23 ديسمبر، 2024 6:24 ص

هل نحن دولة مؤسسات؟

هل نحن دولة مؤسسات؟

“دولة مؤسسات”.. مصطلح لطالما ردده النقاد في كتاباتهم، والباحثون في دراساتهم، والمصلحون في خطبهم وعلى أرض واقعهم، وهم جميعا لايعنون فيما هم ماضون فيه غير نظام يحمي البلاد من هفوات الشخصيات القيادية وأخطائهم، وقطعا تندرج هذه الهفوات والأخطاء تحت طائلات عدة، فمنها السهو، ومنها الإهمال، ومنها التهاون، ومنها التعمد، ومنها الخيانة. والأخيرة هذه لها تداعيات تتضاعف فيها السلبيات والتأثيرات السيئة على الفرد والمجتمع على حد سواء، إذ كما معلوم أن الخائن يبيع الأعراف والقيم والأخلاق والشرف جملة واحدة، وبذا فإنه يستبيح المحظور من التصرفات، ويحلل المحرمات، ويتجاوز كل الخطوط الحمر والصفر والخضر وباقي ألوان الطيف الشمسي، دون وازع يردعه أو خلق يرده عن غيه وسعيه وتماديه.
هنا في عراقنا -الجديد والقديم على حد سواء- لاأظن الحكومات التي تعاقبت على حكمه لاسيما منذ تولي حزب البعث زمام السلطة بشكل مباشر، قد فعلت ماتفعله الدول المتقدمة، ولا حتى النامية، بل ولا الفقيرة والمتأخرة أيضا، إذ لم يكن لمفردة “مؤسسة” حضور له احترام وتقدير بوجهة نظر الحكام، فكيف يكون الحال بمصطلح “دولة مؤسسات”؟ والحديث عن تسييس المؤسسات الثقافية والعلمية والاجتماعية والخدمية يطول ويعرض، وعلى وجه الخصوص في عراق مابعد 2003، وهو العام الذي تفتقت فيه قرائح السراق وقطاع الطرقات بما لايقف عند حد، وكيف يقف وخير البلاد وثرواتها “على قفا من يشيل”؟
ولو أردنا النظر إلى مفهوم المؤسسة أو التحقق من وجودها على نحو مصغر، فإن أقرب مثال لنا هو اللجان النيابية الدائمية في مجلس نوابنا، إذ أنها حلقة الوصل التي تربط المواطن، بممثليه في دولته، وهي التي تصطفي الصالح من القرارات وتنتقي المفيد من القوانين، فتحث النواب ورئيسهم على إقرارها، وبالمقابل فهي -اللجان النيابية- تبعد شبح الطالح من القوانين التي تتنافى مع مصلحة البلاد والعباد، وبهذا تكون اللجان النيابية -مجتمعة- دولة المؤسسات المرجوة التي يتحقق بأدائها ما يصبو اليه الشعب.
لكن، كما يقول مثلنا؛ “بعيد اللبن عن وجه مرزوك”..! فمنذ عام 2003 “عام السعد”، والحوارات والسجالات في موضوع اللجان النيابية على قدم وساق، من “لدن” رؤساء مجلس النواب الذين تعاقبوا على تولي منصب رئاسته، ولكن، لسوء حظ العراقيين لم يصل المجلس الى نتيجة مرضية تفي بالغرض المرسوم لهذه اللجان، وهذا الأمر من جملة الأمور التي دفعت العراقيين الى زاوية التظاهر، بل والانتفاض على واقعهم المرير الذي باتوا محصورين فيه بين فكي سوء التشريع ورداءة التنفيذ، علاوة على تهميش حقوقهم واستبعاد النظر في مصالحهم عند إقرار القوانين والقرارات على أيدي اللجان والبرلمان رؤساءً وأعضاءً. فالذي يجري تحت قبب مجالس البلد لايتعدى تقسيم الفوائد والأسهم والأرباح، بعد الجهود المبذولة في إحالة المشاريع والمقاولات الحقيقية منها والوهمية، لترسو في نهاية المطاف في جيوب ممثلي الشعب، في وقت تقف اللجان النيابية موقف المتفرج أحيانا، وأحيانا موقف المنبهر الذي لاحول له ولاقوة على رد المقدر والمقسوم، وفي أحايين أخرى كثيرة، يتبع موقفها مثلنا القائل؛ (ياهو الياخذ امي أگله عمي)..! فلجاننا النيابية إذن، هي بالمختصر المفيد (حديده عن الطنطل) وهي أيضا (لاتهش ولاتنش) كذلك ينطبق عليها المثل؛ (إن حضر لايعد وإن غاب لايفتقد).
[email protected]