواتنا وبما يتلائم مع التطور الواضح الذي القى بظلاله على كافة مناحي الحياة , ام ان الذات التي نحملها اليوم في مجتمعنا الاسلامي ما زالت عصية على الفهم والوعي رمادية الهوية والملامح , فاذا قلنا بأنا نعي ذواتنا نجد ان الواقع يشير الى عكس ذلك وهذا يفرض نفسه عبر وجود القطيعة بيننا وبين المحيط بيننا وبين الاخرين بيننا وبين ما نمتلك من تراث اسلافنا باختلاف حيثياته حيث اسانا توظيفه بشكل ايجابي وبيننا وبين الرؤيا والاستشراف المستقبلي للقادم من الايام واذا قلنا بأنا لا نعي ذواتنا فما هو السبيل الى خلق هذا الوعي , هل من خلال اجراء تغيير واسع في فهم متبنياتنا او من خلال اعادة فهمنا للمقدس والذي له الحظوة الكبرى في وعينا بذاتنا او من خلال ايجاد قراءات جديدة للقناعات المسبقة والثابتة في الذاكرة او البحث عن معايير تكون بالغة الاثر في النسق الاجتماعي الذي نعيش فيه ونحن جزء منه , وهنا لا اعتقد بل اجزم باننا نعيش ازمة وعي وللخلاص منها علينا الاجابة على كافة الاستفهامات الواردة في السطور اعلاه .