23 ديسمبر، 2024 2:47 م

بداية أنى لست ناصح بار ولا شيخ جامع ولا فقيه او عالم ديني وانما رجل قانون اعتمرت في فكري كتابة هذا المقال بعد ان قرات حديث رسول الله (ص):
(لا يحقرن أحدكم نفسه. قالوا: يا رسول الله، كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أمرًا لله عليه فيه مقال، ثم لا يقول فيه، فيقول الله – عز وجل – له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس. فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى)) رواه ابن ماجه 2/252 بإسناد صحيح.
 اننا لو اردنا تطبيق مضمون مقال الرسول(ص) لأصبحنا غالبيتنا حقراء لأننا سكتنا عن أمور كثيرة كان يجب ان نفصح عنها عند حدوثها امامنا خشية من الناس لأجل الفوز بمكاسب مادية او تحقيق مصالح شخصية انية، اننا الان نعيش واقع اجتماعي متدني جدا وواقع مهني( فيما يخص المحامين) مأسوي وواقع سياسي مؤلم ويكاد يكون حديث الرسول الأعظم ثوب تم تفصيله على مقاس افعالنا التي جلها فيها سكوت عن حقوق الله وسكوت عن الحق وسكوت عن انصاف المظلوم لأجل الحفاظ على انفسنا ومصالحنا وجيوبنا ومكاسبنا سالمة معافية من كل اذى او ضرر وتركنا حتى ابسط الأمور التي تتحلى بها اغلب شعوب العالم  تركناه ونحن مسلمين وتحلى بها الأجانب وهم نصرانيين يتحلون بالضمير في كل شيء بعملهم ومعاملاتهم وتعاملاتهم ونحن اما سكتنا او ساهمنا او سرقنا بلدنا بأيدينا، وتعرض العراق ولا زال لأكبر عملية سرقة منظمة في تاريخه؛ بخاصة ان العراق سُرق ولا زال لمائة سنة قادمة، سياسيينا (وانتقلت العدوى للمحامين وغالبية المهن) فنانين في اطلاق  كلام وخطب وشعارات أقرب إلى الهلوسة منها الى السياسة او المهنة، برامج أصبحت مخيفة ومرعبة، كذب شديد، قسوة بالغة، تسخين للخواطر بتعمد، اجتراء على القانون، احتيال ونصب على الناس لأتفه الأسباب، استهانة بالحياة، انتهاك لحرمات الآخرين، لا عقل ولا قلب ولا ضمير.
تركنا الظالم ينهش بالمظلوم لأجل إرضاء رغباته كما فعلوا بي وبغيري عندما اتهمت بالإرهاب حيث تكالب اكثر المحامين على الطعن بي ونهشي بكل قسوة واتهامي بشتى الاتهامات والتنكر لكل حقوقي والعمل على سحقها بتعسف كبير وانا رئيس غرفتهم، وارتضوا ان يدوسُ على المظلوم ارضاءا للظالم ونصرة للجاني وسحقا للمجني عليه ورغم انفه، كل ذلك ارضاءا وتبركا وخنوعا لرغبات الجاني والظالم، اليس من قام بذلك ينطبق عليه حديث الرسول الأعظم لأنه لم يتكلم بالحق في امر لله فيه مقال، وسكت او ساهم او شارك في عدم نصرة المظلوم، والقاضي الذي يسكت عن الحق ولا يقوم بنصرة المظلوم أيضا ينطبق عليه حديث الرسول الأعظم، وينطبق عليه قول سيد البلغاء علي بن أبي طالب(عليه السلام): (أحمق الناس من يمنع البر ويطلب الشكر، ويفعل الشر ويتوقع ثواب الخير)، والمواطن العادي يعيش يوميا صفحات مؤلمة من السكوت عن الحق لأجل سلامة وديمومة مكتسباته وامتيازاته ومصروف جيبه عامر ومتخم؛ والنتيجة اصبحنا نعيش حياة مادية بلا طعم او لون او رائحة، لأنها باتت حلبة مصارعة تنعدم فيها ابسط مقومات الإنسانية وعنوانها من يفوز باي ثمن.
قنوات فضائية واجتماعية ومهنية وسياسية تحرض على الطائفية من أجل السلطة والنفوذ، وفي الوقت نفسه تلقي الخطب والشعارات حول النزاهة والوحدة الوطنية ومصلحة البلد، والحقيقة أن العراق بالنسبة لهم ليس سوى أكياس اموال وتحريض طائفي لا مثيل لقبحه.
