23 ديسمبر، 2024 2:57 م

تحت عنوان : (المؤلف والقارئ) كتبتُ ، عن أزمة الكتاب العراقي : تأليفاً وتسويقاً . وعن مأساة المؤلف العراقي وهو يعاني الأمرين ، عندما يقدم على تأليف كتاب وطبعه وتسويقه .
    وفي سياق ذلك المقال ، استذكرتُ لقاءً جمعني مع الآثارية العراقية سهيلة الجبوري . كان لقاؤنا عام 1979 ، وفي مقر عملي بالدار الوطنية للتوزيع . الأكاديمية الجبوري ألَّفت وطبعت كتاباً عام 1975 ، حمل عنوان : (الخط العربي وتطوره حتى نهاية العصر الأموي) . كانت مبيعات الكتاب محدودة جداً من تاريخ صدوره ، حتى تاريخ لقائنا . تحدثت الاكاديمية سهيلة عن المها تجاه بقاء ألف نسخة من كتابها ، لم يتم بيعها . وقالتها بصراحة معجونة بألم كبير : حاولتُ أن ألقي النسخ الألف بالتنور ، لكن إبنتي منعتني من ذلك . وأتذكر أنني ككاتب ومؤلف ومكلف بالخدمة العامة ، قمت بواجب مساعدتها ، فاستحصلتُ الموافقة من وزارة الثقافة والاعلام على شراء هذه الكمية .
المؤلف يحرق كتبَهُ
    ويتكرر المشهد ذاته . فقد شاهدتُ على فضائية عربية تمثيلية تحكي قصة مؤلف يعاني الاحباط ، فيضطر لعرض كتابه على الرصيف ، ومحاولة بيعه . ولاحظ ان المشترين يتوافدون على بائع الملابس بجواره ، ولا أحد يقصد المؤلف . يستسلم المؤلف للاحباط ويقرر حرق كتابه ، تماماً كالذي عزمت عليه الاكاديمية سهيلة الجبوري .
    وفعلاً أحرق كتابه ، وهنا هرعتْ سيارات الاطفاء ومراسلوا الاذاعات والتلفزيون الى مكان الحريق ، وقامتْ فضائية بنقل المشهد هنا إنتشر الخبر – المأساة . وفجاة توالتْ الاتصالات الهاتفية بالمؤلف يطلبون كذا ألف نسخة من كتابه . وكانت قمة الطلبات : اتصال من ناشر اوربي يدعو المؤلف للحضور الى باريس لتوقيع العقد مصحوباً بشيك بمبلغ كبير .
تساؤل ولا إجابة
    والتساؤل المشروع ، أمام كساد الكتاب العراقي داخلياً ، وعدم وصوله الى خارج العراق ، هو : هل يبقى الكتاب العراقي (طباعة وتسويقاً) دون دعم حكومي ملموس ؟ والى متى يبقى غياب هذا     الدعم ؟ .
    وثمة تساؤلات أخرى : هل يضطر المؤلف العراقي لاحراق كتبه ليخترق جدار الصمت ؟ هل تبقى كتبه تفترش الرصيف لتباع النسخة بأقل من دولار إن وجد من يشتري ؟ .
    وأين العلة في هذا الكساد : في المؤلف ، في الناشر ، في القارئ ، في القطاع الحكومي المسؤول عن الثقافة ؟ .
    ويقول الخبر : في مدينة كركوك ، أقدم مؤلفون على إحراق كتبهم . فهل تصبح هذه المبادرة الفردية ظاهرة ؟ .