كشف النائب هادي السلامي أن سحب قانون الحشد الشعبي تم عقب اجتماع للإطار التنسيقي، وأن الأخير اجتمع وقرر سحب القانون، مؤكداً أن السوداني نفّذ قرارات الاجتماع، ولم يتم إرجاع القانون حتى الآن.
وبهذا يُحسم الجدل حول قانون الحشد الشعبي الذي أرادت واشنطن من خلاله فرض قرارها بالترهيب تارة وبالترغيب تارة أخرى، بين فرض عقوبات اقتصادية وأمنية وسياسية وعسكرية، وبين المساعدة وحماية العراق من أي خطر. ولم تُخفِ واشنطن رغبتها أو تخجل من رفضها إقرار قانون الحشد، ووضعت العراق أمام خيارين: إما التصويت على القانون وفرض واقع جديد، أو رفضه تماماً دون نقاش.؟
وأكدت أن القانون سوف يطلق يد إيران في العراق في وقت تسعى واشنطن إلى تحجيم دورها بعدما فشلت في حربها الصاروخية ضد إيران. وهنا يسأل الكثيرون:” لماذا الخوف من إقرار القانون”؟ فإن واشنطن تقول إن قوات الحشد الشعبي ستتحول من هيئة مؤقتة تابعة لرئيس الوزراء، والتي يُعاد تخصيص تمويلها سنوياً في كل ميزانية، إلى مؤسسة ممولة بشكل دائم على غرار الوزارات أو الهيئات المستقلة، وأن استمرار الحشد بهذه الصيغة سيقوّض مستقبل الجيش العراقي، ويجعل من الصعب تحقيق أي إصلاحات عسكرية حقيقية ” حسب قولهم.” والحقيقة غير ذلك!
شأن داخلي
وبرغم كون هذا القانون شأنًا داخليًا بحتًا، إلا أن أمريكا تصر على رفضه وتتدخل حتى في التفاصيل، مما يضع القوى السياسية في العراق على المحك. واتخاذ قرار من شأنه إثارة غضب واشنطن ليس أمرًا مستساغًا ولن يكون ثمنه إلا باهظًا. وبما أن العراق يستعد للانتخابات، فإن كل فريق يبحث عن تحقيق منجز، فقوى الإطار أمام اختبار صعب عليها أن تدافع عن القرار كون جمهورها الانتخابي هو من قوى الحشد، فيما يرى البعض أن المرجعية وضعت النقاط على الحروف وأشارت إلى ضرورة حصر السلاح بيد الدولة في إشارة صريحة إلى رفض السلاح المنفلت، خاصة بعد حادثة وزارة الزراعة.
أما السوداني الذي يبحث عن طائرة توصله نحو الولاية الثانية، فهو ليس بأفضل حال من خصومه، حيث وقع بين المطرقة والسندان؛ بين محاولة استرضاء واشنطن وإبعاد كرة النار، وبين إقناع قوى الإطار التي جاءت به. وإن محاولة مسك العصا من المنتصف سياسة غير واقعية الآن لخطورة الأمر على البلاد. فعلى السوداني أن يكون واثقًا من نفسه، ويعزز سلطته باتخاذ القرار الذي يُجنب البلاد ما تخطط له واشنطن، وهو الأقدر على قيادة المرحلة وإبعاد كرة النار التي باتت قريبة جدًا.
نجاح أمريكي
ثمة أمر مهم، فإن الولايات المتحدة نجحت من خلال رسائل الترهيب والترغيب في حسم ملف سياسي معقد جدًا، أدخل القوى السياسية في العراق إلى منكافات وسجالات وجولات انقسمت فيها القوى السياسية؛ فالكرد والسنة وبعض القوى الشيعية رفضوا عدة مرات الدخول للبرلمان حتى لا يمر القانون. في المقابل، صعّدت قوى الإطار من لهجتها ضد القوى المعارضة للقانون، مذكرة الجميع بموقف الحشد.
رد الجميل
إن قوى الإطار دائمًا ما تظهر بوسائل الإعلام وتذكّر بتلك المواقف الشجاعة لأبناء الحشد الذين حفظوا للعراق هيبته ولبّوا نداء الوطن عندما استغاث بهم، فمن باب الإنصاف تمرير قانون يضمن حقوقهم، ويضع لهم توصيفًا قانونيًا، ويوفر لهم الحماية من واشنطن التي ترى أن الحشد يهدد مصالحها في المنطقة.
طي الصفحة
يجب طي هذه الصفحة الآن، لأن الجميع بات يدرك تمامًا خطورة المغامرة ورفض القرار الأمريكي. وعليه، فإن من الأفضل وضعه على الرفوف مؤقتًا، ويجب توجيه البوصلة إلى ما هو أهم، من خلال الاستعداد للانتخابات العامة التي ربما ستفرض واقعًا جديدًا.بعدما تصاعد الرفض الشعبي للانتخابات وربما يكون للمستقلين كلمة تغير الخارطة السياسية للتٌحالفات التقليدية
فإذا تهيأت الظروف للإطار مرة أخرى، فإنه يسهل عليه تمامًا إقرار القانون في أول جلسة برلمانية، وإن حدث العكس وعاد السوداني، فهذا يعني حتمية المواجهة التي كانت مؤجلة.!؟