09/08/2013
قراءات: 839
نحن الذين نُكنى ونُوصف ( بالشعب الذي يعيش في أغنى دولة ، ولكنه يعتبر أفقر شعب ) .. أليس من حقنا أن نطرح التساؤلات تلو التساؤلات, وواحد من تلك هو : ماذا جنينا وماذا إستفدنا من مجالس النواب طوال العشر سنوات الماضية ؟ . وماذا سنخسر لو لم يكن لدينا أساساَ مجلسا للنواب ؟ .دعونا نحصي عدد الساعات ، التي داومها أعضاء هذا المجلس في الأشهر الفائتة لكي لا نغبن أتعابهم :
74 ساعة فقط هو دوام مجلس النواب خلال ستة اشهر.
والآن سأدعوكم للعودة الى الماضي قليلا .. لنتذكر (المرحلة الأستثنائية) و أعني بها الأربع سنوات التي تلت الحكم الملكي في وطننا ، كيف أنه تم فيها إنشاء الكثير من المشاريع التنموية والبنى التحتية التي لم يعرفها العراق من قبل ، حيث تم بناء عددا من المدارس في تلك الفترة يساوي ما بناه الحكم الملكي بمدة 30 عاما ، وكثيرا من المجمعات السكنية والمستشفيات والجامعات وغيرها من المشاريع العمرانية ، إضافة الى تشريع أحسن القوانين المتقدمة التي تخص المجتمع المدني ، في ظرف كان العراق فيه محاصرا من كل بلدان الجوار ، إضافة الى ضغوط القوى العظمى التي شعرت بخطورة مواقعها بعد سن القانون رقم 80 الذي يخص النفط العراقي ، وكانت كل هذه القوى قد وقفت بكل ثقلها لتعادي توجهات العراق التنموية ، برغم كل ذلك كان الدينار العراقي من أقوى العملات قي العالم ، متفوقا على عملات الدول المتقدمة صناعيا كالأسترليني والمارك والين والفرنك ..وغيرها ..كل ذلك حدث ولم يكن لنا مجلسا للنواب . حيث كانت الدولة تعتمد على اللجان الأستشارية الوطنية ذات الخبرة العالية ، وعلى وزراء متخصصين ، متحصنين بخبراتهم في مجالات إختصاصهم ، وكانوا يمثلون كل نسيج الشعب العراقي ، ولم نسمع ولم نعرف آنذاك لا فسادا ماليا أو إداريا .” نعم كل ذلك تم تشخيصه في تلك الفترة التي لم يكن لنا فيها مجلسا للنواب “.
منذ العصور القديمة ، كان هناك مجتمعات قبلية ، وكان هناك مجالس وزعماء وأسياد للقرارات داخل القبيلة
• ·وكان في بلاد الرافدين حكومة ديموقراطية بدائية ، وكان يتم تقييم الملوك من قبل المجلس ، و كان الشئ نفسه في الهند القديمة .
• ·أول برلمان تم تأسيسه كان في أسبانيا في مملكة ليون في عام 1118.
• ·تم استخدام مصطلح برلمان لأول مرة في الممكلة المتحدة في عام 1236 ، وقد كان في السابق يكون هناك مجموعة من المستشارين المقربين من الملك
• ·كلمة برلمان أصلها من كلمة “parler” الفرنسية وهى تعنى النقاش والحوار
والبرلمان . ويتكون من مجموعة من الأفراد يطلق عليهم اسم النواب أو الممثلين. ويكون إلتحاقهم بالبرلمان عن طريق الانتخاب والاقتراع العام باستخدام الأساليب الديمقراطية. ويتم اختيارهم بواسطة المواطنين في الشعب المسجلين على اللوائح الانتخابية في عملية انتخاب أو اقتراع عام سري ومباشر.
ويكون للبرلمان السلطة الكاملة فيما يتعلق باصدار التشريعات والقوانين، أو إلغائها والتصديق على الاتفاقات الدولية والخارجية التي يبرمها ممثلو السلطة التنفيذية.
