23 ديسمبر، 2024 1:32 ص

هل نصلح لقيادة الأوطان ؟ !

هل نصلح لقيادة الأوطان ؟ !

عنوان قد يعتبره البعض غريبا ، وعند البعض مستفـِزا ، خصوصا لدي البقية الباقية من المتحمسين ، كون أن الحماسة السياسية قد انحسرت لدينا بسبب الخيبات الهائلة التي جنيناها من تعاطي هذا الموضوع ، رغم اني لا أكتمكم سرا ، انها أخر ما تبقى لدينا ، انه الكلام وادعاء المثالية في كل مجالسنا ، رغم علمنا ، اننا ابعد ما نكون عنها ، فكل يرفع عقيرته ، ويدلو بدلوه في النقاشات الخاصة .
كل ينفي التشدد ويدّعي نفوره منه ، وتدور الدائرة ويستمر الحديث فيكمل دورته المفرغة ، ليقع في فخ التشدد ، والأفكار الراديكالية التي يراها الحل الوحيد لأمراض قيادة البلد ، البعض يتبنى أفكارا غير واقعية  انطلاقا من مبدأ (خالف تُعرف) .
موظفنا كسول ، وغير جدير بالأمانة ، وسيء الظن بالمُراجع ، يعدّ ساعات عمله ليخرج من (سجن) عمله ، ينتهز اية فرصة ليحصل على المال (خارج اطار الواجب) طبعا ، وقد تأصل الفساد في عقليته ، حتى صار مرضا لا يمكن استئصاله الا بأستئصال الموظف نفسه ، والقليل القليل من الموظفين النزيهين ، والذين يكدّون بصدق ، لأعطاء راتبه حقه ، والذي يعطي الأمانة حقها ، والذي لا يرضى بممارسات زملائه الكُثر ، تجده محط نفاق ، وحسد ، فيُنبذ وتحاك حوله المؤامرات ، فيجثته مديره ، الفاسد أصلا ، لأزاحته عن طريقه ، كونه يشكّل عقبة ، الى درجة أنه قد يتعرّض للتصفية ، هكذا يغيب القط ، أو بالأحرى (يُغَيّب) ، لتصير الدائرة ، ملعبا للفأر ويعم الطاعون !…
نظرية المؤامرة هي شغلنا الشاغل في كل شيء ، وهذا يدل على الوعي المتدني في استقراء الواقع ، للفرار أخلاقيا من وضع مزر جميعنا نتقزز منه ، رغم اننا جميعا من مسببيه  ، وحتى لو سلّمنا بتلك النظرية ، فهذا لا يعفينا من تدمير البلد دمارا شاملا ، لنعزو ذلك الى ايادٍ خارجية ! ، بحجة ان غيرنا من يتحكم فينا ، فما دور سياسيونا اذن ؟ أليس من أولى واجباتهم ، تكريس ما يسمى بالسيادة الوطنية ، التي صارت خرافة ، يستحق من يدّعيها ، ان نلقمه بحجر !.
يقول المفكّر الكبير د. علي الوردي (لو خًيّر شبابُنا بين نظام ديني وأخر علماني ، فسيختارون دون تردد النظام الديني ، ليهاجروا الى بلاد الكفار العلمانية ، بحثا عن الحرّية) !.
الكثير يتسائل عن توقيت هجرة الشباب ويعتبرها مؤامرة من الغرب ، وأن الهجرة هزيمة وفرار من الزحف ، لكنه لا يحاسب السياسي الذي سبب هذه الهجرة ، السياسي الذي لا يلتفت أصلا لمعاناة ابناء جلدته ومن المحسوبين عليه ، تلك المعاناة التي ابكت العدو قبل الصديق ، لأنه أهمل واجبه في احتوائهم  بسبق الأصرار والترصد ، فمن الملوم ؟ ممارسات السياسي الفاسد والقذر في اهمال الشباب حتى (طفشوا) من البلد ، أم الماكنة الرأسمالية البعيدة جغرافيا ؟!.
أي انتاج ، هذا الذي قدمناه لخدمة البشرية ؟ ، هذا ينطبق على كل البلاد العربية ، سوى حماقاتنا وعدم طاقة بعضنا لبعض ، وتناحرنا ، وهجراتنا ، وتقاتلنا ، ثم تطل نظرية المؤامرة برأسها من جديد ، فهي التبرير الجاهز دوما ، من أن الغرب والدول الفلانية هي التي اذكت هذه الحروب والهجرات ، وأسالكم ، كيف لا ، وهي ترانا حمقى خانعين يسهل استغفالنا ، بقيادات اما دكتاتورية ، شغلها الشاغل ان تتربع على الكرسي ، حتى لو استحال الوطن ترابا !، أو ضعيفة ومنحازة ومنقسمة ،  وشعوب غير واعية ، أساءت فهم الحرية ، لأننا حديثو عهد بها ، رغم ثراء تراثنا الدموي بهذا المفهوم ، شعوب همها التكاثر كالفيروسات حتى صارت عبئا على العالم ، وطبعنا ان نستجير بالنار من الرمضاء ، فتستيقظ انسانيتنا ، على شكل مطالبة بالدعم والتدخل والعون من عين تلك الدول ، لفظ نزاعاتنا بسبب أهتراء أفكارنا ، واستيعاب مهاجرينا بسبب فشل سياسيينا ، وارسال الدواء للقضاء على أوبئتنا التي خلفتها وساختنا ، والطعام بسبب كسلنا وسوء اداراتنا ، متناسين القول المأثور (كيفما تكونوا ، يولّ عليكم) و (المؤمن لا يلدغ من جحرٍ مرتين) لكنا عُضضنا عشرات المرات ، هذه ليست معادلة صعبة تُـقِرّ اننا ضعيفو ايمان.