باتت أرواح العراقيين حائرة، تبحث عن ضوء يلملم شملها، بعد أن نال الإرهاب والفساد منهم، وهاهم بعض ساستنا، مازالوا يتنقلون بين جيوب العمالة، مثل قطعة النقود بوجهين، ويشعر بالسعادة حين يقضي عمره متنقلاً دون حياء، وأما الوطن والمواطنة، ليس أكثر من كلمات نقرأها في كتاب الإجتماعيات، والتربية الوطنية فقط.
تهميش الحريات، وإحباط القيم العليا، وإشاعة الابتذال، ونشر سياسات مناهضة للعدالة، والمطالبة الدائمة بالكرامة المسلوبة، والسير بطريق التطرف والعصبية، أنها إرهاصات تساعد على فشل معنوياتنا، رغم إنتصاراتنا الكبيرة، وتقلل من تحملنا للمسؤوليات الملقاة على عاتقنا، ما بعد الإنتصار، لذا من الضروري وضع الأسس الصحيحة، في صناعة القرار، بمستقبل البلد دون تعصب أو طائفية.
إن أزمة الوعي وعدم الإخلاص، والهروب من المسؤولية، أصبحت قيماً شائعة بين أفراد بعض مجتمعنا، فنجد أن الأفعال لا تطابق الأقوال، وهذه من أشد الأزمات التي تعصف بأحوالنا، فالحضارة، والحرية، والديمقراطية، والانسياق وراء التطور الزائف، والغطاء المتشدق بحقوق الإنسان، أمور كلها جعلت العراق يعيش حالة من الخوف والإرتباك، وإن الخطر الأكبر الذي يهدد بلدنا الآن، هو محاولات محو ثقافتنا الدينية والوطنية تحت ذرائع شتى.
الإهمال واللامبالاة هما من مخلفات الجهل والإستبداد، وكان لهما تأثيرٌ عميق في مجتمعنا، وبين أزمنة نتقلب فيها ذات اليمين وذات الشمال، تستيقظ حكايات الإنتقام حين تروي صراعا داميا، لا هوادة ولا استكانة فيها، متناسين بأن بضع كلمات قد تكون بلسما للجراح، لتختصر الكثير من المواقف، وتعطي دروسا عظيمة بكلمات قليلة، وحينها نضع الساعد فوق الساعد، وننفض غبار الطائفية والعداوة، إمتثالاً لتعاليم ديننا الحنيف.
إننا جميعاً سنبقى مشاريع ناقصة لا تكتمل، ما لم نتحد ونتوحد من أجل العراق، فهو كبير بما يكفي، ليكون لنا جميعاً بتنوعاتنا وتقاطعاتنا المقبولة، وغير المقبولة، وإن كان العراق قد أستبيح ثلثه في ليلة ظلماء، بسبب دهاليز السياسة؛ فلابد من إعادة جسور البناء والثقة، بعنوان أكبر وأعمق وأصدق، كما أن مشكلتنا اليوم باتت أزمة هوية، لذا لا يوجد عنوان اكبر من مستقبل العراق، ليحتوينا بكل المكونات، والقوميات، والأديان، والمذاهب، والطوائف.
ختاماً: يوجد أناس لهم مواقف أصيلة، سيذكرها التاريخ بأحرف من نور، وأيضاً هناك أناس لا يملكون إي موقف، وتجدهم لا يسمعون ولا يقرؤون، والكثير لا يريد أن يتحمل المسؤولية، متناسين أن مقومات النجاح، تبدأ بتحرير العقل من كل أنواع الجهل بمسمياته الزائفة، فنحن شعب لا يستلذ بغضب الخالق.