23 ديسمبر، 2024 2:07 م

هل نتجه الى تطبيق الاحكام العرفية ؟

هل نتجه الى تطبيق الاحكام العرفية ؟

ان عودة الرئيس الميمونة الى البلاد التي طال ترقبها باحر من الجمر . سيما ان الاوضاع المشحونة بالتوتر والخلاف لا تحتمل التأخير او الانتظار حيث وجوده ومساعيه المبذولة لم تتوقف في سبيل نزع فتيل الازمة وايجاد تسوية سياسية تقبل بها الاطراف المتنازعة . ومحاولاته الدؤوبه في جمع الفرقاء المتخاصمين على طاولة الحوار , وتعهداته المستمرة في العمل على ايجاد مخرج مشرف للازمة الطاحنة , وحث كل الاطراف السياسية على تقريب وجهات النظر وتقديم تنازلات متبادلة وعودة جسور الثقة المفقودة من اجل الصالح العام , وانقاذ العملية السياسية من خطر الوقوع في دائرة الفشل .. ان عمق الفجوة بين الاطراف المتخندقة عميقة والخلاف السياسي متباعد ومتناقض ومتنافر وهنا تكمن صعوبة الجهود في ايجاد قواسم مشتركة من اجل الوصول الى توافق سياسي بما يخدم تطلعات الشعب وتحقيق اهدافه في الحرية والكرامة والعدل بعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة . ان كل الجهود تعمل من اجل ايجاد ارضية مشتركة وصولا الى الانفراج السياسي وتمزيق شرنقة التخندق والاحتراب الذي انعكس بشكل سيء وسلبي على الاوضاع السياسية والامنية وخطر فلتان الامور او عدم السيطرة عليها نتيجة الوضع السياسي الساخن . ولهذا ستكون مساعي الرئيس صعبة ومعقدة ومتشابكة بالتناقضات , ونعرف تمام المعرفة بان الرئيس لايحمل عصا سحرية ولا يحمل وصفة طبية لعلاج العملية السياسية التي تعاني من مرض عضال قد يقودها الى الشلل التام . لان هناك جملة من المشاكل والمعوقات لا يمكن التغلب عليها ببساطة وخاصة ان بعض السموم الصفراء تدفع بها الى منحدر خطير وتضع العصي والعراقيل في عجلة الانفراج والتوافق السياسي , وتسد الابواب والنوافذ وتقطع خيوط التواصل وتخنق المبادرات الحميدة والحريصة على مصالح الوطن والشعب , وياتي من هذه السموم تصريح الامين العام لمجلس الوزراء ( علي العلاق ) بقوله , بان حل المشكلة يكمن في تجميد او حل البرلمان . اي بمثابة اسقاط الديموقراطية وعودة الدكتاتورية مجددا بثوب وغطاء جديد , وهذا ما يؤكد مساعي ورغبة واصرار بعض الاطراف السياسية المتنفذة في سلوك هذا الطريق الوعر بالالغام من اجل الانفراد بمفاصل السلطة والسيطرة الكاملة عليها وابعاد واقصاء اطراف
سياسية اخرى لها وزن وثقل جماهيري وسياسي لا يستهان به , ان مثل هذه الدعوات تمثل انقلاب سياسي خطير محفوف بعواقب وخيمة وهي بالضد من الدستور وتسمم المناخ السياسي بالفوضى العارمة , ومثل هكذا دعوات تبرر قيام اعلان الاحكام العرفية ولو بصورة متقطعة من التنفيذ .. لاشك ان اداء البرلمان ضعيف وهزيل في الحياة السياسية , وان اعضاء البرلمان هم مجرد ارقام وان القرارات والتشريعات والتوجيهات والتعليمات تاتي من خارج البرلمان وما عليهم سوى التوقيع او التصويت دون مناقشة او تمحيص , وان اغلب الاعضاء مسلوبي الارادة ولا يسمح لهم بالمخالفة او العصيان او حتى الانتقاد البسيط . لهذا السبب بان الوضع السياسي هش ولا يصمد امام اية هزة او انعطاف كبير . وهنا تكمن صعوبة رئيس الجمهورية بفرض الدستور بغرض ايجاد حل سياسي يقوم على التوافقات المشتركة في سبيل الانفراج وعبور الازمة . لهذا على الاطراف السياسية ان تدرك مهمتها الوطنية والاخلاقية وتقدر حجم مسؤوليتها وتتفهم حجم المخاطر وعواقب الفشل في ظل الاوضاع المتردية , وفي ظل تفاقم طاعون الفساد المالي والاداري , ومثال واحد من بين مئات الامثلة , هو ضياع ( 27 ) مليار لمعالجة ازمة الكهرباء , لو كان هناك حرص ومسؤولية ونزاهة في اختيار الكفاءات , لكان العراق يملك طاقة كهربائية تفوق حاجته المحلية . وهنا يطرح التساؤل الصارخ , كيف اقليم كردستان استطاع بمبلغ مليار ونصف ان يوفر ( 20 ) ساعة يوميا من الطاقة الكهربائية , و ( 27 ) مليار لا توفر سوى اربع او خمس ساعات يوميا من التيار الكهربائي ؟؟ .ان العلاج المطلوب للازمة السياسية ليس التسكين او التخدير الموقت او الحلول الترقيعية او الهامشية , وانما يتطلب ان تصل السكين الى عظم المشكلة , وان العلاج الجذري الذي يشفي الجروح وينقذ العملية السياسية من خطر التدهور , هو تمزيق الطائفية والمحاصصة والعبور الى بر الامان .