وليس مستغربا، ان نكون حقراء لأننا سكتنا عمن قادوا العملية السياسية تحت حراب الاحتلال، واليوم نسكت عن تجاوزات كثيرة ولا نعترض ومنها؛ لم تقم نقابتنا وكل الشرفاء بالاعتراض على نائب برلماني ائتمنه الناخبون على حياتهم وحرياتهم وكراماتهم وأرزاقهم، حينما يتمادى في افكاره الطائفية، ويكتب على الفيسبوك قائلا “الفلوجة رأس الأفعى، فمن أراد الحل فعليه بالفلوجة، اجعلوا عاليها سافلها، قربةً لله”.
ومن هذا النموذج ألوف الألوف من المتعصبين الطائفيين الإرهابيين المتعطشين لدماء من يخالفهم برأي أو عقيدة، اليسوا هؤلاء ومن يسكت عنهم حقراء؟ لان امرا لله هنا فيه مقال من خلال الاعتراض والتصدي له.
السنا مسلمين وديننا دين الرحمة والمودة وطلب منا ان نكون اخوة متحابين متألفين بقوله:
 {المسلم أخو المسلم}. { لا يظلمه ] أي: لا يعتدي عليه { ولا يحقره } أي: يستهين به.
أن داعش دخلت من باب المظالم السنية لتبني قصر الرعب والدمار والموت الجماعي للعراقيين، كما أنها ولدت من الدم إلى الدم ومن فوق التخلف إلى قعره ومن حضيض الروايات والتلفيقات والكتب المتطرفة، وكذا الامر بصدد المليشيات؛ والغالبية ساكتين: اما من باب الخوف او الترهيب او الترغيب؛ السنا حقراء؟
ان بلدنا بحالة انقسام طائفي عامودي واصطفاف مذهبي افقي، والا كيف يتحول طقس ديني في حي مجاور إلى طقس جرمي في حي آخر، ونحن ساكتين عن امرا لله فيه مقال، السنا حقراء؟
فقد تبلورت جماعات (محامين وسياسيين وحزبيين) من محترفي الكلام (افاقين) لهم القدرة على تلوين الاشياء وفقا لمصالحهم وحاجات الذين يوكلوهم، ونحن ساكتين عنهم السنا حقراء؟
 ونرى اليوم الشتم والتخندق الطائفي ماثل في صفحات الفيس بوك خصوصا بين المحامين ولو اطلعت على ما يكتب من تعليقات ومواضيع لوليت منهم فرارا بسبب ضحالة ودونية ما يكتب لأنه بعيد عن اخلاق رجل القانون بل اني وجدت بعضها لا يقوم به رجل الشارع، وأفرزت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من المصطلحات والافكار والمقولات، تراوحت بين الاكاذيب والأوهام والتلفيقات والفبركات والشتائم والمصطلحات الغريبة على التمدن، وعبارات يخجل الانسان من إعادتها، وتحول الاعلام بقنواته المتعددة الى ميدان للمنازعات ذات الخصومة العنيدة والمناكفات العقيمة، اصطاد فيها أصحاب الأهواء والأمزجة بهدف تشويه صورة وسمعة خصومهم السياسيين والمحامين بعيدا عن الامانة والحياد والموضوعية، وتلونوا واتخذوا مختلف الأشكال والألوان وحسب الظروف، ونفذوا ما أنيط بهم من مهام مستفيدين من الظروف المحلية والإقليمية والدولية، وحاولوا اسقاط الماضي على الحاضر بتأجيج مشاعر الناس البدائية وإثارة حماسهم بالعنف والقوة وبالتهديد، السنا حقراء لأننا ساكتين عن امرا لله فيه مقال؟
وبنفس الطريقة السياسيين وبقية المكونات لديهم حماسة فائقة في الشتم المبتكر، ولن تجد من يناقشك بالحجة والبينة والحوار العقلاني الموضوعي، ويتناول ما تقوله او تكتبه بالتحليل والتفصيل، بل يكتفي بالعنوان، ثم يبدأ بالضرب تحت الحزام، وكأن هناك غرفة عمليات ساهرة تراقب الاخرين تعطي إشارة الهجوم لتنطلق القنوات والكتائب والمليشيات الجاهزة المدربة المسلحة (ناريا وغازيا) لتشوي صاحب الراي او الموقف او المقال، بنفس الطريقة التي أقدم فيها تنظيم داعش والمليشيات على حرق مواطنين وهم احياء وبمشهد حرق غير معهود، والعياذ بالله.
