المعضلة القائمة بين بغداد وحكومة كردستان هي اكبر من اعادة فتح مطارات وزيادة او عدم زيادة حصة الأقليم في الميزانية , وحتى اكبر من جعل المنافذ والمعابر الحدودية تحت تصرّف الدولة , المعضلة مع الأقليم شائكة ويبدو في أحد جوانبها أن يراد لها دولياً أن تبقى مشتعلة , ويعزز ذلك ضعف الحكومات العراقية التي تعاقبت بعد الأحتلال , وكذلك علاقاتها الخاصة مع الجارة الشرقية , فعدا أنّ الأقليم الآن بدون رئيس , بعد تنحي السيد مسعود البرزاني بعد فشل الأستفتاء , وأنّ أيّ مَن يحكم الأقليم ” وبأيّ مستوى ” فيجب أن يكون من عائلة البرزاني , فلماذا وجود برلمان في الأقليم اذن , وكيف جرى منع رئيس البرلمان الكردي السيد يوسف محمد من دخول اربيل .! , فأين شرعية قيادة الأقليم لتمثّل أقليماً اضحى افتراضياً وفق القانون الدولي للأقاليم .! وكذلك خلافات الأحزاب الكردية الأخرى مع حكومة الأقليم < ونشير هنا جانبياً الى الأستغراب السياسي لبقاء السيد قوباد الطالباني في منصبه بعدما اتهمت القيادة البرزانية للأتحاد الوطني الكردستاني بالخيانة ! ولا نودّ التعليق عن اسباب ذلك > .
لا يوجد هنالك ايّ مفهوم او مواصفات تحدد معنى < اقليم في ظلّ دولة > كما يجري في دول العالم , فالجيش العراقي ممنوع عليه حماية ومراقبة حدوده مع ثلاثة دول في شرق وشمال وغرب الأقليم , ممنوع عليه دخول الجيش حتى ولو بدون أسلحة .! بل محظورٌ وممنوعٌ على ايّ سيارة شرطة نجدة او شرطة مرور من دخول الأقليم .! وحدثَ ذات مرّه سابقا أن دخلت طائرة استطلاع عراقية في اجواء الأقليم فأطلقت البيشمركة النيران عليها وارغمتها على العودة .! , فمَن يحكم العراق . !
وفي ملاحظة التأثير والنفوذ الأوربي المضاد لسيادة الدولة العراقية , ففي يوم 24\11\2017 طلب وزير خارجية المانيا ” سيغمار غابريل ” من الحكومية العراقية زيارة بغداد والأقليم , لكنّ بغداد رفضت زيارته للأقليم فألغى الزيارة بكاملها , وفرحنا وسُررنا بجرأة وشجاعة الحكومة العراقية بشهامة وشجاعة موقفها هذا , لكنّ الأنكى , والأنكى من الأنكى أنّ < وزيرة دفاع المانيا > السّت ” اورسولا فون دير لاين ” جاءت الى بغداد يوم امس الأول , والتقت بالسيد العبادي , ثمّ طارت مباشرةً الى اربيل لتفتتح مستشفى الماني خاص لقوات البيشمركة وبكلفة 6 ملايين يورو , لماذا لم يكن المستشفى الألماني متاحاً ومخصصاً لكلّ المواطنين الكرد في اربيل .! ولمَ تحديده للبيشمركة فقط .؟ ونؤشّر هنا أنّ حكومة المانيا ومنذ سنة 2014 قامت بتدريب 10000 مقاتل من قوات البيشمركه , وقدّمت 100 مليون دولار لتلك القوات الكردية , بالأضافةِ الى ارسالها اسلحة و معدات وتجهيزات عسكرية وبدفعاتٍ مستمرة . ماذا تستفيد المانيا مقابل كلّ تلك المصاريف والنفقات .! والألمان يحسبون للفلس الواحد الف حساب .! وهل كانت تجرؤ حكومة ميركل على ذلك لولا بتكليفٍ او ضغطٍ من الأدارة الأمريكية .! , ومن المفارقات الملفتة للنظر أنّ المستشفى الألماني الذي جرى افتتاحه امس الأول , لم يفتتحه السيد وزير الصحة الألماني , بل وزيرة الدفاع , ويبدو لنا أنّ ذلك كان مقصوداً وبأستخفافٍ وازدراءٍ للحكومة العراقية .!
والى ذلك , فقد تمكّنَت الكوادر الكردية من ادارة وتشغيل حقل فورماله مباشرةً منذ سنة مباشرةً منذ سنة 2008 , وكذلك حقلي هافانا وباي حسن منذ عام 2014 وهي تنتج 250000 برميل يومياً .وبجانب ذلك فقد استولت قوات البيشمركة على حقول نفطية تنتج بين 340 الى 550 الف برميل يومياً وقامت بتصديرها وجزءٌ منها الى اسرائيل , ومن خلال هذا فأنها جريمتان , فهي سرقة في وضح النهار من الدولة العراقية , والأخرى فأنهم من واردات هذا النفط المسروق فَلم يدفعوا رواتب موظفيهم ومنذ وقتٍ طويل .!
فتحتَ أيّ بندٍ قانوني واخلاقي وجنائي يتوجّب على الحكومة العراقية دفع حصة الأقليم من الميزانية ! وأنّ استرداد اموال النفط المسروقة هي ضربٌ من ضروب الخيال .! ومع كلّ ذلك فالعراق لا يتخلّى عن تسديد حصة الأقليم .!
وكما اشرنا في اعلاه , فالمسألة مع كردستان وقياداتها شائكة ومعقّده , وطالما كانت وما برحت تفتقد حزم المعالجة من قِبل حكومات ما بعد الأحتلال وخصوصاً من قِبل حكومة السيد العبادي, ومع الإدراك المسبق لمداخلات وتعقيدات هذه الفترة التي تسبق الأنتخابات والتي فيها من المزايدات والمناكفات المحرجة لكلّ الأطراف ! < حتى امسى عدوّ الكرد من أقرب المقربين اليهم .! > , فالوضعُ مع حكومة الأقليم يبقى معلّقاً ” على أقلّ تقدير ” الى ما بعد الأنتخابات في شهر أيّار القادم .
ثُمّ اخيراً , فمع النفس الطويل الذي يفترضوه الكثيرون لرئيس الوزراء ” اذا ما صحّ هذا الإفتراض الممكن ” , فمن الصعب أن يُغفَر للسيد العبادي عدم اصداره اوامره بغلق كافة القنصليات الأجنبية والعربية في اربيل , وخصوصاً القنصلية الأمريكية , وهذا حقٌّ مشروع في القانون الدولي ولا ذرّةِ خشيةٍ او غبارٍ عليه !