ويطلق على البرلمان تسميات مختلفة حسب كل دولة مثل “مجلس النواب” – “المجلس التشريعي” – “مجلس الشعب” – “مجلس الأمة” أو الجمعية الوطنية، أو “المؤتمر العام الوطنى”
والبرلمان له ثلاث مهام هى التشريع والرقابة على أعمال الحكومة وتمثيل الشعب أمام الحكومة
أتمنى أن أكون هادئا لأنقاش هذه المهام الثلاث ، باحثا عن الأنجازات الملموسة التي تمت بالعشر سنوات الماضية ، محاولا أن أبتعد عن اللعنات التي إزدادت عندي في الفترة الأخيرة على المحتلين ، وما خلفوه لنا من دمار مادي ومعنوي أرجعنا الى العصور الحجرية ، حتى صرنا نسمع كل يوم وسط الظلمات العقلية التي تشج القلب : ( مئة قتيل في العراق ، وثلاثة شهداء في بلدنا المحتل فلسطين) فصار حلمنا الذي تدمع له عيوننا أن يتحول هذا المستنقع الدموي الذي يسمى العراق ، الى مكان آمن نستطيع أن نعيش عليه على الأقل بلا خوف . في الوقت الذي لا تتوقف فيه المشاهد الهزلية التي تعرضها علينا القنوات التلفزيونية منقولة من جلسات مجلس نوابنا ، لنرى أحدهم قد زعل وإنسحب ، والآخر قاطع و لم يحضر من مدة طويلة لأنه لا يتفق مع توجهات السلطة أو مع مجريات الأمور (لكنه لا يتنازل عن مرتباته ، ومخصصات حمايته، وهو جالس إما في عمان أو بيروت أو لندن أو .. أو).
ولكني قبل أن أعود لمناقشة المهام الثلاث للبرلمانات في العالم ( التشريع , والرقابة، وتمثيل الشعب ) ، أود أن أضع بعض الأرقام أمام أعين القارئ الكريم ، على وجه المقارنة :
• · نشر الأستاذ شمخي جبر على الفيس بوك بتاريخ 29/7/2013 معلومات مهمة ،مفادها : إن ما صرف (كرواتب تقاعدية ) ، خلال السنوات الثماني الماضية لأعضاء المجالس التشريعية (الأتحادية ، والمحلية ،هو أكثر من 654.290 مليار دينار .
• · تجاوزت رواتب النواب والوزراء و أعضاء الحكومات المحلية (117) مليار دينار سنويا .
• · ونحن نعرف بأن الثروات الطائلة التي تجمعت لدى أكثرية هؤلاء النواب والوزراء ، تدر أرباحا سنوية هائلة من العقارات والمقاولات والحسابات المصرفية ، والتي أكثرها تدار في خارج العراق .
و للمقارنة البسيطة سأعطيكم بعض الأرقام للناتج الداخلي الخام لبعض الدول ….. و لكم واسع النظر:
– الاوروغواي 13 مليار دولار.
– كرواتيا 32 مليار دولار.
– نيجيريا 71 مليار دولار.
– ايران 161 مليار دولار.
– البرتغال 167 مليار دولار.
– الدنمارك 241 مليار دولار.
– الارجنتين 152 مليار دولار.
وإذا عرفنا بأن بناء أعلى برج في العالم ، وهو برج خليفة الدولي في دبي الذي بلغ إرتفاعه (828) مترا ، ويضم (1044) شقة سكنية الى جانب المكاتب و المرافق الخدمية و المنشآت المختلفة ، ومرآب السيارات ، ويعمل ويقيم فيه بحدود ( 1200) شخص ، ويتألف من (200) طابق ، وبالإمكان رؤية قمته من مسافة (95) كم، كلف فقط مليارا ونصف المليار دولار.
لنتصور أننا بهذه المبالغ المهدورة ، كان يمكن لنا أن نبني أكثر من 400 برجا مماثلا ، لنجعل العراق يدخل العراق مجموعة غينس للأرقام القياسية بعدد الأبراج الخرافية ، كم من الملايين من العاطلين عن العمل ،كان يمكن أن تستوعبهم مثل هذه المشاريع .. وكم شبكة كهربائية عملاقة كان يمكن للعراق أن يقيمها ، قادرة ربما على إنارة الشرق الأوسط كله .
