23 ديسمبر، 2024 5:36 ص

هل نخرج من عنق الزجاجة.. لنرمي أنفسنا في الطوفان

هل نخرج من عنق الزجاجة.. لنرمي أنفسنا في الطوفان

ما بالكم أيها العراقيون.. هل نسعى لإخراج أنفسنا من عنق الزجاجة.. لنرميها في طوفان الفساد.. والقتلة؟.. أحقاً أنا استمع كل هذه الصراخ.. من أجل أن يقول لي من يعتقد انه يفهم.. ليطالب بانقلاب.. ورجل قائد.
من هذا الرجل؟ وكيف؟ هل انتم اخترتموه؟.. أم يذيع علينا بياناً منمقاً.. قائد يخطب لا نعرفه أو حتى نعرفه.. وشعب يصفق.. يصفق لكلمات رنانة وواعدة.. بلا ضمان!!
يا سادة: البنى التحتية تدمر.. وتعاد بهمة الرجال والشباب والنساء من أبناء العراق الحقيقيين.. وليس بعراق النفاق.. وسراق المال العام!!.. أو ممن يدعي انه الرجل الهمام.
مرت كثير من الأوطان والشعوب في حروب ومحن وحصار اقتصادي.. وخرجت منها.. وأعادت عافيتها.. من بناء وإنشاء وتعمير وازدهار.. ليس في القائد.. بل بقوة وذهنية كل الشعب.
إلا العراق.. لم يتعافى ولَم يعد سالماً أو قادراً على التعافي.. رغم الثروة الكبيرة التي منحها الله له.. بعد انتهاء الحصار.. وانتهاء نظام دكتاتوري دموي جثم على الصدور لمدة أربعين سنة.. والسبب هو تحطم البنية التحتية.
البنية التحية السالمة هي أساس أي مجتمع متحضر ومتقدم.. وانهيار هذه البنية التحتية.. هو انهيار لأخلاق وقيم المجتمع.. وعندما تتحطم وتنهار الأخلاق والقيم.. لا يبقى موضوع لنكتب فيه أو نعلق به.
الصديق مأمون ألدليمي.. اختصر لنا الطرق بحقائق على الأرض.. ومن واقع مؤلم.. فيقول: “زرت مؤخراً كوبا.. وهي تحت حصار اقتصادي قاسي بحري..وجوي.. وبري.. لمدة 60 عاماً.. المباني لم تصان منذ 60 عاماً.. السيارات نفسها منذ 60 عاماً.. وهذا الحال مع كل شيء في كوبا.. إلا إن البنية التحتية سالمة.. بلد مكافح وشعب مضحي ومتعاون مع بعض.. تسير في شوارع الفقراء بعد منتصف الليل بلا مشكلة.. اترك حقيبتك في أي مكان وعد بعد ساعات تجدها في مكانها.
لذلك تعمدً منْ في صالحه خراب العراق.. من تحطيم البنية التحتية.. ومعها تم إنجاز الهدف في تحطيم القيم والأخلاق.. وهذا اخطر أنواع الحروب.. وآثاره اكبر من قنبلة نووية”. انتهى كلام الصديق مأمون ألدليمي…….
أقول.. وأقول.. وأقول: نحن ألان يا سادة على أعتاب عشرينيات الألفية الثالثة.. طفل ألنت اليوم لم يعد يسمع قصص البيبية.. أو الأم.. طفل اليوم يقدم كل دقيقة أفكاراً وخططاً.. ويناقش الآباء.. بعلمية.. وعقلية تدهش الكبار.. فلم يعد العالم يتوقف على قائد فالكل قادة.. كلُ من موقعه.. وعمره.. وسعة تفكيره.
سادتي.. أين هذا القائد الذي يستطيع أن يقنع نخبة العراقيين والشعب .. أو أكثرية الشعب؟.
