وهل إن تركيا عدو لنا؟ فالمعطيات على الأرض تشير الى صدام محتمل بين أكثر من طرف إقليمي ومحلي على خلفية حرب التوازنات، وصراع المصالح، ومحنة البقاء والوجود، والخشية من تهديدات محتملة، وماأعتقده ويراه كل منصف وحريص على مستقبل بلده أن تركيا ليست عدوا لنا ،ولسنا بأعداء لتركيا، وجميع العراقيين ومعهم الأتراك يتطلعون الى تحقيق مكاسب إقتصادية وسياسية خلال الفترة المقبلة برغم كل الحساسية والإحتكاك الذي يبدو خطرا لكنه غير ملائم لغد الأمم المتجاورة.
الإيرانيون الذين لديهم تحالف عميق مع الكتل الشيعية والمجموعات المسلحة الرافضة للوجود العسكري التركي غير المقبول عرضوا الوساطة بين بغداد وأنقرة، فطهران لايمكن أن تخسر تحالفها الإستراتيجي مع تركيا على مستوى الوجود السياسي والمصالح الإقتصادية، ونوع إشتباكها الدولي والإقليمي، فكلا الطرفين يجد في الآخر إنه المتنفس له عندما تشتد المواجهة مع أطراف دولية كبرى، ولذلك كان للأتراك دور في مساعدة الإيرانيين على تجاوز محن عديدة بالمقابل فإن النظامين السياسيين يتناغمان في الغالب على وحدة المصير والإرتباط العقيدي بوصفهما نظامين أصوليين محتكمين الى قواعد الصراع الذي يتأسس على وفق معادلة التوازن والتحالف، وهذا يعني إن إيران لا تمانع كثيرا لو تصالحت بغداد وأنقرة، وتواصلتا، وحلتا المشاكل على الحدود وبوساطة منها كما صرح مسؤولون إيرانيون بذلك.
الوجود الكردي، والموصل، والصراع على كركوك، وعلاقة بغداد بكردستان، ووجود التركمان، والنزاع الطائفي، وماض من العلاقات ممتد عبر التاريخ عوامل ساعدت في تأجيج نوع من الإحتقان ليس في مصلحة بغداد ولاأنقرة خاصة وإنهما شريكان تجاريان، ويعتمد العراق على مياه نهري دجلة والفرات وهما يتدفقان من أراض تركية، بينما تتعدد المصالح النفطية والتجارية بينهما، ويزداد حجم التبادل التجاري بين البلدين عاما بعد عام، وهناك رجال أعمال عراقيون وأتراك لديهم الرغبة في العمل المشترك، بل إن رجال أعمال عراقيين كثر لديهم مشاريع في تركيا وإستثمارات مشتركة.
يتشكل البرلمان العراقي من قوى فاعلة عديدة بعضها على خلاف مع الجانب التركي، بينما لاتوجد مشكلة لدى كتل أخرى في إيجاد نوع من التفاهم بين البلدين عبر عنه التحالف الوطني وإتحاد القوى، وهناك قوى برلمانية مؤثرة تحتفظ بعلاقات جيدة مع أنقرة وهو الحال الذي ينطبق على قوى شيعية حليفة لإيران، وبالتالي يمكن لمجلس النواب ورئيسه الدكتور سليم الجبوري ومن خلال تفاهمات داخلية وضع إستراتيجية للحل، والتباحث مع الجانب التركي، فليس مفيدا البتة وجود هذا الخلاف والمشاكل التي لن تقدم الدعم للوضع العراقي، ولا للتركي، وكلاهما بحاجة الى تطوير علاقات مشتركة مبنية على أساس الإحترام المتبادل، وتغليب المصالح على المشكلات في مرحلة صعبة وقاسية قادمة، ولابد من التأكيد على وجود هذه الرغبة الإيجابية لدى الغالبية العظمى من الشعبين، ويجب إحترام هذه الرغبة.