والآن أعود الى المهام الثلاث لمجلس النواب الموقر أسأل أي التشريعات المهمة التي سنها ؟ ومن المعلوم لدينا بأن هذا المجلس كان يكلف من بين أعضاءه لجانا إستشارية ، لتقدم مسودات القوانين ، وهؤلاء الأعضاء عادة ما يكونون من الكتل النيابية الفائزة ( وسؤالي هنا ألا يمتلك العراق من الخبراء والأستشارين من المستقلين والذين تعترف بخبرتهم و قدراتهم دولا كثير ، ويمكن للسلطة أن تكلفهم مؤقتا، بإعداد وسن القوانين ، لقاء مبالغ مقبولة ومتعارف عليها عالميا ، ودون أن نحتاج الى تحمل أعباء الرواتب التقاعدية لهم ؟؟؟
والآن نعود الى المهمة الثانية والمهمة ، ألا وهي الرقابة ، فعندما نعلم بأن لجنة النزاهة النيابية كشفت ( وفق مصادر صحفية ) عن أن حجم الأموال العراقية (المتواضعة ) التي (هُربت)الى خارج العراق منذ(2003) يصل الى (130) ملياردولار ( وهذا المبلغ يساوي كلفة 186 برجا مشابها لبرج خليفة الدولي) ، رافق ذلك هروب (37) مسؤولا مهما ، منهم شلاثة وزراء وتسعة مديرين عامين . وفي وقت أعلنت الأمم المتحدة في حزيران الماضي ، أن نسب الفساد الأداري في العراق في (تزايد مستمر) ، م}كدة أن نحو 60% من موظفي الخدمة المدنية في العراق ” هم من مستلمي الرشاوي” ، فيما أكدت أن نسب الفساد في بغداد أعلى منها في في بقية المحافظات .. فوفق هذه المعلومات المؤكدة والدقيقة ، أود أن أطرح السؤال : هل إستطاعت الرقابة النيابة أن تؤدي دورها وبفاعلية مؤشرة ؟؟؟
وأما المهمة الثالثة ،وهي تمثيل الشعب أمام الحكومة ، فما عادت هذه الذريعة الكبرى التي يتمسك بها هؤلاء النواب قائمة ، ولأن الثورة الرقمية قد فتحت آفاقا أرحب أمام المواطنين ، ليوصلوا رأيهم مباشرة ، ومن خلال الأنترنيت الى أصحاب القرار ، إن كانوا الآخرين جادين لسماع شكاوي ومطالب الناس، في مثل الظروف لبتي نشخصها ونعيشها اليوم لسنا بحاجة الى هذا الوسيط التقليدي بل يمكن الأستعاضة عنه بالوسيط الألكتروني ، هذه العملية لا تحتاج أكثر من تشغيل 1000 متخخصص في الأتصالات أو في علوم الحاسبات في الوزارات والمديريات العامة المهمة ( وبمرتبات إعتيادية ، وفق السلم الوظيفي ) .و لأني لم أجد أحدا من هؤلاء المنتخبين قد فكر بأن يمثل مطالب الشعب المسكين ، الذي يعيش نصفه تحت خط الفقر ، فليس لدي من تعليق .. للقارئ الحصيف مفضلا أن أقدم إعتذاري عن الإستفاضة في هذا الصدد ، لأني لا أريد أن أُسيئ أليه ، وأتهمه ، بأنه مغفلا ، ولا يرى ما يجري أمامه من تجاهل لكل همومه وإحتياجاته اليومية البسيطة .
والله لو قدموا لنا إنجازا واحدا يعادل 1/1000000 من الأموال المصروفة عليهم لرضينا ، وحمدنا الله على ذلك ، ولكن أين ومتى ..
وقبل أن تقع الكارثة المفاجئة و التي بالتأكيد ستكون خارج السيطرة وتهدد الحياة ، وهي حدث يفوق التصور البشري والتجربة الأنسانية
وتلافيا لكل ذلك ، لابد لنا من إيقاف هذه المهزلة الكبيرة المفتعلة ، التي لسنا بحاجة إليها على الأقل في هذه الفترة من تاريخ مجتمعنا المتورط بعشرات ومئات المحن . ليس عيبا أن نبقى بدون برلمان لمدة أربع سنوات ، وحتى تتأسس بشكل تدريجي لدى شعبنا مفاهيم وعادات ممارسة الديمقراطية ، ولكن العيب هو أن نمارس شكليات لا نفهمها ، قد توصلنا الى التيقن من أن الوطن ليس آمن ، وغير عادل ، ومن ألصعوبة توقع أي شئ جيد سيحدث فيه غير الكارثة .