عبد الكريم قاسم على سبيل المثال في خمسينيات القرن الماضي لم يستطع بكل خطاباته اليومية..وانجازاته الكبيرة إقناع شباب الخمسينيات.. وخلال سنة واحدة من عمر الثورة استقال جميع وزراء الثورة.. ولم يبق منهم سوى وزيرين احدهم قدم استقالته ثلاثة مرات ولم تقبل.. وخلال السنة الأولى من الثورة.. لم يبق من الصف الأول من الضباط الأحرار في مواقع القيادة العسكرية للجيش أو المواقع المدنية.. فإما جالس في بيته.. أو محال على التقاعد..أو معتقل!!
ووصل عدد المعتقلين والسجناء السياسيين في عهد قاسم: من الشيوعيين والديمقراطيين والقوميين والبعثيين والأكراد أكثر من 26 ألف !! كل قيادات الأحزاب الوطنية والقومية في السجون.. والكثير من الضباط الأحرار في المعتقلات.. أو محالين على التقاعد.. أو أعدموا.. فعمت الفوضى الشارع العراقي.
علي صالح السعدي يقود البعث بكل بدمويته وعنجهيته وحرسه القومي.. الذي عاث في الأرض فساداً.. لم يستطع أن يقنع العراقيين العام 1963.. ولم يستطع إسكات المعارضة والرفض لنظامه.. ووصل عدد الذين أعدمهم أكثر من 3000.. والمعتقلين خلال فترة حكمه القصيرة أكثر من 150 ألف.. من الشيوعيين.. والقاسميين.. والعسكريين.. والقوميين.. والأكراد.. ولم يستطع أن يحقق الأمن في البلاد.. فسقط بتسعة أشهر غير مأسوف عليه!!
صدام حسين.. بكل جبرته الذي فاق فرعون.. عندما سمح لبعض مناقشيه.. ضاعت أفكاره.. وتوقف عن الموضوع الذي من اجله جمعهم.. كنتُ أنا أحد الحاضرين.. استغربتُ هذا الرجل سكت وينظر الى محدثيه.. وكأنهم يرمونه بقنابل من العلم.. وهو كأسير مشدود بالحبال يتلقى ضربات العلماء المدوية!!… ووصلت مقابره الجماعية لأكثر من 3000 مقبرة جماعية مكتشفة حتى الآن.
فكيف اليوم.. تريدون قائد.. وأي قائد هذا.. هل هو قيادي سياسي من أزبال ما طرحته قاذورات البشرية؟؟ أم ممن يتاجر بالدين ويسرقنا؟؟ أم ممن ناضل نضاله السياحي.. واشترته الدول المضيفة بدراهم معدودة.. ومتمسك بقوة بجنسيته الأجنبية.. يبيع العراق من اجلها.. أم عسكري قاتل داعش.. إلا انه لن يصلح قائداً لحزب.. فكيف يصلح أن يكون قائداً للشعب؟؟
الشيوعيون يا سادة.. أصحاب الفكر والنظرة السياسية كما يقال.. قادتهم اليوم لا يستطيعون بكل ما أوتوا من إقناع قواعدهم غير القانعة بتحالفهم.. على الرغم من إن التفكير الهادئ والمعمق قد قد يعطيهم جزءً صغيراً من حق التحالف.
أي قائد يا سادة.. يستطيع إدارة دولة في عشرينيات الألفية الثالثة “2020”.. اليوم يا سادة أي بلد يحتاج الى جيش من المفكرين والاقتصاديين والتكنوقراط كل في اختصاصه.. وكلهم قادة!!
نحن يا سادة.. بحاجة لفرز أعداء العراق.. من طائفيين ..وسراق.. وقتلة.. وتجار دين.. ونقول لهم: أنتم “أعداء العراق”.. ولا ننتخبهم.. ولا نصفق لهم.. ولانردد أمامه .. “علي وياك علي”.. وعلي بريء منه الى يوم الدين.
نحن يا سادة بحاجة لحزب جماهيري حقيقي يولد من معناتنا.. وليس نؤسسه لانتخابات.. بقيادة شابة معروفة ونزيهة.. وفكر علمي وواقعي.. وبرنامج عراقي لأمة عراقية.. وليس لمكون..أو طائفة.. ننقذ البلاد والشعب.. وننقذ ثرواتنا.. وبغير ذلك.. نحن في الطوفان.