اليس هؤلاء لبسوا ثوب الحق على فصال الباطل، فهؤﻻء مصداق لقول اﻹمام علي عليه السلام:
(أﻻ وإن من ﻻ ينفعه الحق يضره الباطل، ومن ﻻ يستقيم على الهدى يجره الضلال الى الردى)
ونحن ساكتين عن امرا لله فيه مقال، السنا حقراء؟
إن أســـوأ الشعــوب شعوب تمسك بها النيران من كل جانب ولا تحاول حتى أن تصرخ، وتنتهك حرماتها أجهزة امنية فاسدة ولا تعترض، وتحيط بها النكبات من كل مكان ولا تحاول حتى أن ترفض، ويحكمها الشر وترضى، ويحكمها قضاة فاسدين ولا ينتفضوا، ويتصدر مهنة المحاماة المرتشين والراشين والمزورين وشذاذ الافاق ولا تنتفض غيرتهم لوقف ذلك، ويسود فيها الصغار وترضخ، ويتكلم بها الرويبضة وتسكت، ويتسيد امرها من هو غير مؤهل لذلك وتسكت، ويذبح فيها الشرفاء كل يوم وتضحك! يمدحون الذئب وهو خطر عليهم، ويحتقرون الكلب وهو حارس لهم ! كثير من الناس يحتقر من يخدمه، ويحترم من يهينه!.
وتذكروا دوماً أن العبيد هم الذين يصنعون الطواغيت؛ إذ الحرية لا توهب لأنها ليست صدقة، وإنما تؤخذ لأنها حق، والذي يولد ليزحف لن يتمكن يوماً من الطيران، ولن يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا كنتَ منحنياً، وتذكروا دوما أن الظلم والفساد يحيا بالسكوت.
هناك ضرورة لقول (كلمة الحق) في شؤون العراقيين وخصوصا المحامين الذين بقي في نفوسهم الحفاظ على الغيرة والمهنية ومقومات الرجولة، واللائي بقي في نفوسهن الحياء والمهنية والعفة والتصون إلى العمل الجدي الحازم على إرجاع العراق بكافة مكوناته الى الجادة الوطنية الصحيحة.
وهناك فرق بين الأسد وصورة الأسد والحرير الصناعي والحرير الطبيعي، وقول الحق بوضوح من غير لف او دوران او مغالبة، ووصف الأشياء بأوصافها الصحيحة، أفضل واثمن من أن نصف رجل يعلن عداءه للعراق علنا او خفية او كذبا، بأنه (صديقنا) والله تعالى ومثلنا وقيمنا العشائرية والعروبية واخلاق مهنتنا منعتنا من ذلك، ونربأ بأنفسنا أن نضعف ونستخذي فنصف دولة من الدول او امة من الأمم تنتهك حقوق مواطنيها وتحكمهم بالحديد والنار، وتهتك أعراضهم وتنتهب أموالهم وتسوقهم لمحاكمات ظالمة غير عادلة، بأنها دولة او أمة (صديقة) أو بأنها دولة او أمة (الحرية وحقوق الانسان).
وعندما نقول هل نحن حقراء، فإننا نقولها من وجهة نظر اخلاقية، لأنه لا قيمة للدين والمهنية والانسانية بدون الاخلاق وتجسيدها في كل اعمالنا ومهنتنا، ان لم ينتفض المواطن وبخاصة المحام بوجه الباطل والظلم والفساد، ولا قيمة للإنسانية بدون النصيحة والاصلاح وحب الخير والعمل المشروع، والعار كل العار لمن لا يقول الحق، ولا كرامة دون ذلك والشعب الذي يقبل بالمسؤول الفاسد او يدافع عن المجرم والمزور ولا ينصر المظلوم شعب لا يستحق الحياة، وملعون في الدنيا والاخرة.
ان الأكاذيب هي جرعة مسكنة ضد الحقائق ولكنها لا تستمر، لأن عالم الصدق أوسع منطقاً من الكذب، وأسرع وصولاً الى قلوب الصادقين.
وبناء على مامر آنفا، وتنفيذا لما تفضلنا به سأعتبر نفسي لم أكتب شيئا على الأطلاق، لأني اعرف ان مضمون مقالتي سيكون محل استهجان البعض وسخرية اخر وثناء اخرين، مع الاحترام والاعتبار العالي لمن تكون اخلاقه وتربيته خارج مضمون مقالنا، وكان لديه قول عندما يكون هناك امر لله  فيه مقال.
وأخيرا: روي عن امير المؤمنين على بن ابي طالب عليه السلام انه قال في خطبة له: (الزوراء وما ادراك ما الزوراء، ارض ذات أثل، يشيد فيها البنيان،…. يتخذها ولد العباس موطناً ولزخرفهم مسكناً، تكون لهم دار لهو ولعب، ويكون فيها الجور الجائر والخوف المخيف والائمة الفجرة والامراء الفسقة والوزراء الخونة، يخدمهم ابناء فارس والروم، لا يأتمرون بمعروف اذا عرفوه، ولا يتناهون عن منكر اذا انكروه، تكفي الرجال منهم بالرجال، والنساء بالنساء، فعند ذلك الغم العميم والبكاء الطويل، ..).