على وقع ما يجري بشرق وشمال شرق سورية ” دير الزور والرقة” وما يتوقع ان يجري بـ “ادلب وريف حماه الشمالي الغربي وحلب الجنوبي الغربي ” ، تزداد الزيارات واللقاءات بين الروس والإيرانيين والاتراك ، والهدف المعلن على الاقل من قبل إيران وروسيا هو وضع حلول وخارطة طريق تضمن نهاية سياسية للحرب على سورية ، ورغم بعض الحديث والتحليل غير المتفائل الذي ابداه البعض بخصوص هذا اللقاءات على وقع التعنت التركي ببعض ملفات ومحاولة الالتفاف على اخرى ” ميدانية وسياسية ” الا أن الواضح هو نشوء حالة من التقارب بين الروس والاتراك والايرانيين بخصوص الملف السوري وطرق معالجته ، وهذا ما أفرز بدوره ما يسمى بـ” مؤتمر الأستانة ” ..وهو عبارة عن خارطة طريق عسكرية تضمن الوصول بالنهاية إلى حل سياسي توافقي للملف السوري .
الروس وبدورهم يبدو أنهم سئموا من مماطلة الأمريكان أو بالاحرى عدم رغبتهم بالوصول إلى توافق ما أو صيغ ما تضمن الوصول إلى تفاهمات مشتركة تفضي بالنهاية إلى وضع خارطة طريق توصل إلى خاتمة سياسية للملف السوري ،وحتى مع الحديث عن تفاهمات تمت حول جنوب غرب سورية ، فالأمريكي حرف بقصد مضمون هذه التفاهمات لا وبل انقلب على بعض بنودها قبل صدورها ، وهنا فالروس تيقنوا أن قرار أمريكا باستمرار الحرب على سورية لايستطيع تغييره ترامب بدون موافقة المؤسسة العميقة الحاكمة بواشنطن ،والتي مازالت بدورها تراهن على استمرار الحرب بسورية ،وهو ما يخدم بشكل أو بأخر مصالحها بسورية والمنطقة بمجموعها .
الروس بدورهم وبعد أن سئموا من مماطلة واشنطن ،قرروا الذهاب باتجاهات أخرى ، بمحاولة تقريب وجهات نظر القوى الاقليمية المؤثرة بشكل كبير بالملف السوري ،ونجحوا إلى حد ما بتقريب وجهات النظر بخصوص الملف السوري بين الاتراك والإيرانيين وما زالوا يعملون لاقناع السعودي للانخراط بهذا الاتجاه الذي يضمن على الاقل بناء تفاهمات شاملة حول نهاية سياسية للملف السوري، وهذا بالطبع سيتم دون التأثير على استراتيجية كل بلد في المنطقة العربية والإقليم ككل ، رغم أن هناك اختلافآ في تعاطي الرياض وأنقرة وطهران في التعامل مع الحرب على الدولة السورية، ولكن هذا لاينكر أن هناك تنسيقا وتبادلآ للزيارات ووجهات النظر بشأن هذا الملف بين الاتراك والايرانيين من جهة وبين الاتراك والسعوديين من جهة اخرى، بالمحصلة نجحت موسكو بعقد اجتماعات وتفاهمات ثلاثية “روسية – إيرانية – تركية ” وتسعى لضم السعودي لها تضمن إلى حدما ورغم المشاغبة التركية تعهد مجموع هذه القوى الدولية والاقليمية بإطلاقِ مفاوضاتٍ سياسية شاملة بين الحكومة والمعارضة السورية بناءً على القراراتِ الأممية، ووقفٍ شامل لاطلاق النار بالاضافةِ الى تعزيز الجهودِ الانسانية.
وعلى محور أخر ،فقد شكل هذا المسار الروسي بالملف السوري صفعة قوية لواشنطن ، التي أبدت امتعاضها من هذا المسار الروسي ،ومن الصيغ التوافقية التي اجمع عليها تقريباً معظم اللاعبين الفاعلين بالملف السوري في ظل غياب الطرف الأمريكي إلى حدما ” هذا ما يظهر إعلامياً “عن هذه التفاهمات وعن قراراتها “العلنية والسرية “.
ختاماً ، يبدو واضحاً أن ” التفاهمات الثلاثية والسعي لضم السعودي لها”بتوقيتها ونتائجها وتداعياتها ،ستكون علامة تاريخية فارقة بمسار الحرب على سورية ، وهو ما سيفتح الباب مستقبلاً لتطورات هامة سياسياً بالملف السوري ” مؤتمر سوتشي” 1″ ،وهذا بدوره سيعجل من وضع حد للمأساة التي عاشها الشعب السوري منذ سبعة أعوام مضت.